SunnaOnline | سنة اون لاين إسلاميات الحـــج والعمــرة الوقوف بعرفة
الوقوف بعرفة
إنَّ الأمَّةَ المحمَّدِيَّةَ اليومَ تنتظِرُ بشوقٍ لِتَشْهَدَ مظهرًا من مَظاهِرِ الوحدَةِ حيثُ يجتمِعُ المسلمونَ بأشكالِهِمُ المختلِفَةِ وألْسِنَتِهِمُ المتعدّدَةِ تحتَ رايةِ التوحيدِ التي جَمَعَتْهُم فوقَ أرضٍ واحدةٍ يدعونَ ربًّا واحِدًا. إنَّ موقفَ المسلمينَ على أرضِ عَرَفَةَ قائِلينَ «لبّيكَ اللهمَّ لبّيكَ، لبّيكَ لا شريكَ لكَ لبّيك، إنَّ الحمْدَ والنّعْمَةَ لكَ والمُلْك، لا شريكَ لكَ» موقفٌ تتطلع لهُ الأبصارُ، مَوْقِفٌ تَحِنُّ لهُ القلوبُ، موقِفٌ تَذْرِفُ لهُ العيونُ الدموعَ شوْقًا لِتِلْكَ البِقاعِ، شَوْقًا لأمِّ القُرَى لمكََّةَ ومِنَى وعَرَفَةَ.
لَقَدْ بيَّنَ اللهُ لنَا في القرءانِ أنَّ صحابَةَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَوَحَّدوا واجتَمَعُوا على الإيمانِ باللهِ ورسولِهِ وتَآلَفُوا وتَآخَوْا وتَظَلَّلُوا تحتَ رايةِ لا إلـهَ إلا اللهُ محمَّدٌ رسولُ اللهِ ووجَّهوا أنْظَارَهُمْ نحوَ هَدَفٍ واحِدٍ وهُوَ رَفْعُ هذهِ الرايَةِ، وجَمَعَهُمُ الإخْلاصُ للهِ والتَّضْحِيَةُ للهِ عزَّ وجلَّ.
أيُّها الإخوةُ، إنَّ الاعتصامَ المُنْجِي هوَ الاعتصامُ بكتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وكمْ عظيمٌ قولُكَ يا رسولَ اللهِ «يا أيُّها النَّاسُ إنّي قدْ ترَكْتُ فيكُمْ ما إنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فلَنْ تَضِلُّوا أبَدًا: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيّهِ إنَّ كُلَّ مُسلِمٍ أخو المسْلِمِ، المسلِمونَ إِخوَةٌ» الحديثَ. يقولُ اللهُ تعالى ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾ أَنْقَذَهُمْ منَ النارِ بالإسلامِ، لأنَّ مَنْ ماتَ على الإشْرَاكِ أوْ على أيّ نوعٍ مِنْ أنواعِ الكفرِ كَنَفْيِ وجودِ اللهِ أوِ الاسْتِهْزاءِ باللهِ أو بِدينِ الإسلامِ أو بِنَبِيّ مِنْ أنبياءِ اللهِ أوْ بِمَلَكٍ مِنَ الملائِكَةِ يَدْخُلُ النَّارَ خَالِدًا فيها أبَدًا، ولا يَخْرُجُ مِنْها ولا يَرْتَاحُ مِنْ عذابِها.
إخوةَ الإيمانِ إنَّنَا نَدْعو للتَّمَسُّكِ بكتابِ اللهِ، للتَّمَسُّكِ بِحديثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. لقدْ تَفَشَّى وباءُ الجهلِ وَمَرَضُ التَّشَبُّثِ بالباطلِ والزَّيْغِ، وءانَ الأوانُ للتَّشَبُّثِ بالعِلْمِ والعَمَلِ والوَسَطِيَّةِ والاعْتِدَالِ. اللهمَّ أصلِحْ ذاتَ بينِنَا، اللهمَّ ألّفْ بينَ قُلوبِنَا يا ربَّ العالمينَ.
إخوةَ الإيمانِ، إنَّنا في هذهِ الأيامِ الفضيلةِ المباركةِ نُجَدّدُ الدَّعْوَةَ للعِلْمِ والاعْتِدالِ والوَسَطِيَّةِ والتَّآخي على أساسِ الالتزامِ بِحُدودِ هذا الدّينِ العظيمِ، وللتعلُّمِ ومعرفةِ الحدودِ الشرعيَّةِ ليصيرَ عندَ المسلمِ الميزانُ الشرعِيُّ الذي بِهِ يُمَيّزُ الطَّيّبَ مِنَ الخبيثِ، والحلالَ منَ الحرامِ، والحقَّ منَ الباطلِ، والحسَنَ مِنَ القبيحِ. وأُذَكّرُكُمْ إخوةَ الإيمانِ بصيامِ يومِ عرفةَ هذا اليومِ الفضيلِ لمنْ هوَ ليسَ في الحجّ.