www.sunnaonline.org

الريح الطيبة

عن ‏ ‏النواس بن سمعان ‏ ‏قال: قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم "فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس ‏ ‏يتهارجون ‏ ‏فيها ‏ ‏تهارج الحمر (‏أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير)‏ ‏فعليهم تقوم الساعة". رواه مسلم وابن ماجه وأحمد. و‏عن ‏ ‏عياش بن أبي ربيعة ‏ ‏قال ‏ سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول "تخرج ‏ ‏ريح بين يدي الساعة ‏‏ تقبض ‏ فيها أرواح ‏ كل ‏‏ مؤمن". رواه أحمد

روى أحمد ومسلم عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم "يخرج ‏ ‏الدجال ‏ ‏في أمتي فيمكث أربعين ‏ ‏لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما ( الشك من الراوي) ‏ ‏فيبعث الله ‏ ‏عيسى ابن مريم ‏ ‏كأنه ‏ ‏عروة بن مسعود ‏ ‏فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ‏ ريحا باردة من قبل ‏ ‏الشام ‏ ‏فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في ‏ ‏كبد ‏ ‏جبل لدخلته عليه حتى ‏ ‏تقبضه" ‏ ‏قال سمعتها من رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال"فيبقى شرار الناس في خفة الطير ‏ ‏وأحلام السباع ‏ ‏لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيقولون فما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك ‏ ‏دار ‏ ‏رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في ‏ ‏الصور ‏ ‏فلا يسمعه أحد إلا ‏ ‏أصغى ‏ ‏ليتا ‏ ‏ورفع ‏ ‏ليتا ‏ ‏قال وأول من يسمعه رجل ‏ ‏يلوط ‏ ‏حوض إبله قال ‏ ‏فيصعق ‏ ‏ويصعق ‏ ‏الناس ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه ‏ ‏الطل -الطل: الذي ينـزل من السماء في الصحو وهو‏ أضعف المطر- ‏أو الظل ‏ ‏نعمان ‏ ‏الشاك ‏ ‏فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ثم يقال يا أيها الناس هلم إلى ربكم ‏‏وقفوهم إنهم مسئولون ‏ قال ثم يقال أخرجوا ‏ ‏بعث ‏ ‏النار فيقال من كم فيقال من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين قال فذاك يوم ‏يجعل الولدان شيبا وذلك ‏يوم يكشف عن ساق" ‏قوله (في كبد جبل) ‏أي وسطه وداخله، وكبد كل شيء وسطه. قوله صلى الله عليه وسلم (فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع) قال العلماء: معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كطيران الطير، وفي العدوان وظلم بعضهم بعضا في أخلاق السباع العادية. ‏قوله صلى الله عليه وسلم (أصغى ليتا ورفع ليتا) ‏الليت بكسر اللام وآخره مثناة فوق وهي صفحة العنق، وهي جانبه، و (أصغى) أمال. ‏‏قوله صلى الله عليه وسلم (وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله) ‏أي يطينه ويصلحه. ‏قوله (كأنه الطل أو الظل) ‏ ‏قال العلماء: الأصح الطل بالمهملة، وهو الموافق للحديث الآخر (أنه كمني الرجال) . ‏قوله (فذلك يوم يكشف عن ساق) ‏قال العلماء: معناه ومعنى ما في القرآن {يوم يكشف عن ساق} يوم يكشف عن شدة وهول عظيم أي يظهر ذلك. يقال: كشفت الحرب عن ساقها إذا اشتدت، وأصله أن من جد في أمره كشف عن ساقه مستمرا في الخفة والنشاط له.

عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث ريحا من ‏ ‏اليمن ‏ ‏ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه ‏ ‏قال ‏ ‏أبو علقمة ‏ ‏مثقال حبة ‏ ‏وقال ‏ ‏عبد العزيز ‏ ‏مثقال ذرة ‏ ‏من إيمان إلا قبضته"‏. رواه مسلم والحاكم. قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته) ‏‏‏وأما معنى الحديث فقد جاءت في هذا النوع أحاديث منها "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض. الله الله" ومنها "لا تقوم على أحد يقول الله الله" ومنها "لا تقوم إلا على شرار الخلق" وهذه كلها وما في معناها على ظاهرها.

‏وأما الحديث الآخر "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة"، فليس مخالفا لهذه الأحاديث لأن معنى هذا أنهم لا يزالون على الحق حتى تقبضهم هذه الريح اللينة قرب القيامة وعند تظاهر أشراطها فأطلق في هذا الحديث بقاءهم إلى قيام الساعة على أشراطها ودنوها المتناهي في القرب. والله أعلم. ‏‏‏وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ريحا ألين من الحرير) ‏ففيه والله أعلم إشارة إلى الرفق بهم، والإكرام لهم. والله أعلم. ‏‏وجاء في هذا الحديث "يبعث الله تعالى ريحا من اليمن" وفي حديث آخر ذكره مسلم في آخر الكتاب عقب أحاديث الدجال "ريحا من قبل الشام" ويجاب عن هذا بوجهين أحدهما: يحتمل أنهما ريحان شامية ويمانية، ويحتمل أن مبدأها من أحد الإقليمين ثم تصل الآخر وتنتشر عنده. والله أعلم ا.هـ كلام النووي.

‏‏ روى مسلم عن عبد الرحمن بن شماسة المهري ‏ ‏قال ‏ ‏كنت عند ‏ ‏مسلمة بن مخلد ‏ ‏وعنده ‏ ‏عبد الله بن عمرو بن العاص ‏ ‏فقال ‏ ‏عبد الله ‏ ‏لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ‏ هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم فبينما هم على ذلك أقبل ‏ ‏عقبة بن عامر ‏ ‏فقال له ‏ ‏مسلمة ‏ ‏يا ‏ ‏عقبة ‏ ‏اسمع ما يقول ‏ ‏عبد الله ‏ ‏فقال ‏ ‏عقبة ‏ ‏هو أعلم ‏ ‏وأما أنا ‏فسمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏"لا تزال ‏ ‏عصابة ‏ ‏من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك" فقال ‏ ‏عبد الله ‏ ‏أجل ثم يبعث الله ريحا كريح المسك مسها مس الحرير فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته ثم يبقى ‏شرار الناس عليهم تقوم الساعة.

‏ روى مسلم عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏قالت ‏‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى" فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله ‏هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ‏‏أن ذلك تاما قال "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم".

‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمرو ‏ ‏قال: ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله ‏ ‏‏ شريطته ‏-خياره- ‏من أهل الأرض فيبقى فيها ‏ ‏عجاج -والعجاج من الناس: الغوغاء والأراذل ومن لا خير فيه، واحدهم عجاجة-‏ ‏لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا". رواه أحمد بسند جيد

‏عن ‏ ‏حذيفة بن اليمان ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏"لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا ‏ ‏‏‏ لكع ‏ ‏ابن ‏ ‏لكع". رواه الترمذي وأحمد وغيرهما. وعن ‏أنس ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى ‏‏ لا يقال في الأرض لا ‏ إله إلا الله". أخرجه أحمد بسند قوي. وعن ‏ ‏أنس ‏ أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏‏ "لا ‏ تقوم الساعة حتى ‏‏ لا يقال في الأرض الله الله"‏. أخرجه أحمد ومسلم والترمذي. وعن ‏ ‏أنس ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله ‏ عليه وسلم ‏ ‏ "لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله". رواه مسلم

قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم (على أحد يقول الله الله) ‏هو برفع اسم الله تعالى وقد يغلط فيه بعض الناس فلا يرفعه واعلم أن الروايات كلها متفقة على تكرير اسم الله تعالى في الروايتين وهكذا هو في جميع الأصول. قال القاضي عياض رحمه الله وفي رواية ابن أبي جعفر يقول لا إله إلا الله. والله سبحانه وتعالى أعلم . وقال النووي أما معنى الحديث فهو أن القيامة إنما تقوم على شرار الخلق كما جاء في الرواية الأخرى "وتأتي الريح من قبل اليمن فتقبض أرواح المؤمنين عند قرب الساعة".

وقال الطيبي معنى (حتى لا يقال) حتى لا يذكر اسم الله ولا يعبد. ولمسلم من حديث ابن مسعود "‏لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" ولأحمد مثله من حديث علباء السلمي بكسر العين المهملة وسكون اللام بعدها موحدة خفيفة ومد بلفظ "حثالة" بدل "شرار" أي "لا تقوم الساعة إلا على حثالة ‏ ‏الناس". وللطبراني من وجه آخر "لا تقوم الساعة على مؤمن". وللطيالسي عن أبي هريرة "لا تقوم الساعة حتى يرجع ناس من أمتي إلى الأوثان يعبدونها من دون الله". ولأحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي من حديث ثوبان "ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من ‏ أمتي بالمشركين وحتى تعبد ‏‏ قبائل من ‏ أمتي الأوثان".


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : الخــطب والـــدروس
الزيارات : 11039
التاريخ : 30/9/2011