تفسير الآية: وإذا الوحوش حشرت
قال تعالى {وإذا الوحوشُ حُشرت} سورة التكوير/5. وقال الله تعالى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} سورة الأنعام /38. إن هاتين الآيتين تدلان على أن البهائم لها أرواح. فمعلوم عند أهل اللغة أن معنى الحيوان هو كل ذي روح. فالآية الأولى بينت أن الدواب التي تدب على الأرض وكذلك الطيور إنما هي أمم مثل أمم البشر وأنهم يحشرون يوم القيامة كالبشر، وكذلك أكدت الآية الأخرى أن الوحوش وهي من البهائم لها أرواح بدليل أنها تحشر. فلا أصل لما قاله محمد متولي الشعراوي المصري في كتابه المسمى الفتاوى ج1 ص218 "إن البهائم لا أرواح لها".
هذا وقد روى مسلم في صحيحه في "كتاب الصيد" عن سعيد بن جبير قال [مرَّ ابن عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر: مَنْ فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غَرَضًا]. وعند البخاري [لعن النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ مَثَّلَ بالحيوان]، ورواه زيادة على البخاري ومسلم الترمذي في كتاب الصيد وابن ماجه في كتاب الذبائح والنسائي في كتاب الضحايا وأحمد في المسند والبخاري في تاريخه. وقد قال ابن حجر في "فتح الباري" ج9 ص644: ولأحمد من وجه ءاخر عن أبي صالح الحنفي عن رجل من الصحابة أراه عن ابن عمر رفعه "من مثَّل بذي روحٍ ثم لم يتب مَثَّلَ الله به يوم القيامة" رجاله ثقات.
فبعد هذا لا يلتفت إلى كل مخالف سواء كان الشعراوي أو غيره، لذلك من قال إن البهائم لا أرواح لها فقد كذّب القرءان والحديث.
ملاحظة: لا بد هنا من فائدتين مهمتين:
الفائدة الأولى: لقد درج بعض العصريين على تسمية الكائن المنوي بالحيوان المنوي وهذه التسمية مضادة لشرع الله تعالى فالحيوان كما بينا هو كل ذي روح وهذا الكائن المنوي لا روح فيه البتة وإلا فما معنى ما ورد في الحديث الصحيح أن المَلَكَ ينفخ فيه الروح (أي في الجنين) بعد أربعة أشهر في بطن أمه؟ فلو كانت المادة المنوية فيها روح فما معنى نفخ الروح في الحديث؟! ولو قال قائل "لو نظر شخص بمجهر لوجد كائنات تتحرك" فالجواب: إن الزرع والشجر يتحرك وينمو نموًا عظيمًا ومع ذلك لا روح فيه.
الفائدة الثانية: كذلك درج كثير من أهل العصر على قول "إن المرأة لا منيَّ لها إنما عندها بويضة، والتقاء مني الرجل مع بويضة المرأة في الرحم يجعل المرأة تحمل" وهذا الكلام مضاد لشرع الله تعالى أيضًا فالله تعالى أخبرنا في القرءان أن الإنسان يُخلق من ماء الرجل وماء المرأة وذلك في قوله تعالى {فلينظر الإنسان ممَ خُلق * خُلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب}. فالصُّلب هو عظام ظهر الرجل والترائب عظام صدر المرأة.
هذا وقد ثبت حديثًا عند أطباء العصر أن المرأة تقذف المني كما يقذف الرجل وقد أثبت ذلك الدكتور سبيرو فاخوري في كتابه "موسوعة المرأة الطبية" الصادر بتاريخ 1999 حيث قال في الطبعة الأولى ص545:كان هناك اعتقاد بأن مرحلة الرعشة غير موجودة لدى المرأة كون المرأة لا تقذف السائل الذي يقذفه الرجل عند وصوله للرعشة ولكن هذا الاعتقاد قد تغيّر وخرج علم الجنس بحقائق تثبت أن المرأة تحدث لها الرعشة القصوى وأنها تقذف في قمة الرعشة.