أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها
نسبها
السَّيِّدَةُ، المُحَجَّبَةُ، الطَّاهِرَةُ، هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ سُهَيلِ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْم، بِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ سَيْفِ اللهِ. وأُمُّها عاتِكَةُ بنتُ عامِرِ ابنِ ربيعةَ، وكانت قُرشيّةً مخزُوميّةً. مِنْ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ حَيْث هاجَرَت معَ زَوجِها أَولاً إِلى الحَبَشَة. لَهَا أَوْلاَدٌ صَحَابِيُّوْنَ: عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ. وَكَانَتْ تُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَشْرَفِهِنَّ نَسَبًا، وَكَانَتْ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ. عَرَفَتِ الكَرم والجود منذُ صِغَرها حيثُ تَرَبَّت على ذلك فقد كانَ أبوها يعرف بزادِ الراكبِ لجودهِ وكَرمهِ فهو أَحَدُ الأَجْوَادِ، قِيْلَ: اسْمُهُ حُذَيْفَةُ.
دَخَلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ. كَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَخِيْهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ؛ أَبِي سَلَمَةَ عبدِ الله بنِ عبدِ الأسَدِ بنِ هلالٍ المَخْزُوْمِيِّ البَدْرِيِّ، الرَّجُلِ الصَّالِحِ. فتُوُفّيَ عنها. وأمُّه بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، عَمَّةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواياتها للحديث
لَهَا جُمْلَةُ أَحَادِيْثَ، رَوَى عَنْهَا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيَّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَيَبْلُغُ مُسْنَدُهَا: ثَلاَثَ مائَةٍ وَثَمَانِيَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثًا. اتَّفَقَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ لَهَا عَلَى ثَلاَثَةَ عَشَرَ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِثَلاَثَةٍ، وَمُسْلِمٌ بِثَلاَثَةَ عَشَرَ.
زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِي إِلَى أَبِي قَطَنٍ فِي المُحَرَّمِ سنَةَ أَرْبَعٍ، فَغَابَ تِسْعًا وَعِشْرِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ فِي صَفَرٍ، وَجُرْحُهُ الَّذِي أَصَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ مُنْتَقِضٌ؛ فَمَاتَ مِنْهُ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، وَحَلَّتْ أُمِّي فِي شَوَّالٍ، وَتَزَوَّجَهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى ابْن سَعْدٍ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لأَبِي سَلَمَةَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوْتُ زَوْجُهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ لَمْ تَزَوَّجْ، إِلاَّ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي الجَنَّةِ، فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلاَّ تَزَوَّجَ بَعْدِي، ولاَ أَتَزَوَّجُ بَعْدَكِ. قَالَ: أَتُطِيْعِيْنَنِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: إِذَا مِتُّ تَزَوَّجِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلاً خَيْرًا مِنِّي، لاَ يُحْزِنُهَا وَلاَ يُؤْذِيْهَا. فَلَمَّا مَاتَ، قُلْتُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟
وعن ابْن عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَرَدَّتْهُ، ثُمَّ عُمَرُ، فَرَدَّتْهُ. فَمَا لَبِثْتُ، وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَى البَابِ فَذَكَرَ الخِطْبَةَ فَخَطَبَ.
وَعَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، قَالَ: دَخَلَتْ أَيِّمُ العَرَبِ عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ أَوَّلَ العِشَاءِ عَرُوْسًا، وَقَامَتْ آخِرَ اللَّيْلِ تَطْحَنُ -يَعْنِي: أُمَّ سَلَمَةَ-. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِيْنَةٍ، دَخَلَتِ المَدِيْنَةَ مُهَاجِرَةً؛ فَشَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ بَدْرًا؛ وَوَلَدَتْ لَهُ: عُمَرَ، وَسَلمَةَ، وَزَيْنَبَ، وَدُرَّةَ. (والظَّعينة: المرأَة في الهودج والمقصود أول مسافرة)
وعَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَقُوْلُ؟ قَالَ: (قُوْلِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى صَالِحَةً). فَقُلْتُهَا، فَأَعْقَبَنِي اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى أَبو إِسْحَاقَ عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ قَالَ لامْرَأَتِهِ: إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الجَنَّةِ، فَلاَ تَزَوَّجِي بَعْدِي، فَإِنَّ المَرْأَةَ فِي الجَنَّةِ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَلِذَلِكَ حُرِّمَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ؛ لأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الجَنَّةِ.
وفاتها
عُمِّرَتْ حَتَّى بَلَغَهَا مَقْتَلُ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، فَوَجَمَتْ لِذَلِكَ، وَغُشِيَ عَلَيْهَا، وَحَزِنَتْ عَلَيْهِ كَثِيْرًا، لَمْ تَلْبَثْ بَعْدَهُ إِلاَّ يَسِيْرًا. توفيت وَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ، وَبَعْضُهُم أَرَّخَ مَوْتَهَا في ذِي القَعدةِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَالظَّاهِرُ وَفَاتُهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وكان لها يومَ ماتَت أربعٌ وثمانونَ سَنةً صَلّى عليها أبو هريرة ودُفِنت بالبقيع.
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وأرضاها.