www.sunnaonline.org

كيف جمع القرءان ورتب

في جمع القرءان وترتيبه

قال الديرعاقولي في فوائده: حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد عن زيد بن ثابت قال: قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرءان جمع في شىء. وقال الخطابي: إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرءان لِما كان يترقبه من ورود نسخ لبعض أحكامه و تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وسلم ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر.

وأما ما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لا تكتبوا عني شيئا غير القرءان] الحديثَ فلا ينافي ذلك، لأن الكلام في كتابة مخصوصة على صفة مخصوصة. قد كان القرءان كله كتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور.

قال الحاكم في المستدرك: جمع القرءان ثلاث مرات

إحداها: بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخرج الحاكم بسند على شرط الشيخين من زيد بن ثابت قال [كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف (أي نجمع) القرءان من الرقاع] الحديثَ. قال البيهقي: يُشبِه أن يكون المراد به تأليف (أي جمع) ما نزل من الآيات المفرقة في سورها وجمعها فيه بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم.

الثانية: بحضرة أبي بكر. روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرءان، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرءان، وإني أرى أن تأمر بجمع القرءان، فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!! قال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر...

قال زيد: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرءان فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرءان، قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!! قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرءان أجمعه من العُسُب واللِخاف وصدور الرجال، ووجدت ءاخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره (أي لم يجدها مكتوبة إلا مع أبي خزيمة، لكن كان يوجد غيره يحفظها، أما كتابة فلم تكن إلا معه) " لقد جاءكم رسول" حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمَر حياته ثم عند حفصة بنت عمر

وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قَدِم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرءان فليأتِ به، وكانوا يكتبون ذلك في الصُحُف والألواح والعُسُب، وكان لا يَقبل من أحد حتى يشهد شهيدان، وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتي يَشهَد به من تلقاه سماعا، مع كون زيد كان يحفظ، فكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط.

قال أبو شامة: وكان غَرَضُهم أن لا يُكتَب إلا من عَين ما كُتِب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، لا من مجرد الحفظ، ولذلك قال (أي زيد بن ثابت) في ءاخر سورة التوبة: لم أجدها مع غيره (أي غير أبي خزيمة)، أي لم يجدها مكتوب مع غيره، لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة.

والجمع الثالث: هو ترتيب السور في زمن عثمان. روى البخاري عن أنس أن حذيفة بن اليمان قَدِم على عثمان وكان يُغازي أهل الشام في فتح أرمينية واذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفةَ اختلافُهم في القراءة فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصُحُف ننسَخُها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة، فأمر زيدَ بن ثابت وعبدَ الله بن الزبير وسعيدَ بن العاص وعبدَ الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.... حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرءان في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرَق.

فائدة: اختُلِف في عدة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق، المشهور أنها خمسة. وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات قال: أرسل عثمان اربعة مصاحف. قال ابن أبي داود: وسمعت أبا حاتم السجستاني يقول: كَتَب سبعة مصاحف فأرسل إلى مكة وإلى الشام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة، وحبس (أي أبقى) بالمدينة واحدا.

والله أعلم وأحكم



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : القـــرءان والحــديـث
الزيارات : 3243
التاريخ : 22/1/2011