حديث: ما ملأ ابن ءادم وعاء شرا من بطنه
معروفٌ عن الأنبياءِ كلِّهِم عليهم السلام وعن الأولياءِ أنَّهُم يَحرصونَ على قلةِ الأكلِ أي بِحيثُ لا تَنضَرُّ أجسادُهُم؛ لأنَّ قلةَ الأكلِ المؤديةَ إلى ضررِ الجسمِ حرامٌ، أمَّا القدرُ الذي لا يؤدِي إلى ضررِ الجسمِ فهو مَحمُودٌ عندَ اللهِ، هذهِ سيرةُ الأنبياءِ والصالِحينَ في أُمَمِهِم. سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلَّم كانَ مِن أكبَرِ العاملينَ بِهذهِ الخَصلةِ الشريفةِ كان يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ [مَا مَلأَ ابنُ ءادمَ وعاءً شرًّا من بطنِه، بِحَسبِ ابنِ ءادمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فإنْ كَانَ ولاَ بُدَّ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ].
فقولُهُ صلى الله عليه وسلم [ما مَلأَ ابنُ ءادمَ وعاءً شَرًّا مِن بَطنِهِ بِحسبِ ابنِ ءادمَ لُقَيْمَاتٌ] أي لا تَتَجَاوَزُ العَشَرَةَ، "لُقَيْمَاتٌ" هذا جَمْعُ قلةٍ، جَمعُ القلةِ ما دونَ الأحدَ عشرَ، العشرةُ فَمَا دُونَهَا، قالَ عليه الصلاة والسلام [بِحَسبِ ابنِ ءادمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ] أي تَحفظُهُ مِن سُقُوطِ قوتِهِ [فإن كانَ ولا بُدَّ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ]. هذا الرسولُ الكريمُ الذي كانَ يَحُضُّ على تقليلِ الأكلِ، وكانَ هو من أكبَرِ العاملينَ بِهذهِ الخَصلَةِ الشريفةِ.
وقد افتَرَى بعضُ الناسِ على رسولِ اللهِ، مِمَّن يدَّعونَ الولايةَ والتصوفَ زورا وبهتانا وقد ادعَى أنهُ نَبِيٌّ مصغر، فقَالَ: كانَ الرسولُ يُكثِرُ مِن أَكلِ الحَلوَى، يُكثِرُ مِنَ الأَكلِ حتَّى صَارَ لَهُ عَكَفَاتٌ في بَطنِهِ وفي رَقَبَتِهِ طَيَّاتٌ. هذا الرجل يَفتَرِي على رسولِ اللهِ الذي هو أَكمَلُ الأنبياءِ خَلْقًا وخُلُقًا بِهذا الافتراءِ البَشِعِ الشَنِيعِ أَنَّهُ مِن كَثرَةِ الأَكلِ صَارَتْ لَهُ طَيَّاتٌ، لأنَّ هذا الرجلَ معروفٌ بكثرةِ الأَكلِ والإكثَارِ مِنَ الحلوياتِ والدُسُومَاتِ.
(اللُّقْمَةُ اسْمٌ لِمَا يُهَيِّئُهُ الإِنْسَانُ لِلالْتِقَامِ. وَالْتَقَمَهُ إِذَا أَخَذَهُ بِفِيهِ. وَاللُّقْمَةُ الأُكْلَةُ، تَقُولُ: أَكَلْتُ أُكْلَةً وَاحِدَةً أَيْ لُقْمَةً وَهِيَ الْقُرْصَةُ أَيْضًا، وَهَذَا الشَّىءُ أُكْلَةٌ لَكَ أَيْ طُعْمَةٌ لَكَ) (وَالْوِعَاءُ: ظَرْفُ الشَّىءِ، وَالْجَمْعُ أَوْعِيَةٌ، وَيُقَالُ لِصَدْرِ الرَّجُلِ وِعَاءُ عِلْمِهِ وَاعْتَقَادِهِ تَشْبِيهًا بِذَلِكَ. وَوَعَى الشَّىءَ فِي الْوِعَاءِ وَأَوْعَاهُ جَمَعَهُ فِيه.ِ) (بِحَسْبِ: بِكِفَايَةِ، نُحْسِبُهُ أَيْ نُعْطِيهِ حَتَّى يَقُولَ حَسْبِي، أَيِ اكْتَفَيْتُ.) (الْقِوَامُ مِنَ الْعَيْشِ مَا يَقُومُ بِحَاجَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ وَقِوَامُ الْعَيْشِ عِمَادُهُ الَّذِي يَقُومُ بِهِ وَقِوَامُ الْجِسْمِ تَمَامُهُ، وَقِوَامُ كُلِّ شَىءٍ مَا اسْتَقَامَ بِه.ِ) (جَمْعُ الْقِلَّةِ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ.)