عقيدة أهل السنة والجماعة - أهل القرن الرابع عشر
بعض ما جاء عن أئمة القرن الرابع عشر الهجري في التنزيه
قال الشيخ العلامة المحدث الفقيه أبو المحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي اللبناني الحنفي (ت 1305 هـ) "فهذه عقيدة في التوحيد خالصة من الحشو والتعقيد، يحتاج إليها كل مريد، نفع الله بها جميع العباد، ءامين". كتاب الاعتماد في الاعتقاد ص/2 وقال أيضا "فإذا قال لك : أين الله؟ فقل: مع كل أحد بعلمه-لا بذاته-، وفوق كل أحد بقدرته، وظاهر بكل شىء باثار صفاته، وباطن بحقيقة ذاته- أي لا يمكن تصويره في النفس-، منزه عن الجهة والجسمية. فلا يقال: له يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمام، ولا فوق العرش ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا داخل في العالم ولا خارج عنه، ولا يقال: لا يعلم مكانه إلا هو. ومن قال: لا أعرف الله في السماء هو أم في الأرض كفر- لأنه جعل أحدهما له مكانا. فإذا قال لك: ما دليلك على ذلك؟ فقل: لأنه لو كان له جهة أو هو في جهة لكان متحيزا، وكل متحيز حادث، والحدوث عليه محال". المصدر السابق ص/5 وقال أيضا "ويستحيل عليه المماثلة للحوادث بأن يكون ذاته كالذوات يأخذ مقدارا من الفراغ، او يتصف بالأعراض كالبياض، أو يكون في جهة كالفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام، أو يكون جهةً كالأعلى والأسفل، أو يحلّ بمكان أو يُقَيّد بزمان". سفينة النجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة ص/7 قال الشيخ محمد نووي الجاوي الشافعي (ت 1316 هـ) عند ذكر أن الله يستحيل عليه المماثلة لشىء من خلقه "أو يكون تعالى في جهة للجرم بأن يكون عن يمينه أو شماله أو فوقه أو تحته أو أمامه أو خلفه، أو يكون له تعالى جهة بأن يكون له يمين أو شمال أو فوق أو تحت أو خلف أو أمام، أو يتقيد بمكان بأن يحل فيه بأن يكون فوق العرش". الثمار اليائعة في الرياض البديعة ص/ 5 وقال أيضا "وكل ما خطر ببالك من صفات الحوادث لا تصدق أن في الله شيئا من ذلك، وليس له مكان أصلاً فليس داخلاّ في الدنيا ولا خارجا عنها". نور الظلام شرح منظومة عقيدة العوام ص/37 قال الشيخ المتكلم عبد العزيز بن عبد الرحمن السكندري (كان حيّا سنة 1317 هـ) "وكذا يستحيل عليه تعالى أن يكون في مكان أو زمان لأن الحلول في المكان من لوازم الجرم والحلول في الزمان من لوازم الجرم والعرض". الدليل الصادق على وجود الخالق 1/ 94 قال مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري الشافعي (ت 1323 هـ) عن الله "ليس بجِرم يأخذ قدرا من الفراغ، فلا مكان له، وليس بعرض يقوم بالجرم، وليس في جهة من الجهات، ولا يوصف بالكِبَر ولا بالصغر، وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك". الكفاية لذوي العناية ص/ 13 وقال أيضا "تنزه- أي الله- عن المكان والزمان". المجالس السنية ص/ 2 وقال أيضا "لا ينبغي للإله الواحد الصمد أن يحتوى بمكان هو خالقه بل كان ربي ولا عرش ولا مَلَكٌ ولا سماء ورب العرش واجده وكـل من في مكان فهو مفتقر إلى المكان ويحويه سرادقه". المصدر السابق ص/ 119
وقال أيضا "إن الله يُرى في الآخرة- بلا كيف ولا شبهٍ ولا مثالٍ ولا حد ولا ند ولا ضد، ولا مقابلة ولا أمام ولا وراء ولا يمين ولا شمال، ولا محسوس ولا ملموس، ولا طويل ولا قصير ولا كبير ولا صغير ولا عريض". المجالس السنية ص/ 119 قال الشيخ حسين بن محمد الجسر الطرابلسي (ت 1327 هـ) "إنه تعالى ليس جوهرا ولا جسما، فلا يحتاج إلى مكان يقوم فيه، لأن الاحتياج إلى المكان من خواص الجواهر والأجسام، وثبت هناك أنه تعالى ليس عرضا فلا يحتاج إلى محل يحل فيه". الحصون الحميدية للمحافظة على العقائد الإسلامية ص/ 18 قال الشيخ عبد القادر الأدهمي الطرابلسي (ت 1328 هـ) "ولا يحناج الى مكان ومحل، ولا يغيره زمان". وسيلة النجاة والإسعاد في معرفة ما بجب من التوحيد والاعتقاد ص/ 4 قال الشيخ رجب بن محمد جمال الدين البيروتي الشافعي الملقب بشيخ بيروت (ت 1328 هـ) "إنه تعالى ليس مماثلا للحوادث، فليس بجرم يأخذ قدرا من الفراغ فلا مكان له، وليس بعرض يقوم بالجرم فلا يوصف بالصورة ولا بالشكل ولا باللون". كتاب الأجوبة الجلية في العقاند الدينية ص/ 4، طبع في بيروت بالمطبعة الأدبية سنة 1308 هـ، وهذا الكناب كان بدرس في مدارس ولابة بيروت في عهد الدولة العثمانية الإسلامية وقال أيضا "انه تعالى لا يحتاج إلى محل يقوم به، ولا إلى مخصص أي موجد يوجده". المرجع السابق ص/ 5 قال الشيخ إسماعيل حقي الرومي الحنفي (ت 1335 هـ) "خصَّ السماء بالذكر ليعلم أن الأصنام التي في الأرض ليست بآلهة لا لأنه تعالى في جهة من الجهات لأن ذلك من صفات الأجسام". روح البيان 6/ 385 قال الشيخ سليم البشري المصري شيخ الجامع الأزهر (ت 1335 هـ) "إعلم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السنيون أن الله تعالى منزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تنزهه عن الجهة والمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية". فرقان القرءان، مطبوع مع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ص/ 74 قال الشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري (ت 1348 هـ) "فهو سبحانه لا يحده زمان ولا يقله مكان بل كان ولا مكان ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان". شرح تائية- السلوك إلى ملك الملوك ص/ 60 وقال أيضا "خلق الله العرش إظهارا لقدرته لا مكاناً لذاته". المصدر السابق ص/ 29 وقال أيضا "الحمد لله المنزه في كماله عن الكيفية والأينِيَّة، المقدس في جَلاله عن الضِّديَّة والنِّدِّية، المتعالي بألوهيته عن الفوقية والتحتية". ديوان خطب الشرنوبي: الخُطبة الثالثة لصفر ص/ 16 قال الشيخ يوسف النبهاني الشافعي البيروتي (ت 1350 هـ) "فلا جهةٌ تحويه لا جهةٌ له تـنـزَّهَ ربـي عـنـهـا وَعـلاَ قـَدْرَا". الرائية الكبرى ص/ 3 قال الشيخ مصطفى نجا الشافعي مفتي بيروت (ت 1351 هـ) "ومعنى العلي المتعالي في جلاله وكبريائه إلى غير غاية ولا نهاية، والمراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان لأنه تعالى منزه عن التحيز والجهة". كشف الأسرار لتنوير الأفكار ص/118 وقال أيضا "فإنها-يعنيءاية الكرسي- دالة على انه تعالى موجود واحد في الألوهية، متصف بالحياة، واجب الوجود لذاته موجد لغيره، منزه عن التحيز والحلول". المرجع السابق ص/122 قال الشيخ عبد المجيد المغربي الطرابلسي أمين الفتوى في طرابلس الشام (ت 1352 هـ) "لا يحويه مكان ولا تحصره جهة لا فوق ولا تحت، كان الله تعالى في أزليته ولم يكن شىء من الكائنات والأمكنة والجهات على الإطلاق". رسالة علميه في الإسراء والمعراج ص/ 24 وقال أيضا "وليعلم ههنا أن الله صانع الكائنات ومحدثها يجب عقلا أن لا يكون مماثلا لشىء منها من كل وجه، ولا شىء من هذه الكائنات إلا ويحصره المكان وتحده الجهة، وكل مكان محدود، وكل محدود ومحصور حادث، والله عز وجل قديم فلا يجوز عقلا أن يكون في مكان أو تحده جهة". الكوكب الشرقي في رد نظرية لابلاس ورفقائه ص/ 57 قال الشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي وهو من مشايخ الأزهر بمصر (ت 1352هـ) "وأما مذهب السلف والخلف بالنسبة للآيات والأحاديث المتشابهة فقد اتفق الكلّ على أن الله تعالى منزه عن صفات الحوادث، فليس له عز وجل مكان في العرش ولا في السماء ولا في غيرهما، ولا يتصف بالحلول في شىء من الحوادث ولا بالاتصال بشىء منها ولا بالتحول والإنتقال ونحوهما من صفات الحوادث". إتحاف الكائنات ص/ 5
وقال أيضا "سألني بعض الراغبين في معرفة عقائد الدين والوقوف على مذهب السلف والخلف في المتشابه من الآيات والأحاديث بما نصه : ما قول السادة العلماء حفظهم الله تعالى فيمن يعتقد أن الله عز وجل له جهة وأنه جالس على العرش في مكان مخصوص ويقول ذلك هو عقيدة السلف ويحمل الناس على أن يعتقدوا هذا الاعتقاد، ويقول لهم : من لم يعتقد ذلك يكون كافرًا مستدلاً بقوله تعالى:الرحمن على العرش استوى}، وقوله عز وجل {ءأمنتم من في السمآء}، أهذا الاعتقاد صحيح أم باطل؟ وعلى كونه باطلاً أيكفر ذلك القائل باعتقاده المذكور ويبطل كل عمله من صلاة وصيام وغير ذلك من الأعمال الدينية وتبين منه زوجه، وإن مات على هذه الحالة قبل أن يتوب لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وهل من صدّقه في ذلك الاعتقاد يكون كافرًا مثله؟ فأجبت بعون الله تعالى، فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الهادي إلى الصواب، والصلاة والسلام على من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وعلى ءاله وأصحابه الذين هداهم الله ورزقهم التوفيق والسداد. أما بعد: فالحكم أن هذا الاعتقاد باطل ومعتقِدُه كافر بإجماع من يعتد به من علماء المسلمين، والدليل العقلي على ذلك قِدَم الله تعالى ومخالفته للحوادث، والنقلي قوله تعالى{ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} فكل من اعتقد أنه تعالى حلّ في مكان أو اتصل به أو بشىء من الحوادث كالعرش أو الكرسي أو السماء أو الأرض أو غير ذلك فهو كافر قطعًا، ويبطل جميع عمله من صلاة وصيام وحج وغير ذلك، وتبين منه زوجه، ووجب عليه أن يتوب فورًا، وإذا مات على هذا الاعتقاد والعياذ بالله تعالى لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومثله في ذلك كله من صدَّقه في اعتقاده أعاذنا الله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. وأما حمله الناس على أن يعتقدوا هذا الاعتقاد المكفر، وقوله لهم: من لم يعتقد ذلك يكون كافرًا، فهو كفر وبهتان عظيم". المرجع السابق ص/ 3- 4
قال الشيخ محمد الخضر الشنقيطي مفتي المدينة المنورة (ت 1353هـ) "إن الله تعالى ليس بجسم، فلا يحتاج الى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان.. والبارىء ..سبحانه لا تحويه جهة إذ كان موجودا ولا جهة". استحالة المعية بالذات، المبحث الثامن في النزول والصعود والعروج ص/ 277 قال الشيخ عبد الفتاح الزعبي الطرابلسي اللبناني (ت 1354 هـ) "كيف يحيط العقل بمن تقدس عن الكميَّة والكيفية والأينيَّة، فنزهوا ربكم وقدسوه عن الخواطر الفكرية". المواعظ الحميدية ص/ 85 قال الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية (ت 1355 هــ) "- إن الله- منزه عن جميع النقائص، وسمات الحدوث، ومنها الزمان والمكان، فلا يقارنه زمان ولا يحويه مكان إذ هو الخالق لهما فكيف يحتاج إليهما". مختصر شرح عقيدة أهل الاسلام ص/ 12- 13 وقال أيضا "لا تحيط به الجهات كقدام وخلف وفوق وتحت، وشمال إذ هي نسب حادثة بحدوث الأشياء، والله تعالى قديم أزلي". المصدر السابق ص/ 12- 13
وقال أيضا "ولمّا قام البرهان على تنزهه تعالى عن الحيز والمكان والجهة كسائر لوازم الحدوث، وجب أن يكون استواؤه على عرشه لا بمعنى الاستقرار والتمكن، بل بالمعنى اللائق بجلاله تعالى". المصدر السابق ص/ 12- 13 وقال أيضا "فيُرَى سبحانه لا في مكان ولا جهة ولا باتصال شعاع ولا ثبوت مسافة بين الرائين وبينه تعالى بل على الوجه الذي يليق بقدسيته وجلاله سبحانه". المصدر السابق ص/ 27
قال الشيخ يوسف الدَّجوي المصري (ت 1365 هـ) في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر في تفسير قول الله تبارك وتعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} "والأعلى صفة الرب، والمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار، لا بالمكان والجهة، لتنرهه عن ذلك". مجلة الأزهر المجلد التاسع، الجزء الأول- المحرم سنة 1357 ص/16
وقال أيضا "واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى، خلافا لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنزيه" المصدر السابق ص/ 17.
قال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني (ت 1367 هـ) مدرس علوم القرءان والحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر بمصر "الأدلة القاطعة تنزه الله عن أن يشبه خلقه أو يحتاج إلى شىء منه، سواء أكان مكانا يحل فيه أم غيره". مناهل العرفان في علوم القرءان 2/186، وكُتب على غلاف الكتاب "طبق ما قرره مجلس الأزهر الأعلى في دراسة تخصص الكليات الأزهرية".
وقال أيضا "قبل أن يخَلق- الله- الزمان والمكان و قبل أن تكون هناك جهات ست لم يكن له جهة ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا جهة له ولا مكان". المصدر السابق 2/ 190
قال وكيل المشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي (ت 1371 هـ) "وتنزيه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ المجسمة الصرحاء والممجمجين من ذلك". مقالات الكوثري: مقال الإسراء والمعراج ص/ .452 ومجمج في خبره : لم يبينه، ومجمج بفلان : ذهب في الكلام معه مذهبا غير مسنقيم، فردَّه من حال إلى حال.
وقال أيضا "فظهر بذلك بطلان التمسك بكلمة "فوق" في الآيات والأحاديث في إثبات الجهة له تعالى، تعالى الله عن مزاعم المجسمة". تكملة الرد على نونية ابن القيم ص/88
وقال أيضا "قوله سبحانه }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {نص في نفي الجهة عنه تعالى، إذ لو لم تنف عنه الجهة لكانت له أمثال لا تحصى، تعالى الله عن ذلك". المصدر السابق ص/ 102
وقال أيضا "إن القول بإثبات الجهة له تعالى كفر عند الأئمة الأربعة هداة الأمة كما نَقل عنهم العراقي على ما في "شرح المشكاة" لعلي القاري". مقالات الكوثري ص321
قال الشيخ مصطفى وهيب البارودي الطرابلسي (ت 1372 هـ) "إن الله تعالى منزه الذات عن الاختصاص بالأمكنة والجهات، وهذا أصل من أصول العقائد الإيمانية، لأنه لو احتاج إلى المكان لكان حادثا، وقد قام الدليل على وجوب القِدَم- لله- واستحالة العدم- عليه- ولأن هذه الجهات هو الذي خلقها". أنظر كتابه الفوز الأبدي في الهدي المحمدي ص/ 73
قال الشيخ سلامة القضاعي العزامي الشافعي (ت 1376 هـ) "أجمع أهل الحق من علماء السلف والخلف على تنزه الحق- سبحانه- عن الجهة وتقدسه عن المكان". فرقان القرءان، مطبوع مع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ص/93
قال الحافظ المحدث الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغُمَاري المغربي (ت 1380 هـ) "فإن قيل: إذا كان الحقُّ سبحانه ليس في جهة، فما معنى رفع اليدين بالدعاء نحو السماء؟ فالجوابُ كما نقله في "إتحاف السادة المتقين" 5/ 34- 35 عن الطُّرْطُوشي- المالكي- من وجهين : احدُهما :أنه محل التعبُّد، كاستقبالِ الكعبة في الصلاة، وإلصاق الجبهة بالأرض في السجود، مع تنزُّهه سبحانه عن محل البيت ومحل السجود، فكأنَّ السماء قبلةُ الدعاء. وثانيهما : أنها لما كانَتْ مهبط الرزقِ والوحي وموضعَ الرحمةِ والبركةِ، على معنى أن المطرَ ينزِلُ منها إلى الأرضِ فيخرج نباتا، وهي مَسكَنُ الملاء الأعلى، فإذا قَضَى اللهُ أمرا ألقاه إليهم، فيُلقونه إلى أهلِ الأرض، وكذلك الأعمال تُرفَع، وفيها غيرُ واحد من الأنبياء، وفيها الجنةُ- التي هي غايةُ الأماني، فلما كانت معْدِنّا لهذه الأمور العظام ومَعْرِفةَ القضاءِ والقَدَر، تَصرَّفَت الهِممُ إليها، وتوفَّرَت الدواعي عليها". المنِحُ المطلوبة ضمن كتاب ثلاث رسائل في استحباب الدعاء ص/ 61- 62
قال المحدث الشيخ محمد عربي التبان المالكي المدرس بمدرسة الفلاح وبالمسجد المكي (ت 1390هـ) "اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالى منزه عن الجهة والجسمية والحد والمكان ومشابهة مخلوقاته". براءة الأشعريين 1/ 79
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور المالكي (ت 1393 هـ) وهو رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة وفروعه بتونس "قوله تعالى {مَّن فىِ السَّمَاءِ} في الموضعين من قبيل المتشابه الذي يعطي ظاهره معنى الحلول في مكان، وذلك لا يليق بالله". أنظر تفسيره التحرير والتنوير 29/ 33
قال الشيخ عبد الكريم الرفاعي الدمشقي (ت 1393هـ) احد خوَّاص تلاميذ الشيخ المحدث بدر الدين الحسني "يستحيل- على الله- التقيد بالمكان لأن المتمكِّن فيه إما ساكن أو متحرك، وقد تقدم استحالة الحركة والسكون على الله تعالى، فإذا استحال على الله تعالى أن يتقيد بالمكان. ويستحيل ان يكون الاله في جهة أو يكون له جهة لأن الجهة التي هي الفوق، والتحت، والأمام، والوراء، واليمين، والشمال لا تتصور ولا تعقل إلا ملازمة للجرم، وقد تقدم استحالة الجرمية عليه، فإذا لا يتصور أن يكون له جهة أو يكون في جهة". كتاب المعرفة في بيان عقيدة المسلم ص/55 -57