www.sunnaonline.org

صفة النار

النَّارُ حَقٌّ، فَيَجِبُ الإيْمانُ بها وبأنَّها مَخلُوقَةٌ الآنَ، كَما يُفْهَم ذلِكَ منَ الآيَاتِ والأحادِيثِ الصّحيحةِ، وهيَ مَكانٌ أعَدَّهُ الله لِعَذابِ الكُفَّارِ الذي لا يَنْتَهي أبدًا وبَعْضِ عُصَاةِ المُسْلِمينَ، ومَكانُها تَحْتَ الأرْضِ السَّابعةِ مِن غَيرِ أن تَكُونَ مُتَّصِلةً بها.

النارُ حَقٌّ أي وجودُها ثابتٌ فيجبُ الإيمانُ بها وبأَنّها مخلوقةٌ الآنَ كما يُفهَمُ ذلك من النصوصِ الواردةِ كحديثِ "أُوقِدَ على النَّارِ ألفَ سنةٍ حتّى احمَرّت وألفَ سنةٍ حتّى ابيضَّت وألفَ سنةٍ حتَّى اسوَدَّت فهي سَودَاءُ مظلمةٌ" رواهُ التّرمذيُّ. وجهنّمُ ليست متَّصلةً بالأرضِ السابعةِ بل تحتَها منفصلة عنها، لها أرضُهَا وسقفُهَا المستقلانِ.

ويَزِيْدُ الله في حَجْمِ الكَافِر في النّارِ لِيَزْدَادَ عَذَابًا حَتّى يكونَ ضِرْسُه كجبَلِ أُحُدٍ. ما بينَ مَنكبي الكافِرِ يومَ القيامَةِ مسيرة ثلاثةِ أيّامٍ، ولو كانت خِلقَتُهُم تكون كما هي في الدُّنيا لذابوا بِلَحظةٍ.
وهوَ خَالِدٌ في النَّار أبدًا لا يَمُوتُ فِيْها ولا يَحْيا أي حَياةً فيها راحة، لَيْسَ لَهُم فِيها طَعامٌ إلا مِن ضَرِيْعٍ، وشَرابُهُم منَ الماءِ الحارّ المُتنَاهي الحرارةِ. الكفَّارُ يخلدونَ في النَّارِ أَبدًا لا يخرجونَ منها كما ثَبَتَ ذلكَ في النصوصِ الشَّرعيّةِ كقولِهِ تعالى {إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (65)} [سورة الأحزاب] ولا يموتونَ في النَّارِ فيرتاحونَ من العذابِ ولا يَحيَونَ حياةً هنيئةً طيّبةً بل هم دائمًا في نَكَدٍ وعَذَابٍ، وهذا معنى قولِ الله تعالى {لا يموت فيها ولا يحيى} [سورة طه/74]، وقالَ ملاحدةُ المتصوفةِ: إن أهلَ النارِ يعودونَ يتلذذونَ في النارِ حتى لو أُمروا بالخروجِ لا يَرضَونَ، وهذا رَدٌّ للنصوصِ الشرعيةِ وردُّ النصوصِ كُفرٌ.

وَطعامُهُم من ضريعٍ وهو شَجَرٌ كريهُ المنظرِ كريهُ الطَّعمِ كريهُ الرائِحَةِ، يوجَدُ في البلادِ الحارَّةِ شبيهُهُ، قال تعالى {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ (7)} [سورة الغاشية]، وقالَ تعالى {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)} [سورة الدخان]. وهذه الشجرةُ منظرُهَا قبيحٌ جدًّا ورائحتُها كريهةٌ جدًّا لا تُطَاقُ لكن هم من شِدّةِ اضطرارِهِم ومن شِدّةِ جُوعِهِم وحِرمانِهِم كأنّهم يأكلونَهُ بدون اختيارٍ، ملائكةُ العذابِ يُطعمونهم من هذا، قال تعالى {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66)} [سورة الصافات]. وكذلكَ يأكُلُ أهلُ النَّارِ من الغِسلين قالَ تعالى {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِؤُونَ (37)} [سورة الحاقة]، والغِسلينُ هو ما يَسيلُ من جلودِ أهلِ النَّارِ، لأنّه كُلَّما أَنضَجَت جلودَهُم النارُ يُكسونَ جُلودًا غيرَها فيها رطوبة.

وأمَّا شرابُ أهلِ النَّار فهو الماءُ المتناهي في الحرارةِ قال تعالى {إلاَّ حميمًا وغسّاقًا} [سورة النبأ/25]، والحميمُ هو الماءُ المتناهي في الحرارةِ، والغَسَّاقُ هو ما يسيلُ من جلودِ أهلِ النّارِ، ملائكةُ العذابِ يسقونَهم من هذا فَتَقَطَّعُ أمعاءَهُم. وثيابُ الكفَّارِ من نارٍ قال تعالى {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)} [سورة الحج]. وقد خلقَ الله في جهنَّمَ لتعذيبِ الكفَّارِ حيّاتٍ الحيّةُ الواحدَةُ كالوادي، وعقارب كالبغالِ.

وأمَّا كَونُ الجَنَّةِ فَوقَ السَّماءِ السَّابعةِ فذَلِكَ ثابِتٌ فِيْمَا صَحَّ مِنَ الحديثِ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم "وفوقَه" يعني الفردوسَ "عرشُ الرحمن"، وأمّا كَونُ جهَنّمَ تَحْتَ الأَرْضِ السَّابعةِ فقَد قالَ أبو عبدِ الله الحاكمُ في المُسْتَدرَكِ: إنَّ ذلكَ جاءَت فيهِ رِواياتٌ صَحيحةٌ. ذَكَرَ أبو عبدِ الله الحاكِمُ في كتابِهِ المستَدرَك على الصحيحَينِ أنه جَاءَت رواياتٌ صحيحةٌ في أنَّ جهنَّم تحتَ الأرضِ السَّابِعَةِ.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : العقــيدة الإســلامية
الزيارات : 5930
التاريخ : 10/2/2012