www.sunnaonline.org

رؤية النبي في المنام

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه الطيبين الطاهرين

اما بعد فقد روى البخاري بالاسناد المتصل من حديث ابي قتاده رضي الله عنه قال: قال رسول الله [من رآني في المنام فقد رآني حقاً فأن الشيطان لا يتزيا بي] وعنده اي عند البخاري من حديث ابي هريره رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من رآني في المنام فسيراني في اليقظة] وبيانا لهذا الموضوع يجب ان يعلم ما يجوز على الرسول وما لا يجوز فان الانسان قد يرى الرسول في المنام ويظن انه قال له كذا وكذا والعمل بذلك يكون بما وافق قوله عليه الصلاة والسلام في اليقظة قبل موته من القواعد الشرعيه التي تقررت في حياته وما خالف ذلك لا يعمل به ويرد سببه الى حال الرائي. فالأنبياء يجب لهم الامانه وتستحيل عليهم الخيانه وهم معصومون عن السفاهه ويستحيل عليهم الكفر او الكبيرة من الكبائر او الصغيره من صغائر الخسه ويجب لهم التبليغ فلا يتركون شيئا أمرهم الله بتبليغه وذلك مهما لقوا من العباد اذى او ضررا.

فالسفاهه هي ارتكاب قول لا يليق باهل الرزانة والحكمه الا للسفهاء فالسفاهه مثلما يرويه بعض الناس من الكذب على بعض الانبياء يقولون كان مع امه يشرب الخمر ثم طلب منها ان تمده بالخمر بطريق المعجزه فقال لها اسكتي ايتها المرأه فهذه سفاهة مخاطبة الرجل لامه بيا ايتها المرأة سفاهة. فاذن هذا مستحيل على نبي من الانبياء واما الخيانة مثالها ان يخون احدهم بالكيل فهذا مستحيل على الانبياء ولو كان النبي من الانبياء تجوز عليه السفاهة او الخيانة لكان ذلك نقصا لله تعالى لانه يحسن لعباده السفاهه والخيانه وهذا نسبة القبيح الى الله تعالى والله منزه عن القبائح فلذلك يجب تبرئة ساحة الانبياء من هذه النقائص. اما الامانة بمعنى السلامة من الكفر والكبائر فذلك متفق عليه عند اهل الحق فالنبي من الأنبياء لا يجوز عليه ان يرتكب كبيرة من الكبائر لا قبل النبوة ولا بعدها فاذا قال قائل اليس جاء في حق ابراهيم في القرآن انه قال لقومه لما رآى الكوكب هذا ربي فلما افل قال لا احب الأفلين اليس هذا دليلا على ان ابراهيم كان يعبد الكوكب قبل ذلك اي قبل ان يعلمه الله تعالى ويفهمه الجواب ان معنى قول ابراهيم هذا ربي ليس اثبات لربوبية القمر عليه لا انما معنى قول ابراهيم هذا ربي انكم يا قوم تعبدون الكوكب وتثبتون له الربوبية اي الألوهيه وهو لا يصلح لذلك لكن بما ان هذه العقيدة متمكنة فيهم اراد ان يستدرجهم الى تفهيمهم ان هذا الكوكب لا يصلح ان يكون ربا لانه شىء يتغير في أول الأمر قال لهم هذا ربي معناه على زعمكم هذا ربي كيف يصلح ان يكون رباً لي. ثم لم يقل لهم في اللحظة هذا يأفل والشىء الذي يأفل لا يصلح ان يكون اله بل سكت وانتظر حتى أفل اي غاب فلما غاب قال لا احب الأفلين معناه هذا الكوكب الذي تعبدونه وتعتقدون انه ربكم شىء يغيب وكل شىء يطرأ عليه التغير لا يصلح ان يكون اله لكن من شدة بلادتهم لم يفهموا مقصود ابراهيم الذي هو أن يخرجهم من عبادة الكوكب الى عبادة رب الكوكب وخالقه. ابراهيم عليه السلام كان فاهما عارفا أن هذا الكوكب لا يصلح ان يكون اله لانه شىء يتغير ويتطور من حال الى حال يحصل له حال غير الذي كان عليه وكل شىء يطرأ عليه حال غير الحال الذ ي كان عليه فهو متغير وكل متغير يحتاج الى مغير إذن الله تبارك وتعالى لا يجوز عليه التطور والتغير لان المتطور يحتاج الى من يغيره والمحتاج الى غيره لا يصلح ان يكون اله. كذلك قول ابراهيم بالنسبة للشمس هذا ربي معناه انكار عليهم وتسفيه لرأيهم الفاسد، والا فإن ابراهيم عليه السلام لم تمر عليه فترة او لحظة اعتقد فيها أن شيئا غير الله يستحق أن يعبد بل كان من اول نشأته عارفا. هم الانبياء عليهم الصلاة والسلام يوم ألست بربكم كانوا اعرف الخلق بالله لما كانوا ارواحا قبل خلق الأجساد الله تبارك وتعالى اخرج الارواح كلهامن ظهر آدم وجمعهم في ارض تسمى نعمان في عرفات هناك استنطقهم قال الست بربكم قالوا بلى حتى الذي هو اليوم كافر والأنبياء عليهم السلام لم يتغيروا عن ذلك الحال.

بعد ان نزهنا الانبياء عن الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها نعود لشرح الحديثين الذين هما متفقان في المعنى حيث إن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بشارة كبيره وهي انه لا بد ان يراه صلى الله عليه وسلم في اليقظة وهو مؤمن حتى لو كان حين رؤية لرسول الله كافرا في المنام فانه لابد ان يؤمن. فمن رآه في المنام فليحمد الله تعالى لأن في ذلك ضمان له انه يموت على الايمان. وفي هذا الحديث ايضا بيان ان الشيطان لا يستطيع ان يتمثل بصورته صلّى الله عليه وسلّم ومن رآه عليه الصلاة والسلام على صورته الاصلية اكمل واعظم في البشرى من الذي رآه على غير صورته. فصورته صلى الله عليه وسلم الخلقيه كما في كتب الحديث انه كان ربعة لم يكن قصيرا بل هو الى الطول وكان بعيد ما بين المنكبين، وكان ابيض مشرب بحمره وكان مشرق الوجه قال واصفه كان احسن الناس وجها واحسنهم خلقا وكان دقيق الحاجبين وكان أهدب الأشفار اي كثير شعر الجفون وكان طويل الذراع مع اعتدال وكان عليه الصلاة والسلام سواء البطن والصدر اي لم يكن فيه بطن كبير ناتئ عن صدره ولم يكن نحيف اليد ولا نحيف القدمين وكان صلى الله عليه وسلم في صوته جهيرا لم يكن ضعيف الصوت حتى قال احد الصحابة وهو جبير بن مطعم رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ والطور فكاد قلبي يطير اي من حسن صوته صلى الله عليه وسلم وكان عليه السلام اشكل العينين اي في بياض عينيه خطوط حمر يقول واصفه ابي هريره رضي الله عنه ما رأيت قبله ولا بعده مثله وكان اقنى الانف اي لم يكن اعلاه منخفضاً بالنسبة للطرف بل كان مرتفعا اعلاه كما ان طرفه مرتفع. هو صلّى الله عليه وسلّم اجمل الخلق فمن رآه في المنام على صورته الاصليه يكون رآى اجمل من رآى واجمل من يرى. وكان صلى الله عليه وسلم واسع الجبين عظيم الجبهه من غير نتوء ولا صلع كان اجلى الجبهه وكان شعره عليه السلام شديد السواد ولم يظهر في شعره من الشيب سوى عشرين شعره وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم إن تطيب وإن لم يتطيب طيب الرائحه حتى انه كان صحابي اصابه الشرى واسمه عتبه بن غزوان فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم تجرد فخلع ثوبه فوضع الرسول يده على ظهره فعبق به الطيب الى آخر حياته حتى كان لهذا الصحابي أربع زوجات كانت كل واحدة تجتهد في ان تتطيب اكثر من الاخرى من ظهره من اثر كف النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا الشرى ورم كالدرهم حكاك مزعج فمن رآه عليه الصلاة والسلام على صورته هذه كان ذلك دليلا على كمال حال الرائي في دينه اما رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظه لمن رآه في المنام التي وعد بها الرسول فقد قال بعض العلماء عنها انها اليقظة في الآخره وهذا التفسير لم يوافق عليه بعض العلماء فقال رؤيته عليه الصلاة والسلام في الآخره تحصل لمن مات على دينه من امته ان كان رآه في المنام وان لم يكن رآه في المنام لانه يوم القيامة يكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم عند حوضه يذوذ من ليس من امته عن حوضه لان اولئك يشربون من حوض نبيهم هناك. هناك يراه الذي رآه في الدنيا في المنام والذي لم يرآه في المنام لا بد ان يراه هناك،فاذن ما مزية الذي رآه في المنام في الدنيا؟ فاختار بعض العلماء انها في هذه الدنيا قبل ان يفارق روحه جسده فان كان من اهل التقى والكمال فانه يراه وهو صحيح على غير فراش الموت يراه في اليقظه لانه صلى الله عليه وسلم ثبت أن الله احياه بعدما أماته. قال صلى الله عليه وسلم [الانبياء احياء في قبورهم يصلون].

وقد ورد بالاسناد المتصل ان رجلا في عصر السلف بعد نحو مئة وخمسين سنه من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الحسن بن حي كان من المحدثين من العلماء وله أخوان مثله هذا الحسن لما كان على فراش الموت سمعه اخوه يقول مع النبيين والصديقين والشهداء قرأ الآيه {ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا} فقال له اخوه الذي بجانبه يا اخي تتلوا تلاوة ام ماذا قال لا بل ارى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك الي ويبشرني بالجنه وارى الحور العين وارى الملائكه. فبالنسبة لأولياء الله هذه الاشياء المستعصيه على العاده ان شاء الله للولي يريه. وقال العلماء لا يبنى حكم شرعي على رؤيا منامية يراها الرجل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما لو رآى شخص الرسول وقال انه قال له رمضان بعد ثلاثة ايام فصوموا فلا يجوز له ان يعتبر ذلك المنام حكما ويبنى صيامه على ذلك الا بعد استكمال شعبان ثلاثين يوما او رؤية الهلال لان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعطي حكما يناقض الحكم الذي اعطاه في اليقظه عندما كان على وجهه الارض فيتهم الرائي نفسه بالقصور ويقول انا ما وعيت كلام رسول الله. ولزيادة الفائده نذكر لكم صيغة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورد ذكرها في الحديث وقد جربت فحصل لكثير ممن جربها أن رأى النبي صل الله عليه وسلم في الرؤيا وهي تقال كل يوم مئه مره او اكثر صباحاً او مساءاً وهي هذه الصيغه "اللهم صل على محمد النبي وازواجه امهات المؤمنين وذريته واهل بيته كما صليت على آل ابراهيم انك حميد مجيد" نسال الله تبارك وتعالى ان يرزقنا وإياكم رؤية حبيبه محمد عليه الصلاة والسلام على صورته الاصليه آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : الخــطب والـــدروس
الزيارات : 8074
التاريخ : 23/6/2011