www.sunnaonline.org

الكليات الست: الدين، النفس، العقل، المال، النسب، العرض

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى ءاله الطيبين الطاهرين. أما بعد: نسمعُ أو نقرأ (الكلّيات الخمس) أو (الكلّيات الست)، (القواعدُ الخمس) أو (القواعدُ الستّ). ما هي؟ شرائعُ الأنبياءِ صلى الله عليهم أجمعين اللهُ تعالى جَعَلَها لِحِكْمةٍ تَخْتلِفُ في بعضِ الأمورِ لكنْ اتّفقت الشرائع على أمورٍ منْ آدم عليه السلام إلى خاتَمِ الأنبياء محمد صلى الله عليهم أجمعين.

 

فما هيَ هذه القواعد التي اتّفقَتْ عليها شرائغُ الأنبياء؟ ومهمٌّ جدًّا أنْ نفْهَمَها اليوم. لماذا اليوم؟ لأنه قلَّ العلم وقلَّ الالتزام بعلمِ الدين والذي فيه السلامة وفيه الغنيمة، فيه ربحٌ عظيم، فيه فوزٌ في الدنيا وفي الآخرة. فهذه الكلّيات هذه القواعد فَهْمُها عظيم وسنُعطي إنْ شاءَ اللهُ تعالى أمثِلةً حتى نمَيِّزَ كيفَ أحفظُ ديني، وكيف أحفظُ عقلي وكيف أحفظُ جسدي ونفسي، وكيف أحفظُ مالي، وكيف أحفظُ نسبي وكيف أحفظ عِرضي، أو كيف أحفظ دينَ أخي المسلمِ ونفسَهُ، كيفَ أحفظُ عقلَهُ ومالَهُ ونسَبَهُ وعِرضَه. هذا الموضوع مهمٌّ جدًّا، ونبدأُ بالدينِ لماذا؟ لأنّهُ هو الأصل.

 

(١)- حفظ الدين: فإنّ اللهَ تعالى جعلَ آخِرَ آيةٍ نزلَتْ على نبيِّنا صلى الله عليه وسلم منْ آياتِ الأحكام: {اليومَ أكْمَلْتُ لكمْ دينَكم}. فدينُنا كامل، دينُ الإسلامِ نِعمةٌ عظيمة جاءَ بها الأنبياء وقبلَهم الملائكةُ كانوا على الإسلام. فالأنبياءُ عليهم السلام دعَوْا لحَفظِ هذه الأمورِ الخمسة أو الستة – هذا لاخْتِلافِ العلماءِ في تَعْدَادِها – وإلا فهذا أمرٌ عظيمٌ وكانوا يبْدَأونَ بالدينِ لأنه الأصل. فالإسلامُ نبَّهَ مِنْ تركِ الدينِ وليس فقط نبيُّنا بل حصلَ في أمّةِ سيّدِنا موسى عليه السلام أنّهُ ذهب موسى إلى جبلِ الطور، هذا جبل الطورِ في سيْناء هناك اللهُ تعالى أكرمَ موسى بأمورٍ عظيمة. موسى غابَ عنْ قوْمِه أربعين ليلة، مَنْ كانَ في قوْمِه؟ كان فيهم هارون. وهارونُ وموسى نبيّانِ رسولانِ أُرسِلا في نفسِ الزمنِ، في نفسِ القومِ، نفسِ الشريعةِ، نفس الأحكام. هذا نبيُّ اللهِ موسى غابَ عنْ قوْمِهِ هذه المدة فعادَ فوجدَ قوْمَهُ يعبُدونَ العجل من دونِ الله. هذا الأمر الذي حصلَ فيهم ما حفِظوا دينَهمْ. وكذلك حصلَ في أمّةِ سيِّدِنا أيوب عليه السلام وفي أمّةِ نبيِّ اللهِ تعالى عيسى وفي أمّةِ نبيِّ اللهِ محمد صلى الله عليه وسلم.

 

فإذًا حِفظُ الدينِ أيْ أنْ أتَجَنَّبَ ما يُخالِف الإسلام، أنْ أتَجَنَّبَ ما يُخالِف الدين. وهذه مسئلة عظيمةٌ أحبابي قدْ يَجُرُّكَ أمرٌ صغيرٌ إلى الوقوعِ بما هو أكبر. لاحظوا قشّة أو قطعة خشب صغيرة تكونُ سببًا باشتعالِ الغابة. حجر صغير لكنْ انظرْ إلى الجبل فإنهُ اجْتِماعُ الحصَى. فلا تسْتَصْغِرَنَّ المعصيةَ فإنَّ الجبالَ منَ الحصَى. معناهُ الواحدُ ينتبه فإنَّ الانْحِرافَ أحيانًا قدْ يبدأُ صغيرًا بالنسبةِ للرّائي. فانْتبِهوا الصغيرةُ قدْ تَجُرُّ إلى الكبيرة والكبيرةُ منْ شؤْمِها قدْ يُخْتَمُ للإنسانِ على حالٍ سىّءٍ على غيرِ الإيمان. حصلَ أنَّ رجلًا كانَ مُتَمَسِّكًا بسِتارِ الكعبة يبكي ويقول أمِتْني يا ربي على الإسلام، فرآهُ شخصٌ فقالَ لهُ لِمَ تدعو هذا الدعاء؟ قال اسمَعْ قصتي: كانَ لي أخان واحدٌ أمَّ في الناسِ أربعينَ سنة مِنْ غيرِ مقابل فلَمّا حضَرَهُ الموت (وهو على فراشِ الموت) قال لأهلِه أريدُ المصحفَ، قال ظنَنّا أنهُ يريدُ التبرُّكَ، فلَمّا أعْطَيْناهُ القرآنَ قالَ إني برىءٌ ممّا فيه – والعياذُ بالله – خرجَ منَ الإسلامِ ومات. ثمّ حصلَ معَ أخيهِ الآخَر كان يؤَذِّنُ في الناسِ ثلاثينَ سنة مُحْتَسِبًا – يعني منْ غيرِ مال – فلمّا حضرَهُ الموت قال مَقولَةَ أخيه، والعياذُ باللهِ تعالى، قال عن القرآنِ إنّي برىءٌ ممّا فيه، قال وأنا أخافُ أْنْ يصيرَ معي مثل ما حصلَ معَ إخوتي. قال لهُ هذا الرجل الذي يسمع وكان عندَهُ علم: ماذا كانا يفعلانِ؟ بماذا عُرِفا بأمرٍ فيه عيب، معصية؟ قال كانا يتتَبَّعانِ عوراتِ المسلمين (يعني يتتبّعُ هذا العيب في هذا وهذا ويتجَسّس على المسلمين وهذا حرام لا يجوز) لكنْ منْ شؤمِ المعصية هذا الإنسان انْقَلَبَ وخُتِمَ لهُ على غيرِ الإيمان. نعم يا أحباب يُحكَى أنَّ عالِمًا كانَ يغتابُ واحدًا من العلماءِ هذا العالِم فاسق يغتابُ واحدًا من العلماء، هذا لمّا ماتَ أمامَ الناسِ جاءَ حيوانٌ يشبِهُ الهرَّ فأكلَ لسانَ هذا الإنسان وهرب به. هذا منْ شؤمِ المعصية. فإذًا يا أحباب كلُّ الشرائع حثَّتْنا على أنْ نحفظَ دينَنا. اللهُ قال: {ولا تَموتُنَّ إلَّا وأنتمْ مسلمون} في حالِ الفرحِ وفي حالِ الحزن، والحرب والسّلم والشدة والرَّخاء، في أيِّ حالٍ كنتَ احفظْ إسلامَكَ احفظْ دينَكَ هذه النِّعمة العظيمة. فإذًا حفظُ الدينِ هذه القاعدة الأولى.

 

(٢)- حفظُ العقل: وردَ في الحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال: "اجْتَنِبْ كلَّ مُفْتِر" – يعني كلَّ مخَدِّر – فانظروا ما هو حالُ المسلمين اليوم الشباب والبنات انتشرَ بينَهم المُخَدِّرات بطُرُقِها وأساليبِها وأنواعِها، بالحبوبِ أو مع الدخان يضعونَ فيه هذا الذي يسمّى الحشيش أو نحوُهُ منَ المُخَدِّرات. أحيانًا بتَعاطي الإبر، أحيانًا بأشياء أخرى يسمّونَها هلْوسَة أو كَيْف أو نحو ذلك. هذا خطر عظيم. ولدٌ يكونُ سببًا في بلاءِ ولدٍ آخر، وبنت تكونُ سببًا في ابتِلاءِ بنتٍ أخرى، يكونُ سببًا بخرابِه بدمارِهِ مسْتَقْبلُهُ ينْهَدِم بسبب هذه المُخَدِّرات. فحفظُ العقلِ واجبٌ علينا في كلِّ الشرائع. حفظُ العقلِ كذلك منَ المُسْكِرِ كالخمرة هذا واجب. قال عليه الصلاة والسلام: "الخَمرةُ مفتاحُ كلِّ شر"، يعني سببٌ أحيانًا للقتلِ بغيرِ حقّ، سبب للزنا سبب أحيانًا للشتمِ والقذف للسرقة إلى غيرِ ذلك. فإذًا نتجنّب المُسْكِرات "وما أسكَرَ الفَرَقُ منه فمِلءُ الكفِّ منه حرام". يعني ما أسكرَ كثيرُهُ فقليلُه حرام. نحنُ نحفظ عقولَنا ونتجنّب ما يُذهِبُ العقل، فلذلك ننتبه على أنفسِنا وأولادِنا. وليس كلّ مَنْ قدَّمَ لك شرابًا تشربُهُ، وليس كلَّ أحد قدّمَ لك شيئًا تأخذُهُ، تنبَّهْ، هناك أناسٌ مُفسِدون شأنُهم أنْ يُعَلِّقوكَ بهذا الشىء الفاسد، على زعمِهِم أنَّ هذا يُخفِّفُ عنك، لا. هذا دمار، هذا قدْ يقْتُلْ أمَّهُ لِيصِل إلى المُخدِّرات، وحصل ذلك، قدْ يقتُلْ أباهُ ليَصِل إلى كذا لِيَأخُذَ المال. اللهُ تعالى يحفَظُنا. فإذًا يا أحباب نحفظُ العقل. العقلُ حفظُهُ واجب هذا منَ الكُلّياتِ الستّ التي اتّفقَتْ عليها شرائعُ الإسلام.

 

(٣)- حفظُ النسب: وكذلك أيضًا يجبُ علينا حفظُ النسَب. ما معنى حفظُ النسب؟ يعني نتجنّبُ الزنا، لأنَّ الزنا لا يُنسَبُ الولدُ إليك كرجل إنْ جاءَهُ ولدٌ منَ الزنا هذا لا يُنسَبُ إليه، إنّما يُنسَبُ للأم لهذه التي زنَتْ. فنحنُ مأمورونَ بحفظِ النسبِ، الأنسابُ أمرُها عظيم، نعم نعتني بأنْ يكونَ العقدُ صحيحًا. وقد ابْتُلينا في أيّامِنا أنَّ أُناسًا باسمِ الإسلام عقائدُهم فاسدة أَعْفُوا اللِّحَى وجاءوا باسمِ الإسلام طلبوا بناتِنا وعندَهم عقائد ضدّ الإسلام مُتَطرِّفونَ يُكَفِّرونَ المسلمين تكفيرًا شُموليًّا. فإياكَ أنْ تُعطيَ هؤلاء بناتِك، إياكَ أنْ تُزَوَّجَ ابْنَتَكَ لأيِّ إنسان، حافظْ على ابْنَتِكَ ولا تُزَوِّجْها إلا لِمَنْ يخافُ الله فإنّكَ قدْ تزوِّج ابنَتَك صورةً لإنسانٍ عقيدَتُهُ غيرُ صحيحة فلا يصِحُّ الزواج، هذا زنا. فانتبه، الدّيوث هو الذي يعلمُ الزنا في أهلِه ويسكت مع القدرةِ على النهي. إياكم والدِّياثة، حُذِّرْنا منَ الدِّياثة لا يدخلُ الجنةَ مع الأولين الدَّيوث. نعم نحنُ نُحافظ على الأنساب فما كان يؤدي إلى الزنا نبَّهَنا الإسلامُ منه. قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ اللهَ كتبَ على ابنِ آدم حظَّهُ منَ الزنا أدركَ ذلك لا محَالة فالعينُ تزني وزِناها النظر" – النظرة المُحرّمة هذه منْ مقدِّمات الزنا – "واليد تزني وزِناها البطش" – يعني اللمس المُحرَّم أنْ يلَمسَ امرأةً لا تحِلُّ له بلا حائلٍ حرام – "والرجلُ تزني وزِناها الخُطى" – المشيُ إلى الحرامِ حرام هذه مقدِّمات الزنا – "واللسانُ يزني وزِناهُ المَنْطِق" – يتكلّم مع امرأةٍ بكلامٍ فيه شهوة ولا تحِلُّ له فحرامٌ عليه هذا يجرُّ للحرام – وهنا فائدة ما حَرُمَ النطقُ به حرُمَ كتابتُهُ. الغزاليُّ رحمَهُ الله يقول: "فإنَّ القلمَ أحدُ اللسانيْن فاحفظْ قلَمَكَ – يعني يدكَ – ممّا يجبُ حفظُ اللسانِ منه". والآن يا أحبابَنا كما تعلمون الشباب والشابات على ما يُسَمّونهُ التواصل الاجتماعي وهو قد يكون انفكاك اجتماعي للأسف، لكنْ هو ذو حدّين إمّا أنك تُحسِن استعمالَه أو لا. قد تستعملُهُ بما يُفيد وينفع وتنفع نفسَك وغيرَك أو قدْ تستعمِلُهُ بشىءٍ تُفسِدُ نفسَكَ وغيرَك. فإذًا تحفظ كتابةً أيضًا يدَكَ أنْ تكتبَ كلامًا لا يَحِلُّ لكَ مع الأجنبيةِ التي هي ليست زوجتَك. قال عليه الصلاةُ والسلام: "والفمُ يزْني وزِناهُ القُبَل". لا يَحِلُّ لنا أنْ نُقَبِّلَ مَنْ لا تَحلُّ لنا، "والنفسُ تَمَنّى وتشتهي" – يعني هذا زنا القلب يتفكّر أنه يُعاشِرُ امرأةً لا تَحِلُّ له يُجامعُها مثلًا هذا لا يجوز هذا حرام – "والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه". فإذًا اللهُ حرّمَ علينا أنْ نُضَيِّعَ الأنسابَ بالزنا هذا مما يجبُ عليك، أنْ تحفظَ النّسب بأنْ تتجَنَّبَ ما يُضَيِّع النسب، أي أنْ تتجنّبَ الزنا.

 

(4)- حفظُ النفس: هذا الإنسانُ حرُمَ عليه أنْ يعملَ بجسدِهِ ما لا يجوز. هو جسدُكَ لكنْ هناكَ أمورٌ ممْنوعة. النبيُّ عليه الصلاة والسلام حرّمَ علينا أنْ نقْتُلَ أنفُسَنا يعني الانتحار. انظروا كمْ نسمع فلانٌ انتحرَ، فلانةٌ انتحرَت وهذا يا أحباب كثيرٌ منه سببُه الجهل في الدين ولا يلجأونَ إلى الصبرِ وإلى التوكلِ على الله. اللهُ يسلِّمُني وإياكمْ منْ ذلك. قتلُ النفسِ التي حرَّمَ الله إلا بحقٍّ، قتلُ النفسِ بغيرِ حقٍّ هذا أكبرُ الكبائرِ بعدَ الكفرِ والعياذُ باللهِ تعالى. فإذًا نحنُ نحفظُ أنفُسَنا وكذلك المسلم. "كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرام مالُهُ ودمُهُ وعِرضُهُ". يعني حرامٌ عليك أنْ تقتلَ مسلمًا أنْ تؤذيَ مسلمًا أنْ تضربَ مسلمًا بغيرِ حق. "إنَّ اللهَ يعذِّبُ الذينَ يُعَذِّبونَ الناسَ في الدنيا". هذا حديث عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. ترويعُ المسلم، تخويفُه بغيرِ حقّ حرام. انتبهوا يا أحباب كيف نتعاطى مع المسلم. حُرمةُ المؤمنِ عندَ اللهِ أعظمُ منْ حُرمةِ الكعبةِ. وأُنَبِّهُكمْ أنه بالرسائل أحيانًا يحصل ترويع. يتصلُ بهم أو يُرسِلُ لهم رسالة فيها كذب ويتروّعون ويخافون ويرتعبون حتى يضحكَ بزعمِه فيقع في الكبيرة. يا أحباب هذا حرام، المسلم له حُرمة، حُرمةُ المؤمنِ عندَ اللهِ أعظمُ منْ حُرمةِ العرش. اللهُ سخّرَ للمسلمِ الجنة لذلك قال العلماء: "المسلمُ أفضلُ عندَ اللهِ منَ الجنّةِ". الجنّةُ مُسَخَّرةٌ له، لأنَّ في قلبِهِ التوحيد، في قلبِهِ تنزيهُ الله، في قلبِهِ عِصمةُ الأنبياءِ، في قلبِهِ محبّةُ الأنبياءِ كما يحبُّ الله. هذا الإنسان اجْتَنبَ أشدَّ الذنوبِ الكفر، لذلك هو هذا الإنسان المسلم لهُ حُرمة، وهناك أشياء حرامٌ أنْ نفعَلها معه. فإذًا حفظُ النفسِ واجبٌ في كلِّ الشرائعِ وكذلك حِفظُ العِرض.

 

(5)- حفظُ العِرض: ما هو حِفظُ العرض؟ هو موضِعُ المدحِ والذمِّ منَ الإنسان. لا يجوزُ لنا أنْ نقعَ في غيبةِ المسلم بغيرِ حقّ، حرام، ولا النميمة ولا نسْتَهْزىِء بالمسلم أو نُحَقِّرُه، حرام، ولا نتنابَذ بالألقاب. بعض أهلِ بيروت يقولُ له (أبو لمبة أبو كذا أبو كذا) ممّا لا يقبَل اسْتِخْفافًا به حرام. حتى ما يُسمّيها العلماء مُحاكاةُ المؤمن استِهْزاءً به حرام، نسمّيها نحن (تَقليده) يصير يمشي مثلَه أو يعمل صوتَهُ مثلَه كي يضحكَ الناس على ذاك المسلم، حرام، لا تنابَذوا بالألقاب. وكذلك لا يجوزُ لنا تسفيهَ المسلم، تحقيرُهُ حرامٌ لا يجوز. فإذًا ينبغي لك أنْ تعرفَ كيف تتكلم عن المسلم. المسلم حِفظُ عِرضِهِ واجب، هذا معنى حِفظُ العِرض. العِرضُ هنا موْضِعُ المَدْحِ والذمِّ منَ الإنسانِ فلا نغتاب المؤمن بغيرِ حقّ. قال اللهُ تعالى: {أيُحبُّ أحدُكُمْ أن يأكلَ لحمَ أخيه مَيْتًا فَكَرْهْتُمُوه}. تخَيَّلْ نفسَكَ وأنتَ تأكلُ لحمَ أخيكَ ميْتًا، انظرْ هذا المنظر البشِع. شبَّهَ المُغتاب – الذي يغتاب أخيه المسلم بغيرِ حقٍّ – كالذي يأكلُ له لحمَهُ وهو ميّت. فإذًا نتجنّب الغيبة ونحفظ أعراضَ المسلمين.

 

(6)- حفظُ المال: هذا المالُ ولوْ حصّلْتَهُ بالحلال لا تستطيع أنْ تفعل به كلّ شىء، عليك حقوق وعليك واجبات بهذا المال. هناك أشياء لا يجوزُ لك عملُها بهذا المال، اللهُ هو الآمرُ والناهي. فالمالُ مالُ الله، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أُناسًا يتَخَوَّضونَ في مالِ اللهِ بغيرِ حقٍّ" – يتصرفونَ في مالِ اللهِ بغيرِ حق، ليس فقط الأوقاف أو مال مصالح المسلمين، إنما أيّ مالٍ دخلَ عليك فيه حقوق – "فلهم النارُ يومَ القيامة". الذين يأكلونَ أموالَ اليتامى ظلمًا اللهُ قال عنهم {إنّما يأكلونَ في بطونِهمْ نارًا}. فإذًا حفظُ المالِ منْ أنْ أصرِفَهُ بالحرام واجب، حفظُ المالِ أي أنْ أُؤَدِّيَ حقَّه، حقَّ اللهِ في المال وحقَّ العَبيدِ في المالِ. الأم والزوجة لهم حقوق، إذا أمي فقيرة عليّ أنْ أنفِقَ عليها. "كفى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُول". إذا كان فرضًا عليك أنْ تُعيلَ ناسًا يعني تُنْفِق عليهم حرامٌ عليك تضييعهم. وهكذا يا أحبابَنا كثيرٌ منَ الناس تركوا أرحامَهم، تركوا مَنْ يجبُ عليه نفَقَتُهم، تركوا مَنْ يجبُ صلَتُهُمْ بالمالِ مع القدرةِ بلا عذر، هؤلاءِ آثِمون. يومَ القيامة الرَّحِمُ تقول يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ قُطِعْتُ، فيقولُ اللهُ تعالى ألا تَرضَيْنَ أنْ أقطَعَ مَنْ قطَعَك؟ وأنْ أصِلَ مَنْ يَصِلُكِ؟ معناهُ هذا الذي قطع الرّحِم بغيرِ حقٍّ يستحِقُّ عذابَ اللهِ إنْ ماتَ غيرَ تائبٍ، والذي وصلَ رحِمَهُ هذا لهُ ثوابٌ عظيمٌ. فيا أحبابي اللهُ أوجبَ علينا حفظُ هذه الكلّيات الستّ فاحفظوها وعلِّموها أولادَكمْ وتمَكّنوا منها وافْهَموها جيّدًا وانشروا هذا الكلام. والحمد لله رب العالمين



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : الخــطب والـــدروس
الزيارات : 1793
التاريخ : 25/7/2021