www.sunnaonline.org

10- عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب - بصوت الشيخ جيل صادق الأشعري

 

 

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَوْ أَنْكَرَ رِسَالَةَ وَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ الْمُجْمَعِ عَلَى رِسَالَتِهِ

 

الشَّرْحُ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ رِسَالَةَ وَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ كَافِرٌ وَالْمُرَادُ بِالرِّسَالَةِ هُنَا مَا يَعُمُّ النُّبُوَّةَ فَمَنْ أَنْكَرَ نُبُوَّةَ وَاحِدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَدِ ارْتَدَّ وَكَفَرَ إِلَّا أَنْ كَانَ لا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَهُ فَلا نُكَفِّرُهُ بَلْ نُعَلِّمُهُ لِأَنَّ هَذَا لا يُتَوَصَّلُ إِلَيْهِ عَنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ إِنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ طَرِيقِ النَّقْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَرَأَ شَخْصٌ فِي الْقُرْءَانِ أَنَّ هَارُونَ وَإِلْيَاسَ وَالْيَسَعَ أَنْبِيَاءُ ثُمَّ نَسِيَ لِطُولِ عَهْدِهِ بِالْقِرَاءَةِ لِلْقُرْءَانِ فَقَالَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ لَيْسَ بِنَبِيٍّ فَلا يَكْفُرُ. وَأَمَّا مَنِ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ رَسُولٌ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَلِيٌّ فَقَطْ كَالْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلامُ فَمَنْ قَالَ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَلا حَرَجَ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ فِي الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّهُ نَبِيٌّ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْءَانِ أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ مُجْمَعًا عَلَى نَفْيِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنْهُ عِنَادًا.

 

الشَّرْحُ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ حَرْفًا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْقُرْءَانِ فَقَدِ ارْتَدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِنْكَارُهُ جَهْلًا مِنْهُ لا عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ. وَكَذَلِكَ مَنْ زَادَ فِيهِ حَرْفًا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْءَانِ وَكَانَتْ زِيَادَتُهُ لِذَلِكَ الْحَرْفِ عِنَادًا لا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ مِنَ الْقُرْءَانِ فَهَذَا أَيْضًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ أَمَّا مَنْ زَادَ حَرْفًا فِي الْقِرَاءَةِ جَهْلًا مِنْهُ أَوْ مِنْ أَجْلِ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ قُرْءَانٌ فَإِنَّهُ لا يَكْفُرُ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا أَوْ نَقَّصَهُ أَوْ صَغَّرَ اسْمَهُ بِقَصْدِ تَحْقِيرِهِ.

 

الشَّرْحُ أَنَّ مَنْ كَذَّبَ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَقَدِ ارْتَّدَ وَكَذَلِكَ الَّذِي نَقَّصَهُ أَيْ نَسَبَ إِلَيْهِ نَقْصًا أَوْ صَغَّرَ اسْمَهُ بِقَصْدِ التَّحْقِيرِ وَذَلِكَ كَأَنْ يُسَمِّيَ عِيسَى عُيَيْسَى أَوْ يَقُولَ عَنْ مُوسَى مَوَيْسَى عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيرِ أَمَّا مَنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ إِظْهَارِ الْمَحَبَّةِ لَهُ فَلا نُكَفِّرُهُ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ حَرَامٌ أَنْ تُصَغِّرَ اسْمَ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ أَحَدٍ بَعْدَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

الشَّرْحُ أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ نَبِيٌّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَنْ يَنْزِلَ وَحْيٌّ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى شَخْصٍ لَمْ يُنَبَّأْ قَبْلَ مُحَمَّدٍ كَفَرَ وَكَذَا لَوْ شَكَّ بِأَنْ قَالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فُلانٌ نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ. وَقَدْ ظَهَرَ جَمَاعَةٌ يُقَالُ لَهَا الأَحْمَدِيَّةُ وَالْقَادِيَانِيَةُ ءَامَنُوا بِرَجُلٍ اسْمُهُ غُلامُ أَحْمَد كَانَ فِي الْهِنْدِ تُوُفِّيَ مُنْذُ نَحْوِ قَرْنٍ وَنِصْفٍ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُجَدِّدٌ وَأَحْيَانًا يَقُولُونَ نُبُوَّتُهُ نُبُوَّةٌ ظِلِّيَّةٌ أَيْ تَحْتَ ظِلِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَيْسَ مُسْتَقِّلًا إِنَّمَا هُوَ مُنْتَسِبٌ إِلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّ هَذَا كُفْرٌ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُنَبَّأَ شَخْصٌ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا اسْتِقْلالًا وَلا تَجْدِيدًا لِنُبُوَّتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ «وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ (أَيْ تَحْكُمُهُمْ) كُلَّمَا هَلَكَ (أَيْ مَاتَ) نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَلا نَبِيَّ بَعْدِي».

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْقِسْمُ الثَّانِي الأَفْعَالُ كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ [إِنْ قَصَدَ عِبَادَتَهُمَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ] وَالسُّجُودِ لإِنْسَانٍ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُ كَسُجُودِ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ الْمُتَصَوَّفِينَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَئِذٍ كُفْرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُمْ لا يَكُونُ كُفْرًا لَكِنَّهُ حَرَامٌ.

 

الشَّرْحُ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ مِنَ الرِّدَّةِ الرِّدَّةُ الْفِعْلِيَّةُ وَذَلِكَ كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ وَهُوَ مَا اتُّخِذَ لِيُعْبَدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ جَوْهَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَمَنْ سَجَدَ لِصَنَمٍ اعْتِقَادًا أَوْ بِغَيْرِ اعْتِقَادٍ فَقَدْ كَفَرَ كَذَلِكَ الَّذِي يَسْجُدُ لِلشَّمْسِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عِبَادَتَهَا أَوْ يَسْجُدُ لِأَيِّ مَخْلُوقٍ ءَاخَرَ لِعِبَادَتِهِ أَمَّا مَنْ يَسْجُدُ لِمَلِكٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ لا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُ فَلا يَكْفُرُ لَكِنْ ذَلِكَ حَرَامٌ فِي شَرْعِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِطْلاقِ وَكَانَ جَائِزًا فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ السُّجُودُ لِلإِنْسَانِ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ وَالتَّعْظِيمِ. وَمِنَ الْكُفْرِ الْفِعْلِيِّ إِلْقَاءُ الْمُصْحَفِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَىْءٌ مِنَ الْقُرْءَانِ أَوْ رَمْيُ اسْمٍ مُعْظَّمٍ أَيْ كَاسْمِ مُحَمَّدٍ مُرَادًا بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمِ عِيسَى مُرَادًا بِهِ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَوْ مَا فِيهِ شَىْءٌ مِنَ الْحَدِيثِ أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ بِقَاذُورَةٍ أَوْ قَذَرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطٍ أَوْ بُزَاقٍ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ وَمُمَاسَّتُهُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُفْرٌ أَيْضًا وَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ هَذَا الِاسْمُ مِنْ نَحْوِ مُحَمَّدٍ مُرَادًا بِهِ غَيْرُ اسْمِ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ لا يَكُونُ إِلْقَاؤُهُ فِي الْقَاذُورَةِ كُفْرًا وَلا حَرَامًا إِلَّا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ فِيهِ امْتِهَانًا لِحُرُوفِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب
الزيارات : 3175
التاريخ : 1/1/2014