مما لا يجوز تسمية الأبناء به
الحمدُ لله ربِّ العالمين لهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن صَلَوَاتُ اللهِ البَرِّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ الـمُرسَلِين وحَبِيبِ رَبِّ العَالمين وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النَّبِيينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلٍّ والصَّالِحين وسَلامُ اللهِ عليهم أجمعين.
إعلم رَحِمَك الله أنَّ مما يجبُ التحذيرُ منه ما شاعَ في بعضِ البلادِ منْ تَسميةِ أبنائِهم بنَحوِ هذا اللفظِ عثمان العَبد الله وسَعيدُ العَبد الله، فإنّ هذا اللفظَ فيهِ نِسبةُ العُبوديّةِ للهِ، واللهُ لا يُوصَفُ بالعُبوديّةِ بل يوصَف بالألوهيّة. فإنْ قالَ هؤلاء الذين يُسمُّونَ بهذه الألفاظِ نحنُ لا نفهَمُ منه أنّ فيهِ وصفَ اللهِ بالعُبوديةِ أي العَبديّة إنما نَفهمُ منه إضافةَ هذا العبدِ إلى الله مِلكًا وخَلقًا، قيل لهم لكنّ اللفظَ يُعطِي وصْفَ اللهِ بالعَبديّةِ بدُخولِ أل في كلِمةِ العَبد ولفظ الجلالةِ فيه لفظُ أل فيكونُ المعنى العَبد الذي هو الله، وهذا لم يكن معروفًا في العَربِ القُدماءِ لا بينَ المسلمينَ ولا بينَ الجاهليّةِ، الجاهليةُ كانوا يسمُّونَ عبدَ يغوث وعبدَ العزّى، ويغوث اسمُ صَنم مِن أصنامِهم والعُزّى اسمُ صنَم أيضًا وهي مؤنّثة لأنّها جِنّية كانت تأوي إلى شجَرةٍ فيأتي الجاهلِيّون ويقدّسُونها فقطَعها خالدُ بنُ الوليد وقتَل الجنّيَّة التي كانت تأوي إليها لأنهم كانوا عُبّادَ الأوثان فكانُوا يُضيفونَ العَبد إلى صَنم ولا يُعرف منهم اسم يُسمّونَ به العبدَ مضَافًا إلى كلمةِ العَبد مقرُونًا بأل مُتْبعًا بلفظِ الجَلالة.
وليسَ هذا مثلَ كلمة فلانٌ العابدُ للهِ لأنّ أل هنا اسم مَوصُول صِلَتُها صِفةٌ صريحةٌ وهو لفظُ العَابِد ثم أُتبِع لفظَ الجلالةِ فيكونُ معناهُ فلانٌ الذي يَعبُد الله، فلو سمّى هؤلاءِ أولادَهُم سعيدٌ العابدُ للهِ لم يكن به بأسٌ لأنَّ معناهُ هذا المولودُ الذي اسمُهُ سعيدٌ العابدُ للهِ يَعبدُ الله. أمّا كلمةُ العبد فليسَت في حُكمِ العابِد فلا تكونُ صِلةً لأل لأنّ صِلةَ أل شرطُها أن تكونَ صِفةً صَريحة. (العابِدَ اسمُ فاعل وهو واسمُ المفعولِ والصّفةَ المشَبَّهَةَ هؤلاءِ صِفةٌ صريحةٌ، أمّا عبدُ ليسَ مِنَ الصِّفاتِ الصّريحة).
قال ابنُ مالِكٍ في الألفيّة: وصِفةٌ صَريحةٌ صِفَةُ أل وكونُها بِمُعرَبِ الأفعالِ قُلْ
فلو سمَّوْا سعيدٌ عبدُ الله لكانَ من بابِ الإضافةِ فلا محظُورَ في ذلكَ لأنّهُ ليسَ فيهِ وَصفُ اللهِ بالعُبوديّة إنّما فيه أنّ سعيدًا مضَافٌ إلى عبدِ الله.
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين