SunnaOnline | سنة اون لاين إسلاميات العقــيدة الإســلامية الإيمان بالكتب السماوية
الإيمان بالكتب السماوية
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الطويل [الإيمانُ أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه.. الحديثَ] الكتبُ السماويةُ نزلَ بها جبريلُ على أنبياءِ الله وأشهرها أربعه التوراةُ والإنجيلُ والزبور والقرءان وهو أفضلها وهذه الكتبُ أخذها جبريلُ من اللوح المحفوظ وخلق الله تعالى صوتاً بألفاظ هذه الكتب سمعه جبريلُ، والتوراةُ أنزل على موسى والأنجيلُ على عيسى والزبور على داود وفيهِ حِكمٌ ومواعظ والقرءانُ أنزِل على محمد صلى الله عليه وسلم، والكلامُ الذي في هذه الكتب ليس عينَ الكلام الذاتي القائم بذاتِ الله إنما هو عباراتٌ عن ذلك الكلام فالعبارة شئ والمعبرُ عنه شئ ءاخر العبارة التي هي حرفٌ وصوت ولغة مكتوبة في اللوحِ المحفوظ وقرأها جبريل على الأنبياء لا شك أنها مخلوقة حادثه أما ماعَبرت عنه وهو كلامُ الله الواحد الأزلي الأبدي فهو ليس ككلام العالمين وقد قال بوحدة كلام الله أبو عليٍّ السكوني المتوفى سنة 707هـ وكذلك الحافظ البيهقي في كتابين له وكذلك كل أهل السنه ومعنى وحدة الكلام: أن كلام الله الذي هو صفتهُ ليسَ كلاماً متعددا بل هو كلام واحد وهذا الكلام الواحد هو وعدٌ ووعيد وأمرٌ ونهي وخبر واستخبار وتبشير وقد جاء في القرءان الكريم {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} وليس معناهُ أن كلام الله متعدد إنما المعنى تعظيم كلام الله ومعنى الآية {لوكان البحر مداداً} أي حبرا يكتب به مايدل عليه كلامُ الله لكان هذا البحرُ ينفد أي ينتهي ومادل عليه كلام الله لاينفد هذا معنى {قل لوكان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثلهِ مددا} وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم [أعوذ بكلمات الله التامه] ذُكر الكلام بلفظ الجمع لتعظيم كلام الله ومعنى التامة: التي لانقص فيها معناه كلام الله لانقص فيه وأما قول الله تعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} فمعناه: يامحمد لا تقرإ القرءان أثناء قراءة جبريل عليك خشية أن ينفلت منك وقوله {إن علينا جمعه وقرءانه} معناه: نحن ضمنا لك أن لاينفلت منك القرءان أي أن تكون حافظاً له وقوله {فإذا قرأناه فاتبع قرءانه} أي جمعناه لك في صدرك فاتبع قرءانه أي أعمل به يقال في لغة العرب: قرأ الماء في الحوض أي جمعه فلا يجوز أن يكون الله تعالى نطق بالقرءان كما نحن ننطق به لذلك لايسمى الله ناطقاً إنما يسمى متكلماً أي موصوفاً بالكلام الذي هو صفته الذي ليس حرفا ولا صوتا ولا لغةً والدليل على إثبات صفة الكلام لله من القرءان قوله تعالى {وكلم الله موسى تكليما} والدليل على أن هذه الآية أفادت إثبات الكلام حقيقة لله على ما يليق به أن الفعل في لغة العرب إذا أُكد بالمصدر كان ذلك دليلاً على الحقيقة والمصدر هو ما يأتي ثالثا في تصريف الفعل يقال كلم يكلم تكليما، ومعنى الآية: أن الله أزال عن سمع موسى الحجاب المعنوي المانع من سماع كلامه حين كان موسى في طور سيناء فسمع كلام الله الموجود أزلاً وأبداً والذي ليس حرفاً ولا صوتاً ولا لغة وليس ككلامِ العالمين من غير أن يحُل كلام الله الذي هو صفة ذاته في أُذن موسى لأن ماحَل بالمخلوق مخلوق ومما يدل على حدوث الروح حلولها في المخلوق قال أهل السنة [موسى وسمعه حادثان وكلام الله ليس حادثا] قال الإمام أبوحنيفة النعمانُ بنُ ثابت في كتابه الفقه الأكبر المولود سنة ثمانين للهجرة [والله يتكلم لا كما نحن نتكلم نحن نتكلم بالآلة والحرف والله يتكلم بلا آلة ولاحرف] ومعنى الآلة: مخرج الحرف كالحلق وهذا دليل على أن عقيدة أهل السنه سلفهم وخلفهم أن كلام الله الذي هو صفته ليس حرفاًً ولاصوتاً ولا لغة.
وقد جاء في صحيح البخاري أن الرسول قال [ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامةِ ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب] معناه: في الآخرة الله هو يتولى حساب العباد بنفسه فيزيلُ عن سمع الخلق في موقف الحساب الحجاب المعنوي المانع من سماع كلامه الذاتي فيسمع كل الإنس والجن كلام الله الذي ليس حرفا ولا صوتا فيفهمون منه السؤال عن أعمالهم ونياتهم وأقوالهم فيفرح المؤمنون الأتقياء ويتنكد الكفار مع أن كلام الله واحد وهذا دليل على ان هذا الكلام الذاتي ليس حرفاً ولا صوتا ولا لغة,لأنه لوكان حساب الله عباده بالسؤال بالحرف واللغه لكان الله أبطأ الحاسبين والعياذ بالله والله يقول {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} معناه: أنا أسرع من كل حاسب هذا معنى الآية وكذلك قول الله تعالى {سريع الحساب} يدل على ذلك وقد ورد في صحيح البخاري [أن البشر كلهم بالنسبة ليأجوج ومأجوج كواحد إلى ألف] فلو كان حساب هؤلاء بالحرف والصوت لأكل زماناً طويلا فثبت أن كلام الله الذي هو صفة ذاته ليس حرفاً ولاصوتاً ولالغة ولا بداية له ولا نهاية وأن القرءان الكريم والتوراة والانجيلَ الأصليينِ وسائر الكتب المنزلة عباراتٌ عن ذلك الكلام ومع ذلكَ يسمى ما فيها كلام الله لأنه ليس من تأليف بشر ولا تصنيف ملك.