SunnaOnline | سنة اون لاين إسلاميات المعاملات والنكاح طلاق الحائض
طلاق الحائض
فليعلم أن الطلاق يقع على وجهٍ محرَّمٍ ويسمى طلاقَ البدعة، كالطلاق في الحيض، وعلى وجهٍ غير محرم ويسمى الطلاق السني.
قال الإمام الفقيه الأصولي المجتهد النظَّار تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي الأنصاري الشافعي رحمه الله تعالى المتوفى سنة 756 هـ في "الدُّرَّةُ الْمُضِـيَّـة في الرَّدِّ علَى ابنِ تَيمِيَّة" ص 9 [وقد أجمعت الأمة على نفوذ الطلاق البدعي كنفوذ السني]. اهـ
والدليل على ذلك من الحديث ما رواه البخاري "كِتَاب الطَّلاقِ باب قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ" ومسلم "كتاب الطَّلاق باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنَّه لو خالف وقع الطَّلاق ويؤمر برجعتها" عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ]. اهـ
وفي رواية عند البخاري "كِتَاب الطَّلاقِ باب إِذَا طُلِّقَتْ الْحَائِضُ تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاقِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ [حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ]. وعند مسلم "كتاب الطَّلاق باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنَّه لو خالف وقع الطَّلاق ويؤمر برجعتها" قَالَ ابْنُ عُمَرَ [ فَرَاجَعْتُهَا، وَحَسَبْتُ لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقْتُهَا]. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري "المجلد التاسع كِتَاب الطَّلاقِ باب إِذَا طُلِّقَتْ الْحَائِضُ تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاقِ" [وقد أخرج ابن وهب في مسنده عن ابن أبي ذئب أن نافعا أخبره " أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر " قال ابن أبي ذئب في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " وهي واحدة " قال ابن أبي ذئب: وحدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع سالما يحدث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأخرجه الدارقطني من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب وابن إسحاق جميعا عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " هي واحدة " وهذا نص في موضع الخلاف فيجب المصير إليه . ثم قال : " وعند الدارقطني في رواية شعبة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر في القصة " فقال عمر: يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم ". ورجاله إلى شعبة ثقات. وعنده من طريق سعيد ابن عبد الرحمن الجمحي ( وثقه ابن معين وغيره) عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر " أن رجلا قال: إني طلقت امرأتي البتة وهي حائض، فقال: عصيت ربك، وفارقت امرأتك. قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر أن يراجع امرأته، قال: إنه أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له، وأنت لم يبق ما ترتجع به امرأتك " وفي هذا السياق رد على من حمل الرجعة في قصة ابن عمر على المعنى اللغوي] اهـ .
وروى الحافظ البيهقي المتوفى سنة 458هـ في السنن الكبرى[ ج7/334] [عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنِّى طَلَّقْتُ امْرَأَتِى يَعْنِى الْبَتَّةَ وَهِىَ حَائِضٌ قَالَ: عَصَيْتَ رَبَّكَ وَفَارَقْتَ امْرَأَتَكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ ابْنَ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ فَارَقَ امْرَأَتَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ لِطَلاَقٍ بَقِىَ لَهُ وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَكَ مَا تَرْتَجِعُ بِهِ امْرَأَتَكَ] اهـ.
وأخرج البيهقي في سننه أيضا[ج7ص 336 ] [عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن رجلا سأل ابن عمر فقال: طلَّقتُ امرأتي ثلاثا وهي حائض فقال: عصيت ربك وفارقت امرأتك]. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه المتوفى سنة 204هـ في كتابه الأم "باب جماع وجه الطلاق ص1847" [وفي ذلك دليل على أن الطلاق يقع على الحائض لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالمراجعة إلا من لزمه الطلاق] اهـ.
قال الإمام المجتهد ابن المنذر في كتاب الإشراف على مذاهب العلماء "باب الطلاق لغير العدة وما يلزم المطلق منه ج1 ص143" ما نصه [طلّق ابن عمر امرأته حائضا، فاحتسب بالتطليقة، وممن مذهبه أن الحائض يقع بها الطلاق الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، والاوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم، إلا من أهل البدع لا يقتدى بهم] اهـ.
قال الإمام ابن رشد في المقدمات [كتاب الطلاق ص 385] ما نصه [ولما ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر الطلقة التي طلقها في الحيض فقال: "مره فليراجعها " دل ذلك أيضا على أن الطلاق لسنة ولغير سنة وهو مذهب جميع الفقهاء وعامة العلماء لا يشذ في ذلك عنهم إلا من لا يعتد بخلافه منهم] اهـ.
قال الإمام أبو بكر أحمد الرازي الجصاص المتوفى سنة 370 هـ في أحكام القرءان [سورة الطلاق] ما نصه [وزعم قوم أن الطلاق في حال الحيض لا يقع، وقد بيَّنَّا بطلان هذا القول في سورة البقرة من جهة الكتاب والسنة]. وفي[ سورة البقرة] قال ما نصه [وما قدمنا من دلالة الآية والسنة والاتفاق يوجب إيقاع الطلاق في الحيض وإن كان معصية، وزعم بعض الجهَّال ممن لا يُعدُّ خلافه أنه لا يقع إذا طلّق في الحيض] اهـ.
قال البغوى المتوفى سنة 516هـ في شرح السنة "كتاب الطلاق، باب تحريم الطلاق في الحيض،ج5ص422" ما نصه [وفي أمره صلى الله عليه وسلم بمراجعتها دليل على أنَّ الطلاق واقع مع كونه بدعيا] اهـ.
قال الشيخ المقدسي الحنبلي المتوفى سنة 620هـ في المغني [ ج8/238 ] ما نصه [فإن طلق للبدعة وهو أن يطلقها حائضا أو في طهر أصابها فيه أثم ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم، قال ابن المنذر وابن عبد البر لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال] اهـ.
قال النووي المتوفى سنة 676هـ في شرح صحيح مسلم "الجزء العاشر كتاب الطَّلاق باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنَّه لو خالف وقع الطَّلاق ويؤمر برجعتها" [أجمعت الأمَّة على تحريم طلاق الحائض الحائل بغير رضاها، فلو طلَّقها أثم ووقع طلاقه، ويؤمر بالرَّجعة] اهـ.
قال القسطلاني المتوفى سنة 923 هـ في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري في "كتاب الطلاق،باب إذا طُلِّقَتِ الحائضُ تُعْتَدُّ بذلك الطلاق" ما نصه [أجمع على ذلك أئمة الفتوى]. قال الحافظ محمد مرتضى الزبيدي المتوفى سنة 1205هـ في شرح الإحياء "إتحاف السادة المتقين ج 5 / 396" ما نصه [إذا طلقت الحائض يعتد بذلك الطلاق، أجمع على ذلك أئمة الهدى] اهـ.