SunnaOnline | سنة اون لاين إسلاميات المعاملات والنكاح الربا: حكمه وأنواعه
الربا: حكمه وأنواعه
الربا حرام فعلهُ وأكله - إن كان أكلاً واصلاً إلى البطن أو تصرفًا بغير ذلك يقال له أكلٌ - وأخذه وكتابته وشهادته. فإذا تبايع شخصان بالربا لا يجوز لك أن تكون شاهدًا على تبايعهما، يلحقك بذلك إثم كما يلحقهما، وإذا كتبتَ وثيقة العقد لهما حرام لأنك ساعدتهما.
والربا أنواع، والأكثر شهرة وانتشاراً بين الناس اليوم هو ربا القرض أي الدَين، وهذا ما يحصل في أكثر البنوك اليوم، وقد جاء في الحديث النبوي [كل قرض جر منفعة فهو ربا]، فمن اقرض - ديّن - شخصاً مالاً واشترط أثناء إقراضه المال أن يجلب لنفسه منفعة وقع في معصية من الكبائر، فمثلاً بعض الشركات التمويلية تقرضك مالاً بشرط أن ترده لهم بزيادة 1 % أو أكثر أو اقل ، هذا من الربا المحرم ، وليس شرطاً أن تكون هناك زيادة مالية، فمثلاً لو اقرضت شخصاً مالاً واشترطت عليه ان يسمح لك ذلك الشخص باستعمال سيارته أو تسكن بيته بالمجان أو بأجرة أقل من سعر السوق لأجل أنك أقرضته ، هذا حرام من كبائر الذنوب.
فائدة: يورد بعض الناس ممن يفتون الناس بالباطل عبارة "الحرامُ لا يَتعدى ذمتين" ويريدون منها أنه: لو أن شخصاً اسمه خالد مثلاً اكتسب 1000 دولاراً بطريق الحرام ثم جاء محمد مثلاً فأخذ من خالد تلك 1000 دولاراً نفسها ثم جئت أنت فأخذت من محمد تلك 1000 دولاراً نفسها مع علمك أن هذا المال حرام يقول أولئك الجاهلون: لا يحرم عليك اخذه أو صرفه لأنها مرت على ذمة خالد وذمة محمد، وفتواهم هذه الباطلة فيها تشجيع الناس على اكتساب المال الحرام والتعامل به والعياذ بالله.
وهناك أنواع أخرى من الربا المجمع على تحريمها أيضاً وهي تحصل عندما يباع (ومنه " التبديل ") الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة أو المطعومات من نفس الجنس، وأنواع الربا هذه يقع فيه كثير من الناس ولكن لا ينتبهون لها وهي:
1- ربا النسيئة - أي التأجيل -: أي أن يتوافق المشتري والبائع على البيع - أي تبديل الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة - ويتممان العقد ولكن بشرط ان يسلمه البائع الذهب بعد شهرمثلاً، أي يشترط أجلا ً باللفظ.
2- ربا التقابض: وهنا لا يشترطان التأخير باللفظ وإنما مع كونهما قد تمما العقد إلا أنهما يخرجان من المجلس - أو المكان الذي حصل فيه البيع - قبل أن يسلم أحدهما الآخر ذهبه مثلاً.
3- ربا الفضل - أي الزيادة -: بأن يبدل ذهباً بذهب أو فضة بفضة أو مطعوماً بمطعوم مع اتحاد الجنس - يعني قمح بقمح أو أرز بأرز - ويكون أحد الذهبين أكثر وزنا من الآخر ولا عبرة بفارق الجودة والموديل.
وأما إن اختلفت الأجناس - يعني مثلاً أراد أن يبدل ذهباً بفضة أو فضة بذهب أو قمح بشعير - فعليه أن يراعي الشرطـَيْن الأولين:
أ - لابد من عدم ذكر أجل - وقت - للتسليم
ب - ولابد من التقابض في المجلس قبل أن يفترق البائع والمشتري،
أما التفاضل - أي الزيادة - في أحد الجانبين فلا يؤثر في هذه الحالة لاختلاف الجنسين، يعني لو بدّل كيلو فضة بمائة غرام من الذهب يجوز في هذه الحالة لكن يشترط عدم التأجيل في القبض وأن يعطي هذا الذهب ويعطيه ذاك الفضة في المجلس قبل الإفتراق.
ملاحظة: كلامي هنا عن بيع - تبديل - الذهب بذهب أو فضة بفضة أو فضة بذهب أو طعام بطعام، أما بيع الذهب أو الفضة أو المطعوم بالعملة الورقية مثلاً فلا يدخل في هذا.
ملاحظة مهمة: ما يحصل من كثير من النساء (وبعض الأحيان من الرجال) من أنه يكون عندها قطعة ذهب كـ " إسوارة " عيار 24 وزنها 100 غراماً مثلاً موديل قديم فتذهب إلى سوق الصاغة فتبدلها بـ " بإسوارة " موديل جديد عيار 24 ولكن وزنها 70 غراماً فهذا من الربا المُجْمَع على تحريمه عند جميع المذاهب وهو يدخل تحت ربا الفضل الذي ذكرناه، ومن أرادت أن لا تقع في هذا الربا فما عليها إلا أن تبيع الذهب بالمال (دولارات مثلاً) بدل أن تبدله بالذهب مع اختلاف الوزن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [الذهبُ بالذهبِ - أي بيع الذهب بالذهب - وزنًا يوزَن مِثْلا ً بمِثْل ، والفضةُ بالفضةِ وزنًا يوزن مِثْلا ً بمِثْل فمن زاد أو استزادَ فهو ربا] رواه مسلم ، وبعد هذا النص من النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يعترض على هذا الحكم، وفي حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم [الذهبُ بالذهبِ والفضةُ بالفضةِ والبُرُّ بالبرّ والشعيرُ بالشعير والتمرُ بالتمر والملحُ بالملحِ مِثلاً بمثل سواءً بسواء يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصنافُ فبيعوا كيفَ شئتم إذا كان يدًا بيد] رواه مسلم ، فقوله عليه الصلاة والسلام "مثلاً بمثل وسواء بسواء" أي يشترط فيها التساوي في الوزن فيما شأنه أن يُوزن كالذهب والفضة أو الكيل فيما عادة يكال، وقوله "يداً بيد" اي يشترط التقابض في المجلس، فلكي لا يكون ربا في هذا البيع - التبديل - لابد من أن يعطيه ذهبه وهذا يعطيه ذهبه قبل الإفتراق.
تنبيه: وكل هذه الأنواع من الربا هي من كبائر الذنوب، وبعض الناس يظن أن الربا فقط هو ربا البنوك - الفوايد - ويغفلون عن دراسة هذه الأنواع من الربا فيقعون فيها فيكونون آكلين للربا وهم لا يشعرون. ولهذه الأنواع تفاصيل كثيرة أخرى مذكورة في كتب الفقه الإسلامي فمن أراد أن يشتغل في تلك البيوع فعليه أن يتعلم تلك التفاصيل حتى يجتنب الربا، وإلا أكل الربا شاء أم أبى.