ما حكم من ظن أن ءادم أنزل من الجنة وهو كاشف العورة؟
إن كانَ يظنٌّ أنَّ هذا يُـخِـلُّ بمنصبِ النّبوةِ لأن ءادمَ كانَ مُـهيَّـئًا لمنصِبِ النّبوّة وهو في الجنةِ لكن ما تنبَأ بالفعلِ إلا بعدَ النـزولِ إلى الأرض ومع ذلك قال عنه نَـزلَ كاشفَ العورةِ فإنّه يَكفُرُ، وأما قولُه تعالى {فبدت لهما سَوءتُهما} [سورة طه] أي رأيا أنفُسهُما، كان على سوءتِهما ساترٌ من نورٍ لا تُرى سَوءتِهما من ورائهِ، نورٌ مُـتَكَثِّـفٌ يمنَعُ رؤيةَ ما وراءهُ هذا كان لِباسُهما في الجنةِ، كان نورا، ثم لما نُزِعَ عنهما سَـتَرا عَورَاتِهما بأوراقِ الجنَّةِ. وأما الذي يرى أنهما نزلا إلى الأرض وليس في الأرض من البشر سِواهُما فلا يُـخِلُّ بالمروءة نزولُهما مَكشوفَي العورةِ فالأمرِ بالنِّسبة لـه أهون، هما لما نزلا إلى الأرضِ ما كان في الأرض بشرٌ يستحيانِ منه، وفي الجنة ما كان بشرٌ غيرُهما، أولَ ما انكشفت عوراتُهما وهما في الجنة بعدَ الأكلِ من الشجرةِ، عقوبةً لهما لأنهما أكلا من تلك الشجرةِ التي نُهيا عنها، وهما في الجنة لما رأيا عوراتِهما سَتَرا عوراتِهما بأوراق الجنةِ، أوراقُ الجنةِ عريضةٌ تُغطِّي الجسمَ كُلَّهُ. وأولُ ما نزلا إلى الأرض يحتملُ أنهما انكشف عنهما عند النـزول ويحتملُ أنه كان باقيا عليهما. والله تبارك وتعالى سترَ عوراتهما عن أعين الملائكة أيضا، هما رأيا عوراتِهما أما غيرُهما فلم يرَ عوراتِهما، الله لم يبتليهما بذلك حتى بعدما أُهبِطا إلى الأرض.