ما معنى ما ورد عن سيدنا عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا ؟
ذكر الإمام البخاري في صحيحه كِتَاب الإِيمَانِ باب الإغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ: وَقَالَ عُمَرُ بن الخطاب رضي الله عنه [تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا] اهـ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ البخاري رحمه الله [وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا وَقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ] اهـ
قوله [وقال عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا] هو بضم المثناة وفتح المهملة وتشديد الواو أي تجعلوا سادة. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح [وأثر عمر أخرجه ابن أبي شيبة وغيره وإسناده صحيح، وإنما عقبه البخاري بقوله "وبعد أن تسودوا" ليبين أن لا مفهوم له خشية أن يفهم أحد من ذلك أن السيادة مانعة من التفقه، وإنما أراد عمر أنها قد تكون سببا للمنع، لأن الرئيس قد يمنعه الكبر والاحتشام يجلس مجلس المتعلمين، ولهذا قال مالك عن عيب القضاء: إن القاضي إذا عزل لا يرجع إلى مجلسه الذي كان يتعلم فيه، وقال الشافعي: إذا تصدر الحدث فاته علم كثير. وقد فسره أبو عبيد في كتابه "غريب الحديث" فقال: معناه تفقهوا وأنتم صغار، قبل أن تصيروا سادة فتمنعكم الأنفة عن الأخذ عمن هو دونكم فتبقوا جهالا] اهـ.
معناه : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مَا دُمْتُمْ صِغَارًا قَبْلَ أّنْ تَصِيرُوا سَادَةً رُؤَسَاءَ مَنْظُورًا إِلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّمُوا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحْيَيْتُمْ أَنْ تَتَعَلَّمُوا بَعْدَ الْكِبَرِ فَبَقَيْتُمْ جُهَّالاً تَأْخُذُونَهُ مِنَ الأَصَاغِرِ فَيُزْرِي ذَلِكَ بِكُمْ. وَهَذَا شَبِيهٌ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخَذُوا الْعِلْمَ عَنْ أَكَابِرِهِمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ مِنْ أَصَاغِرِهِمْ فَقَدْ هَلَكُو. وَالأَكَابِرُ أَيِ الأَكَابِرُ فِي الْعِلْمِ لَيْسَ مِنَ الأَكَابِرِ فِي السِّنِّ وَالْمُرَادُ بِالأَصَاغِرِ الَّذِينَ لاَ يُحْسِنُونَ الْعِلْمَ. مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ مَاتَ وَعُمُرُهُ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ سَنَةً وَالرَّسُولُ أَرْسَلَهُ لِيُعَلِّمَ أَهْلَ الْيَمَنِ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَكَانَ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ لَكِنْ لِعِلْمِهِ أَرْسَلَهُ الرَّسُولُ لِقُوَّةِ فَهْمِهِ.