الرعد ملك يسوق السحاب بيده مخراق يضرب به السحاب
الملائكةُ اللهُ صَرَّفَهُم في كثِيرٍ مِنْ أُمُورِ العِبادِ أي كثِيرٍ مِن أُمُورِ أَهلِ الأرض، يتَصرَّفُونَ في المطَر، إنزالُ المطَرِ لَيسَ هَكذَا مِن دُونِ مِقدَارٍ، بلِ الملائكةُ يتَصَرّفُونَ، علَى حسَبِ تَصَرُّفِهِم تَنزِلُ قَطَراتُ المطَرِ كذَلكَ النّباتُ للمَلائكةِ فيهِ تَصرُّفٌ، النّباتُ الذي تُنبِتُه الأرضُ أي ما يَأكلُهُ النّاسُ والدَّوابُّ بتَصرُّفِ الملائِكةِ، اللهُ تَعالى هوَ خَالقُ كلّ شَىءٍ، لا خَالقَ سِواهُ، وهوَ صَرَّفَ الملائكةَ في كثِيرٍ مِنَ الأمُور، في المطَرِ الذي يَنزِلُ لإحْياءِ الأرضِ اللهُ تَعالى صَرّفَهُم، يتَصرَّفُونَ في ذلكَ، حتى هَذا الرّعدُ رسولُ اللهِ فسَّرَه قالَ [الرَّعدُ مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ بِيَدِه مِخْرَاقٌ يَضرِبُ بهِ السّحَابَ] رواه الترمذي.
المِخْراقُ هوَ ليسَ كمِخراقِ الدُّنيا الذي يَستَعمِلُه البشَرُ، بل هُوَ شَىءٌ ءاخَرُ لهُ شَبَهٌ، لذَلكَ الرّسولُ قالَ بِيَدِه مِخْرَاقٌ، المِخْرَاقُ هوَ هَذا الرِّداءُ يُلّفُّ ويُضرَبُ بهِ مِثلُ السَّوط، يُلَفُّ فيَصِيرُ مِثلُ السَّوط، بيَدِه أي بيَدِ هَذا المَلَك المسَمَّى الرّعد مخراقٌ يَضرِبُ به السّحَاب فيَنقُل السّحَابَ مِن أَرضٍ إلى أَرض، هو يَضربُ بهذا المِخراقِ السّحَابَ مِن أَرضٍ إلى أَرض، لكنَّ اللهَ تَباركَ وتَعالى أَعطَى الملائكةَ قُوّةً لم يُعطِها لغَيرِهم، مَا أَعطَى هذِه القُوّةَ لا للبَشرِ ولا للجِنّ، ما أَعطَى أَحَدًا مِنْ خَلْقِه مِنَ القُوّةِ مَا أَعْطَى الملائكةَ، هُناكَ مِنْ مَلائِكةِ اللهِ خُزّانُ الرّيح، هذهِ الرِّيحُ أيضًا تحتَ تَصرُّفِ الملائكةِ، الرِّيحُ التي تهُبُّ في الأرضِ في هَذا الفَضاءِ بتَصَرُّفِ الملائكةِ أَحيانًا تَكُونُ قَويّةً وأَحيانًا تَكُونُ خَفِيفةً، كلُّ ذلكَ بتَصَرُّفِهم، على حسَبِ الأوامِر يتَصرّفُونَ، ليسَ تَصرُّفًا أَعوَج عَن هَوى، كُلٌّ بأَمرٍ مِنَ اللهِ يتَصرَّفُونَ، تَصرُّفُهم في الرِّيحِ، تَصَرُّفُهم في المطَر، تَصَرُّفُهم في النّباتِ، في نَباتِ الأرض،كلُّ ذلكَ بأَمرٍ الله، يتَلقَّونَ الأوامِرَ مِنَ اللهِ تَعالى.
كمَا أنّهُ جَعلَ هؤلاءِ الذينَ يَسألُونَ الميّتَ في قَبرِه تلكَ الأسئِلةَ الثّلاثةَ هُم أيضًا يتَصرّفُونَ بأَمرِ اللهِ تبَارك وتعَالى، لكن هذِه لم تكن أيامَ الأنبياءِ الأوَّلِين، سؤالُ القَبرِ في أيامِ الأنبياءِ السّابقِينَ قَبلَ سيِّدِنا محمّد مَا كانَ، اللهُ تبَارك وتعالى جَعَل هَذا السّؤال في أمةِ محمّد، حتى المؤمن لما يُسأَل عَنه معَ السّؤالِ الأوّل مَن رَبُّكَ والثّاني مَن نَبِيُّكَ، يقُولونَ لهُ مَن نَبِيُّكَ وفي لفظٍ ورَدَ أنهما يقُولانِ مَا تَقُولُ في هَذا الرّجُل محمّد الذي بُعِثَ فِيكُم، مَا تَقُولُ في هَذا الرّجُل الذي بُعِثَ فِيكُم، أي محمّد، فالمؤمنُ يَفرَحُ بهذا الجَوابِ الذي يُجِيبُه، لأنّهُ كانَ مُعتَقِدًا جَازِمًا لم يَكُن شَاكًّا، ولا مُنكِرًا، يجِيبُ الملَكَين بقَولِه محمّدٌ نَبِيِّي، وبلفظٍ إنّهُ عَبدُ اللهِ ورَسُولُه جَاءنَا بالبَيِّنَاتِ والهُدَى فآمنَّا بهِ وصَدّقْناهُ.