www.sunnaonline.org

عذاب القبر ونعيمه وسؤاله

أمور يجب الإيمان بها عذاب القبرِ ونعيمه وسؤاله

 

قال الله تعالى {النارُ يُعرَضونَ عليها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويومَ تقومُ الساعةُ أدْخِلوا ءالَ فرعونَ أشدَّ العذاب} سورة غافر. وقال تعالى {ومَنْ أعرضَ عن ذكري فإنَّ لهُ معيشةً ضنكًا} سورة طه. فهاتانِ الآياتانِ وارِدتانِ في عذابِ القبر للكفار، وأما عُصاة المسلمين من أهل الكبائرِ الذينَ ماتوا قبلَ التوبةِ فهم صنفان:

- صنفٌ يُعفيهم الله من عذاب القبر

- وصِنفٌ يُعذبهم ثم ينقطعُ عنهم ويُؤخرُ لهم بقيةَ عذابهم إلى الآخرة.

وروى البخاري ومسلمٌ والترمذي وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: مرَّ رسول الله على قبرين فقال [إنهُما ليُعَذَّبان وما يُعذبان في كبير إثم، قال: بلى، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكانَ لا يستترُ من البولِ]، ثم دعا بعسيبٍ رطبٍ فشقَّهُ اثنين فغرس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا، ثم قال [لعلهُ يُخفَّفُ عنهما].
واعلم أنه ثبتَ في الأخبار الصحيحةِ عَودُ الروحِ إلى الجسدِ في القبر كحديثِ البراءِ بن عازب الذي رواه الحاكم والبيهقي وأبو عُوانة وصححه غيرُ واحد، وحديث ابن عباس مرفوعًا [ما مِن أحدٍ يمُرُّ بقبرِ أخيهِ المؤمن كان يعرفهُ فيُسلِّمُ عليه إلا عرفهُ وردَّ عليه السلام]. رواه ابن عبد البر وعبدُ الحق الإشبيلي وصححه. فيستلزمُ ذلكَ رجوعَ الروحِ إلى البدن كله وذلك ظاهرُ الحديث أو إلى بعضه. ويتأكدُ عودُ الحياة في القبر إلى الجسد مزيدَ تأكدٍ في حق الأنبياء، فإنه وردَ من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم [الأنبياء أحياءٌ في قبورهم يصلون] صححه البيهقي وأقره الحافظ ابن حجر العسقلاني .

وروى البخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبره وتولَّى عنه أصحابهُ وإنهُ ليَسمعُ قرعَ نِعالهم إذا انصرفوا أتاهُ ملكانِ فيُقعِدانه فيقولان: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن –أي الكامل- فيقولُ: أشهدُ أنهُ عبد الله ورسوله، فيُقال له: انظُر إلى مقعدكَ من النار أبدلكَ الله به مقعدًا من الجنة فيراهما جميعًا.
وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنتُ أقول ما يقولُ الناس فيه، فيُقال: لا دريتَ ولا تليتَ، ثم يُضربُ بمطرقة من حديد بين أذنيهِ فيصيحُ صيحةً يسمعها من يليهِ إلا الثقلين]. وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتّاني القبر فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أتُرَدُّ علينا عقولنا يا رسول الله، قال [نعم كهيئتكم اليوم]، والفتّان هو الممتحنُ منكرٌ ونكيرٌ سميا بذلك لأنهما يمتحنان الناس.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا قُبرَ الميتُ أو الإنسانُ أتاهُ ملكانِ أسودان أزرقان يُقال لأحدهما منكرٌ وللآخر نكيرٌ فيقولان له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل محمد؟ فهو قائلٌ ما كان يقول. فإن كان مؤمنًا قال: هو عبد الله ورسوله أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أنّ محمدًا عبدهُ ورسوله فيقولان له: إن كنّا لنعلم أنك لتقول ذلك، ثم يفسحُ له في قبره سبعين ذراعًا في سبعين ذراعًا ويُنوَّرُ له فيه، فيقال له: نَمْ، فينام كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهله حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك. فإن كان مُنافقًا قال: لا أدري، كنتُ أسمعُ الناسَ يقولون شيئًا أقولهُ، فيقولان له: إنْ كُنّا لنعلمُ أنكَ تقولُ ذلك، ثمَّ يقال للأرضِ التّئِمي فتلتئِمُ عليه حتى تختلفَ أضلاعهُ فلا يزالُ مُعَذَّبًا حتى يبعثهُ الله تعالى من مضجعهِ ذلك]. والحديثانِ رواهما ابن حبان وصححهما، ففي الأول إثباتُ عودِ الروح إلى الجسد في القبر والإحساس، وفي الثاني إثبات استمرار الروحِ في القبر وإثبات النوم وذلك ما لم يبلَ الجسدُ. وهذا النعيمُ المذكور هو للمؤمن القويّ وهو الذي يؤدي الفرائض ويجتنب المعاصيَ، وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه [الدنيا سِجنُ المؤمن وسَنَتُهُ فإذا فارقَ الدنيا فارق السجن والسنة]، حديثٌ صحيحٌ أخرجهُ ابن حبان، يعني المؤمن الكامل. "سجن المؤمن" أي بالنسبةِ لما يلقاهُ من النعيم في الآخرة الدنيا كالسجن، وقوله "وسنته" أي دار جوع وبلاء.


ثم إذا بليَ الجسدُ كله ولم يبقَ إلا عَجْبُ الذنبِ يكون روح المؤمن التقي في الجنةِ وتكونُ أرواحُ عُصاة المسلمين أهل الكبائر الذين ماتوا بلا توبة بعد بلى الجسد فيما بين السماء والأرض، وبعضهم في السماء الأولى. وتكونُ أرواح الكفار بعد بلى الجسد في سجين، وهو مكانٌ في الأرض السفلى. "عَجْبُ الذنبِ" لا يبلى ولو سلّطَ عليه نارٌ شديدةٌ، وهو عظمٌ صغيرٌ قدرُ حبةِ خردلةٍ، وقد ورد في الحديث الصحيح [منهُ خلقَ الإنسانُ وعليه يُركَّبُ] أي أن سائر العظام تُركَّبُ على هذا العظمِ الصغير. وأما الذين لا تبلى اجسادهم فهم الأنبياء وشهداء المعركة وبعض الأولياء. وأما الشهداء (شهداء المعركة) فتصعدُ أرواحهم فورًا إلى الجنة.


تنبيه:
يُستثنى من السؤال في القبر : الأنبياء والشهداءُ أي شهداء المعركة وكذلك الطفل أي الذي مات دون البلوغ.
الله موجود بلا مكان



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : العقــيدة الإســلامية
الزيارات : 4193
التاريخ : 19/9/2010