الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وءاله وصحبه وبعد,
فليعلم أن استنباط الأحكام من الكتاب والسنة هو من إختصاص العلماء والفقهاء المجتهدين، وليس من إختصاص العوام أمثالنا، أما نحن فنلتزم قوله تعالى ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. وقد ذهب جمهور الفقهاء والأئمة الأربعة أصحاب المذاهب وعامة فقهاء الأمصار، إلى وجب الإمتناع عن الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق لمن أراد الصوم، ودليلهم قوله تعالى ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.
فالحديث الذي رواه أحمد والحاكم وأبو داود من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) ليس معناه كما توهم بعض العوام من أنه يجوز للشخص أن يشرب من الإناء إن كان في يده ولو بعد طلوع الفجر الصادق، بل محمول على أن النداء يكون قبل طلوع الفجر الصادق، ودليله ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إِنَّ بِلَالَاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ)، قال ابن عمر رضي الله عنهما: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا. رواه الشيخان. وقوله صلى الله عليه وسلم (الْفَجْرُ فَجْرَانِ: فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، وَلَا يُحِلُّ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، وَيُحِلُّ الصَّلَاةَ) رواه الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: (ذَكَرْنَا أَنَّ مَنْ طَلَعَ الفَجْرُ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلْيَلْفُظْهُ وَيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنِ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالفَجْرِ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ) إلى أن قال رحمه الله (وَيَكُونُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». خَبَرَاً عَنِ النِّدَاءِ الأَوَّلِ لِيَكُونَ مُوَافِقَاً لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؛ قَالَ: وَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الأَخْبَارُ.) اهـ.
وبناء على ما تقدم، فلا يجوز الأكل والشرب بعد طلوع الفجر الصادق. والحديث المذكور محمول على الشرب عند أذان بلال رضي الله عنه وهو بليل قبل طلوع الفجر الصادق. هذا والله تعالى أعلم وأحكم.
رابط ذو صله : | http://www.sunnaonline.org |
القسم : | القـــرءان والحــديـث |
الزيارات : | 184 |
التاريخ : | 16/3/2024 |
|