الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
قال الله تعالى {يوم تشهد عليهم ألسنتُهم وأيديهم وأرجلُهُم بما كانوا يعملون}. سورة النور.
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت]. متفق عليه. معنى هذا الحديث أنه من كان يؤمن الإيمان الكامل المنجي من عذاب الله الموصل إلى رضوان الله فليقل خيراً أو ليصمت لأن من آمن بالله حقاً خاف وعيده ورجا ثوابه واجتهد في فعلِ ما أمره به وتركِ ما نهاه عنه، ومن ذلك ضبط جوارحه التي هي رعاياه وهو مسئول عنها كما قال الله تعالى {إنّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كل أولئك كان عنه مسئولا}. سورة الإسراء.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم] رواه الترمذي. فمن علم ذلك لا يسعه إلا تقوى الله فلا يتكلم إلا بخير أو ليسكت. وهذا اللسان الذي هو من نِعم الله علينا، ينبغي أن يستعمل في ذكر الله وطاعته وفي الحث على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي كل ما يعود على الناس بالنفع والخير. وأما من يطلق العنان للسانه ويسترسل في المعاصي وإيذاء الآخرين به من غيبة وشتم وسب ولعن بغير حق فإنما يوقع نفسه في المهالك.
أشد معاصي اللسان
ولا بد من أن نذكر أن اشد معاصي اللسان وأخطرها على الاطلاق الكفر كسبّ الله وسب الانبياء والملائكة ودين الاسلام وسب القرآن وتحليل أمر حرام معلوم من الدين بالضرورة أنه حرام كمن يقول عن شرب الخمر أو عن الزنا إنه حلال. ومعنى "أمر معلوم من الدين بالضرورة " أي أمر ظاهر بين المسلمين يعرفه الجاهل والعالم من المسلمين. ولقد اهتم العلماء بالتحذير من الكفر القولي ومن سائر أنواع الكفر ونصوا على ذلك في كتبهم، ومن هؤلاء الامام النووي رضي الله عنه والشيخ عبد الباسط الفاخوري رحمه الله تعالى الذي كان مفتياً منذ نحو مائة سنة.
وقد ثبت عن أحد الصحابة وهو عبد الله بن مسعود أنه أخذ بلسانه وخاطبه: يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول [أكثر خطايا ابن آدم من لسانه]. رواه الطبراني. ومن هذه الخطايا الكفر والكبائر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إنّ العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب]. رواه البخاري ومسلم.