ما حكم لبس سوار وطوق من فضة للرجل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ءاله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل يشرع له لبس خاتم الفضة لما في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورِق (فضة). وأما مقدار ما يستعمل الذكر من الفضة فقد حدده الحنفية بمثقال، قال الحصكفي [لا يزيد الرجل خاتمه على مثقال، ورجح ابن عابدين قول صاحب الذخيرة أنه لا يبلغ به المثقال، واستدل بما روي: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: من أي شيء أتخذه؟ -يعني الخاتم-، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتخذه من وَرِقٍ، ولا تتمه مثقالاً] انتهى.
وقال المالكية [يجوز للذكر لبس خاتم الفضة إن كان وزن درهمين شرعيين أو أقل]. قال الخطيب الشربيني من الشافعية [لم يتعرض الأصحاب لمقدار الخاتم المباح، ولعلهم اكتفوا فيه بالعرف، أي عرف البلد وعادة أمثاله فيها، فما خرج عن ذلك كان إسرافاً.... هذا هو المعتمد، وإن قال الأذرعي: الصواب ضبطه بدون مثقال، لما في صحيح ابن حبان وسنن أبي داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للابس الخاتم الحديد "ما لي أرى عليك حلية أهل النار فطرحه، وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي شيء أتخذه؟ قال: اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالاً". قال: وليس في كلامهم ما يخالفه، وهذا لا ينافي ما ذكر لاحتمال أن ذلك كان عرف بلده وعادة أمثاله]. انتهى
وقال في المبدع شرح المقنع على مذهب الحنابلة [فائدة: يسن أن يكون دون مثقال، قاله في «الرعاية»، وظاهر كلام أحمد والمؤلف لا بأس بأكثر من ذلك لضعف خبر بريدة، والمراد ما لم يخرج عن العادة، وإلا حرم]. وأما عن لبس ما سوى الخاتم من الفضة للرجل فإليك بعض أقوال المذاهب الأربعة:
ففي كتاب فتح القدير في الفقه الحنفي [(ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب) لما روينا (ولا بالفضة) لأنها في معناه (إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف)].
وفي المنتقى للباجي وهو مالكي [(وأما ما يباح من الفضة للرجل ففي ثلاثة أشياء: السيف والخاتم والمصحف)].
قال العلامة خليل في المختصر وهو مالكي المذهب [وحرم استعمال ذكر محلي ..] ثم استثنى من هذا العموم فقال [إلا المصحف والسيف والأنف وربط سن مطلقا وخاتم الفضة].
وفي المجموع للنووي وهو شافعي [قال أصحابنا: يجوز للرجل خاتم الفضة بالإجماع، وأما ما سواه من حلي الفضة كالسوار والمدملج والطوق ونحوها، فقطع الجمهور بتحريمها، وقال المتولي والغزالي في الفتاوى يجوز، لأنه لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني، وتحريم التشبه بالنساء، والصحيح الأول لأن في هذا تشبهاً بالنساء وهو حرام].
قال الموفق ابن قدامة الحنبلي في العمدة [ويباح للرجال من الفضة الخاتم وحلية السيف والمنطقة ونحوها] وقال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية [يحرم على الرجل لبس الفضة إلا ما تقدم]. يعني بما تقدم من نحو خاتم الفضة .
ملاحظة: المثقال: درهم وثلاثة أسباع درهم، والمِنْطَقَةُ: الحِزام.