حكم إعطاء الزكاة لتصرف في بناء المدارس والمساجد
اعلموا بارك الله فيكم أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى غير هؤلاء الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان بقوله {إنَّما الصدقاتُ للفقراءِ والمساكين والعاملين عليها والمؤلفةِ قلوبهم وفي الرقابِ والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} سورة التوبة
ويعلم من هذه الآية أنه لا يجوز دفع الزكاة الواجبة لبناء المساجد والمستشفيات والمدارس، فمن دفع من زكاته إلى مدرسة أو إلى مستشفى أو إلى بناء مسجد فليَعلم أنَّ زكاته ما صحَّت فيجب عليه إعادة الدفع للمستحقين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إنَّ رجالاً يتَخوَّضون في مال الله بغير حق فلهم النارُ يوم القيامة] رواه البخاري في الصحيح. فيُفهم من هذا الحديث أنَّ الذي يأخذ الزكاة وليس هو من المستحقين الذين ذكرهم الله في القرءان له النار يوم القيامة، وكذلك الذي يأكل مال الوقف الإسلامي بغير حق أي بغير الوجه الشرعي الذي بيَّنه الفقهاء في كتبهم فله النار يوم القيامة.
فتبين أن أكل مال الله من الكبائر ومال الله يشمل الزكاة والوقف والغنيمة فمن أخذ من هؤلاء بغير استحقاق فقد ارتكب كبيرة لأن كل معصية ورد النص بأن فاعلها يدخل النار فهي كبيرة، وما أكثر من أكل مال الله بغير حق منذ أزمنة طويلة ولا سيما الوقف فهو يحصلُ أكثر من غيره. والدليل على أنَّه لا يجوز دفع الزكاة لكل ما هو برٌ وخير مما عدا الأصناف الثمانية وأن المراد بقوله تعالى {وفي سبيل الله} ليس كل أنواع البر والإحسان من بناء مسجدٍ ومدرسةٍ ومستشفى ونحو ذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر الزكاة [إنها لا تحل لغني ولا لذي مِرَّةٍ سوي] ، وقوله صلى الله عليه وسلم لرجلين جاءا يسألانه الزكاة وكانا قويين [إن شئتما أعطيتكما وليس فيها حقٌ لغني ولا لقوي مكتسب] فحرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذين الحديثين الزكاة على من يملك مالاً يغنيه أي يكفيه لحاجاته وعلى من له قوةٌ على العمل الذي يكفيه لحاجاته الأصلية لأن المِرَّة هي القوة وهي القدرة على الاكتساب والسوي التامُ الخَلْق. فدلَّنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبيِّنُ لما أنزل الله في كتابه أنَّ المراد بقوله تعالى {وفي سبيل الله} في ءاية الصدقات بعض أعمال البر لا كلها، وهو الجهاد. ويدخل في سبيل الله عند الإمام أحمد من يريد الحج وهو فقير. ولم يقل إنَّ كلمة {وفي سبيل الله} تعمّ كل مشروع خيري أحدٌ من الأئمة المجتهدين .
فليُحذر من هؤلاء الذي يلمون أموال الزكوات باسم المستشفى أو بناء جامع أو بناء مدرسة، هؤلاء حرامٌ عليهم وحرامٌ على الذين يعطونهم لأنه لو كان كل عمل خيري يدخل في قوله تعالى {وفي سبيل الله} سورة التوبة، ما قال الرسول [ليس فيها حقٌ لغني ولا لقوي مُكتسب]. وهؤلاء الذين يفتون الناس بجواز دفع الزكاة لبناء المساجد أو المستشفيات أو المدارس خالفوا الإجماع، وقد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لا يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد، والإجماعُ هو إجماع المجتهدين ولا يُعتَد في الإجماع بقول العلماءالذين لم يَصِلوا إلى مرتبة الإجتهاد ، ولو كان يجوز دفع الزكاة لكل عمل خيري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح المشهور [تؤخذ من أغنيائهم وتُرد إلى فقرائهم] أما الصدقة غير الزكاة الواجبة فتجوز أن تدفع إلى الغني والفقير وإن كان التصدق على الفقير أفضل.