الآية: و لقد قالوا كلمة الكفر و كفروا بعد إسلامهم
جاء في تفسير الخازن في تفسير قوله تعالى {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ}، إنّ الرسول صلى الله عليه وسلم بقي بعد غزوة تبوكٍ فترة من الزمن يبين للمسلمين أحكام المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانوا قد وعدوه بذلك والمنافق هو الذي يظهر إسلامه ويبطن كفره، و كان في المجلس إثنان أحدهما الجلاس ابن الأسود والآخر عامر ابن قيس فلما خرجا من المجلس قال الجلاس ابن الأسود لعامر ابن قيس لئن صدق محمدٌ فيما يقوله عن أسيادنا الذين تركناهم في المدينة لنكون نحن أشر من البعير أو كما قال. فأجابه عامر بن قيس و الله يا جلاس إن محمد لصادق فيما يقول و إنك يا جلاس لأشر من البعير وسأخبر محمداً عما تكلمت فحاول الجلاس أن يمنعه من ذلك فما استطاع. فأخبر عامر ابن قيس الرسول صلى الله عليه وسلم فأرسل في طلب الجلاس و سأله فأنكر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلف بالله فحلف الجلاس على أنه لم يقل هذا الكلام وحلف عامر ابن قيسٍ على أن الجلاس تكلم بهذا الكلام. ثم دعا الله تعالى فقال { اللهمّ أنزل على نبيّك تصديق الصادق وتكذيب الكاذب } فما افترقا من المجلس حتى أنزل قوله تعالى على النبيّ { يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ }، فقال الجلاس بأني قلت ما قلت و أتوب إلى الله و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله وتاب وحسنت توبته. وفي هذا دليل على أنه يكفر ويخرج من الإسلام من شك بصدق النبيّ صلى الله عليه وسلم ولو في مسألة واحدة وأنه لا بد من الرجوع إلى الإسلام من لفظ الشهادتين لا الاستغفار.