ماذا سيفعل أولادك بعد موتك وماذا سيصلك منهم
يقولُ اللهُ تعالى فـي القرءانِ الكريمِ ﴿وَوَصَّى بِهَا إبراهيمُ بَنِيهِ ويعقوبُ يا بَنِيَّ إنَّ اللهَ اصطَفى لكمُ الدينَ فلا تَمُوتُنَّ إلا وأنتم مُسلِمون﴾ سورة البقرة / 132. افتربيةُ الأولادِ من أهمِّ الأمورِ وأَوْكَدِها، فقد يكونُ الوَلَدُ عَوْنًا لأبيهِ لأمرِ الآخرةِ وقد يكونُ أولادُك عدُوًّا لَكَ أي يَكُونُونَ سَببًا في هَلاكِكَ، فبعضُ الناسِ يلجأونَ إلى الحرامِ ويَغْرَقُونَ بالمعاصِي بِسَبَبِ أولادِهم. يقولُ اللهُ تعالى ﴿يأيُّها الذينَ ءامنوا إِنَّ منْ أزواجِكم وأولادِكم عدُوًّا لكم فَاحْذَرُوهم وإِنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغفِرُوا فإنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ واللهُ عنده أجرٌ عظيم﴾ سورة التغابن/14 و 15
وقد روَى ابنُ ماجه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ "إنَّ الوَلدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَة". "مبخلة": أي يَحْمِلُ وَالِدَه على تَرْكِ الإِنْفَاقِ فِي الطَّاعَةِ خَوْفَ الفَقْرِ. فَاسْعَ أَخِي أَنْ يَكُونَ أَوْلادُكَ مِمَّنْ تَرَبَّوا كما يُحبُّ اللهُ ويرضى.ا
لكنَّ السؤالَ أُرَبِّيهم على ماذا ؟ على طَاعَةِ اللهِ، على العَمَلِ لِمَا بَعْدَ الموتِ، عَلَى إِرْشَادِهِمْ إلَى مَا فِيهِ خَيْرٌ لِدِينِهِمْ وَدُنْيَاهُم، فَإِنَّ قَلْبَ الولدِ مائِلٌ إلى كلِّ ما يُمالُ بهِ إليهِ، افإن عُوِّدَ الخيرَ وعُلِّمَهُ نشأَ عليهِ وسَعِدَ في الدنيا والآخرةِ، وشاركَهُ في ثوابِه أَبَواهُ وكلُّ معلِّمٍ ومؤدِّبٍ لهُ، وإِنْ عُوِّدَ الشرَّ وأُهمِلَ إهمالَ البهائِمِ شَقِيَ وهلَكَ وكانَ الوِزرُ في رقبةِ القيِّمِ عليهِ.ا
فكلامُنا اليومَ للآباءِ والأبناءِ، للآباءِ أقولُ إذا مِتَّ أنتَ الآنَ فماذا سيفعَلُ أولادُك من بعدِكَ؟! هل سَيُصِيبُهُمْ ما يُسَمَّى الإِحْباطَ وَاليَأْسَ؟!. هل سيقطعونَ من كنتَ تصِلُ؟ هل سيتركونَ الصلاةَ ونحوَها منَ الفرائضِ مما كنت تُتَابِعُهم عليها؟ هل سَيَكونُونَ قَاطِعِينَ لأَرْحَامِهم تَارِكِينَ بِرَّ أمِّهم؟ هل سَيَغْرَقُونَ في التَّنَافُس ِعلَى الأموالِ التي ترَكْتَ لهم لأنك لم تُعَوِّدْهُمُ الزهدَ؟! هل سيقضونَ باقِيَ العمُرِ على التلفزيونِ والملاهِي والإنترنت والستلايت ونحوِها؟! أم ماذا هم فاعلونَ؟ ليكن عندك الجرأةُ بالتكلمِ معَ أولادِك بمثلِ هذه المواضيعِ الآن، نعم الآنَ قبلَ موتِك، فإنكَ إن تكلَّمْتَ أو لم تتكلَّمْ فلا بدَّ من الموتِ، فالموتُ يقطعُ نعيمَ الدنيا، والموت منتظَرٌ في كلِّ ساعةٍ ووقتٍ، لا بد من الفُرَاقِ. فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الآباءِِ الذَيْنِ فَارَقُوا الدنيا أنهم يَنْتَظِرُونَ ماذا سيأتِيهم من قِبَلِ أولادِهم منَ الهدايا. ا
فإذا كانَ الولدُ عوَّدتَه على الالتهاءِ بِسَفَاسِفِ الأمورِ وما لا خيرَ فيهِ، فإذا مِتَّ كيفَ سيذكُرُ والديهِ وقد غرِقَ في هذه الغفلةِ الشنيعةِ، فَيَكُونُ بهذا حرَمَ والدَيهِ ما يشتاقونَ لهُ، نعم يشتاقونَ لهُ، فالميتُ المسلمُ في القبرِ يتشوَّقُ لإِهداءِ ثوابِ قراءةِ القرءانِ لهُ والاستغفارِ ونحوِ ذلك. فإذًا أخي ازرَعْ في أولادِكَ هذا، وأنت أيُّها الولدُ اسأَلْ والدَيْكَ،ا واسأَلْ أهلَ الخيرِ ماذا أنا فاعلٌ بعدَ والِدَيَّ مِمَّا ينفعُنِي في دينِي ودنيايَ وينفعُهما في قبرَيْهِما ؟ فقد صحَّ عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ أنهُ قالَ "إذا ماتَ ابنُ ءادمَ انقطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". نعم أحبابَنا "وولدٍ صالحٍ يدعو لهُ"، لا كما حصَلَ في إحدى مساجِدِ بيروتَ منذ مُدةٍ، دَخَلَتْ جِنَازَةٌ إلى المسجدِ، فلمَّا سأَلَ الإمامُ عن أهلِها يستأذِنُهم ليقِفَ عليها إمامًا لَم يجِدْ أحداً من أهلِها، فأعادَ السؤالَ، مَن أهْلُهَا؟ فلم يَرُدَّ أحدٌ، فكرَّرَ وقالَ من أهلُها يا أحبابَنا؟ا فاقتربَ رجلٌ من الإمامِ وقالَ لهُ أنا صديقُ أولادِها، لكنِ انْظُرْ منَ النافذةِ فنظَرَ فرأَى أَشْخَاصًا يَقِفُونَ عَلَى الرَّصِيفِ فَسَأَلَ مَنْ هؤلاءِ ؟ فقالَ هؤلاءِ أولادُها،ا ينتظرونَ خارِجًا، أولادُها خارجَ المسجدِ يقفونَ على الرصيفِ!!! فأينَ هؤلاءِ من برِّ الوالدينِ؟ أينَ هؤلاءِ من قولِه تعالى ا﴿ووَصَّيْنا الإنسانَ بوالدَيْهِ إحسانًا﴾ الآيةَ سورة الأحقاف/15.ا