SunnaOnline | سنة اون لاين إسلاميات ســـــير وتــــــراجم سعيد بن المسيب
سعيد بن المسيب
سعيد بن المسيِّب ( بكسر الياء المشددة عند أهل المدينة، وفتحِها عند أهل العراق؛ أبو محمد، وأبوه المسيِّب ممن شهد بيعة الرضوان مع النبي صلى الله عليه و سلم ، من كبار التابعين ، أحد أئمة الدنيا، مقدَّم الفقهاء السبعة، من رجالات الكمال، من انعقد لسانُ الإجماع على إمامته، وعظيم مكانته، كان أمةً من دون الناس في أخلاقه، وعبادته، وقوة دينه، وتمام توكله، وسموّ روحه، وصلابة رأيه، وهيبته، وجرأته، وصدعه بالحق، وثباته عليه، وهو -مع ذلك- على جانبٍ كبيرٍ من الزهد، والتواضع، والورع اليابس، والخوف، والخشية.
سعيد العابد
كان رحمه الله محافظًا على صلاة الجماعة ، فما فاتته أربعين سنة، وكان ممن أظمأ نهارَه وأحيى ليلَه، وقد ثبت أنه حجّ أربعين مرةً واعتمرَ كثيرًا.
سعيد المحدث
حدث "ابن المسيِّب" عن جمٍّ غفير من الصحابة الأجلاء منهم: " جابر بن عبد الله و جبير بن مطعم و زيد بن ثابت" و سعد بن أبي وقاص" ، كما أرسل عن النبي صلى الله عليه و سلم وعن بعضٍ من كبار الصحابة كـ: " أبي بكر الصديق، وأبيّ بن كعب، وأبي ذر الغفاري، وأبي الدرداء". وكان من الملازمين لأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين.
سعيد القاضي والفقيه
أخذ "ابن المسيب" علمَه وفقهَه عن كبار الصحابة وعلمائهم، حيث حفظ أقضية النبي وأبي بكر، وعمر، وعثمان ، وجمع حديثَ أبي هريرة وابن عمر، ووعى أقضيةَ "زيد بن ثابت"، وفتاوى "ابن عباس"، فغدا بحرًا لا تكدّره الدّلاء؛ وكان يفتي بالمدينة والصحابةُ أحياء ، حتى سمّاه بعضُ الأئمة - لسعة إدراكه، وعظيم فقهه- :" فقيه الفقهاء".
سعيد القارئ والمفسر
قرأ "ابن المسيب" على ابن عباس وأبي هريرة ؛ وقرأ عليه – عرْضًا - الإمامُ الجليل "محمد بن شهاب الزهري". وكان "ابن المسيب" يتهيب من القول في القرآن برأيه المحض – مع كامل أهليته لذلك- ولهذا فقد قلَّ ما نُقل عنه في "علم التفسير"، إلا أنّ الناظر في تفسير " الإمام ابن كثير" يجد لابن المسيب الكثيرَ من النماذج التي نُقلت عنه؛ إنْ عن طريق الرأي، أو الاستنباط، أو التأويل.
سعيد ومعرفتُه بالتعبير
وكان رحمه الله من أعبر الناس للرؤيا، ذا أقوال بديعة، وحِكم رفيعة، وقد أخذ هذا العلمَ عن "أسماء بنت أبي بكر"، التي أخذته بدورها عن أبيها الصديق رضي الله عنهم أجمعين.
تزويجه ابنته
كان هذا الموقف من المواقف التي طالما تغنىّ بها الناس، وحفظوها لهذا الإمام في ذاكرتهم ، فقد زوج ابنته –وكانت من أحسن الناس جمالاً، وأكثرِهم أدبًا، وأعلمِهم بكتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه و سلم – لابن أبي وداعة –وكان فقيرًا- بعد أن رفض تزويجَها لـ"لوليد بن عبد الملك" ، الذي كان وليًا لعهد الخلافة في ذلك الحين.
ثناء الأئمة عليه
قال فيه الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "لو رأى رسولُ الله صلى الله عليه و سلم ابنَ المسيب لسُرَّ به". وقال الإمام الزهري "لقيتُ من قريش أربعةَ بحور: سعيدَ بن الميسب، عروةَ بن الزبير، وأبا سلمة، وعبيدَ الله بن عبد الله". ويقول قتادة "ما رأيتُ أحدًا أعلمَ بالحلال والحرام من ابن المسيِّب". ويقول الإمام النووي "... وأقوالُ السلف والخلف متظاهرةُ على إمامته، وجلالة قدره، وعظيم محله في العلم والدين". وقال ابنُ حِبّان "كان سعيد بن المسيب سيدَ التابعين، وأفقهَ أهل الحجاز، وأعبرَ الناس للرؤيا". ويقول عليّ بن المديني "لا أعلمُ أحدًا من التابعين أوسعَ علمًا من ابن المسيّب". وقال الإمام الذهبي "ابنُ المسيب.. عالمُ أهل المدينة بلا مدافعة".