SunnaOnline | سنة اون لاين إسلاميات ســـــير وتــــــراجم معاذ بن جبل
معاذ بن جبل
ترجمته
هومُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرِو بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ السَّيِّدُ، الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ أُمُّهُ: هِيَ هِنْدُ بِنْتُ سَهْلٍ، مِنْ بَنِي رِفَاعَةَ. أَسْلَمَ وَلَهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَأَنَسٌ وَآخَرُوْنَ. شَهِدَ مُعَاذ بَدْراً وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، أَوْ إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَزَيْدٌ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ أَحَدُ عُمُوْمَتِي. قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأُبِيٍّ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ).
ذكر صفته رضي الله عنه
لقد كان سيدنا معاذ لما قدم مكة يوم العقبة شابًا مشرق الوجه رائع النظرة برَّاق الثنايا، يبهر الأبصار بسمته ورويته، وقد رافقته هذه الصفات حتى وافاه الأجل. قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمًا وهو ابن ثماني عشرة سنة مع السبعين الذين شهدوا بيعة العقبة من الأنصار، فكان بذلك من السابقين الأولين، يُعمل فكره وعقله في خدمة الدين، حيث كان يحظى بذكاء وصفاء ذهن واستنارة عقل دفعوا به إلى غاية مهمة في العلم والمعرفة ويكفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: (مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَرَامِ اللهِ وَحَلاَلِهِ).
ذكر غزارة علمه
كان طَوِيْلاً، حَسَناً، جَمِيْلاً، حَسَن الثَّغْرِ، عَظِيْم العَيْنَيْنِ، أَبْيَض، جَعْدا، قَطَطا. كان سيدنا معاذ رضي الله عنه على جانب كبير من العلم والدراية والورع، جبلاً من جبال المعرفة وعلمًا من أعلام الشريعة قائمًا بالحق، اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسله إلى اليمن مع أخيه أبي موسى الأشعري يعلمان الناس، ويكفيك هذا برهانًا على مدى علمه وحكمته وحسن دعوته إضافة إلى ما جاء من الروايات الكثيرة المؤكدة لذلك. كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلّونه ويعرفون ما له من القدر المحمود والمرتبة الرفيعة والدرجة العلمية المرموقة.
وهاك ما جاء في «صفة الصفوة» لابن الجوزي عن أبي مسلم الخولاني قال: «أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وإذا شاب منهم أكمل العين براق الثنايا كلما اختلفوا في شىء ردوه إلى الفتى، قال قلت لجليس لي: من هذا قال: معاذ بن جبل». وعن عبد الله بن سلمة قال: قال رجل لمعاذ بن جبل: علمني قال: وهل أنت مطيعي قال: إني على طاعتك لحريص، قال: صم وأفطر وصلّ ونم واكتسب ولا تأثم ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإيّاك ودعوة المظلوم.
أي عالم هذا الذي جمع في كلام قليل ما كثر من خصال الخير والفلاح، كيف لا وهو الذي ورد فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: «معاذ إمام العلماء يوم القيامة برتوة أو رتوتين» رواه أبو نعيم في الحلية. والرتوة رمية بسهم. وقد كان سيدنا معاذ من مفاتي الصحابة المعدودين بل كان ممن يفتي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فقد ذكر في «أسد الغابة» عن سهل عن أبيه قال: كان الذين يفتون على عهد رسول الله من المهاجرين عمر وعثمان وعلي ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت.
ذكر جملة من مناقبه
عن مالك الدار أن عمر رضي الله عنه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة فقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع، فذهب الغلام قال: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك قال: وَصَلَه الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل وتَلَـَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع فذهب بها إليه، قال: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك فقال: رحمه الله ووصله: تعالي يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا واذهبي إلى بيت فلان بكذا واذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأته فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا ولم يبق في الخرقة إلا ديناران فدحا بهما إليها فرجع الغلام إلى عمر فأخبره بذلك فقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.
عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: لَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (يَا مُعَاذُ! إِنِّي لأُحِبُّكَ فِي اللهِ). قُلْتُ: وَأَنَا -وَاللهِ- يَا رَسُوْلَ اللهِ! أُحِبُّكَ فِي اللهِ. قَالَ: (أَفَلاَ أُعَلّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُوْلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ؟ رَبّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ). وعن صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو: أَنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليَمَنِ، خَرَجَ يُوْصِيْهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ، وَرَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ. فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: (يَا مُعَاذُ! إِنَّكَ عَسَى أَنْ لاَ تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي وَقَبْرِي). فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعاً لِفِرَاقِ رَسُوْلِ اللهِ.
وفاته رضي الله عنه
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ قَالَ: قُبِضَ مُعَاذٌ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً. واتفق أهل التاريخ أن معاذًا رضي الله عنه توفي بطاعون عمواس سنة ثماني عشرة للهجرة وقبره الآن في ناحية يقال لها الأغوار في الأردن وهو معروف يُزَار ويتبرك به.
اللهم انفعنا ببركته وبركات الصالحين واجمعنا به مع رسولك صلى الله عليه وسلم في مقام كريم.