بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المرسَلِين وقائِد الغُرّ المُحَجَّلِين وعلى جميع إخوانه من النبيّين والمرسلين وءاله الطيّبين وصحابته المَيامِين ومن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد، فقد قال الله تبارَك وتعالى : ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. وقال تعالى : ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾. وقال تعالى : ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾. وقال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. وقال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾. وقال تعالى : ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾.
رُوِيَ عن أمِّ سَلَمَةَ زوجِ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها قالَت : “كان رسولُ الله يصوم يومَ السبت ويومَ الأحد أكثرَ مما يصوم من الأيام ويقول: “إنهما عيدا المشركين فأنا أحِب أن أخالِفَهم” رواه أحمد في مسنده. وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ “اليَهُودَ والنَّصَارَى”؟ قَالَ: فَمَنْ” (أي هم المَعْنِيُّون بهذا الكلام). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فهو مِنهُم” أخرجه أبو داود وصحّحه ابن حبان. فهذا الحديث دليل على أنّه لا يجوز الاحتفال بأعياد الكفار كالذي يسمّونه عيد الميلاد أو كريسمس أو نوّال أو رأس السنة الميلادية وكذلك لا يجوز تهنأتهم بهذه الأعياد. والّذي يعلم أنّهم يفعلون الكفر في هذه المناسبة من ادّعائهم أنّ عيسى ابن الله، ويعينهم على ذلك أو يهنئهم بذلك يكفر. وعليه الرّجوع للإسلام بالنّطق بالشّهادتين. قال النّبي صلى الله عليه وسلّم : « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا » رواه التِّرميذي وحسَّنه .
وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال : “كانَ لكُم يَومانِ تَلْعَبُون فِيهما وقد أَبْدَلَكُم الله بِهما خَيرًا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى”. وقال الزيلعي الحنفي في كتابه “تبيين الحقائق” : والإعطاء باسم النيروز والمهرجان – أي إعطاء الهداء باسم هذين اليومين تَعظِيمًا لهما – حرامٌ بل كُفْرٌ” (وهذان اليومان من أشهر أعياد الفرس). وقال أبو حفص الكبير : “لو أن رجلا عَبَدَ الله خمسين سنة ثم جاء يوم النيروز وأهدى لبعض المشركين بَيْضةً يريد به تعظيم ذلك اليوم فقد كَفَر وحبط عمله”. وقال صاحب كتاب “الإقناع” في المذهب الحنبلي : “ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى وبيعه لهم فيه، ومهاداتهم لعيدهم”. قال أبو العالية رفيع بن مهران (93 هـ) ، وطاوس ابن كيسان (106 هـ)، ومـحمد بن سيرين (110 هـ)، والضحاك بن مزاحم (100 هـ)، والربيع بن أنس (139 هـ)، وغيرهم في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ هي أعيادُ المشركين. اهـ
وسئل الإمام أحمد بن حنبل (241هـ) عن الرجل تكون له المرأة النصرانية يأذن لها أن تخرج إلى عيد النصارى؟ قال: لا. وقال عبد الـملك بن حبيب (238 هـ) من أصحاب مالك فى كلام له : “فلا يعاوَنون على شىء من عيدهم لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم وينبغي للسلاطين ان ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم أنه اختُلِف فيه”. روى أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخَلاَّل البغدادي الحنبلي (311 هـ) في الجامع بإسناده عن مـحمد بن سيرين (110 هـ) في قوله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ هو “الشعانين” وهو عيد للنصارى وكذلك عن مـجاهد بن جبر (102 هـ)، وفي معنى هذا ما روي عن عكرمة البربري مولى ابن عباس (105 هـ) والضحاك بن مزاحم (100 هـ). قال أبو القاسم هبة الله بن الحسين الطبري الفقيه الشافعي (418هـ) : “ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم، لأنهم على منكر وزور وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين به المؤثرين له فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع نعوذ بالله من سخطه”. ثم ساق من طريق ابن أبي حاتم : حدثنا الأشج، ثنا عبد الله بن أبي بكر، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة : ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ قال : “لا يـمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم، ونحوه عن الضحاك”.
وقد ذكر البيهقي (458هـ) في سننه بابا سماه : باب كراهية الدخول على أهل الذمة في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم. [18640] أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو بكر القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال قال عمر رضى الله تعالى عنه : “لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنـزل عليهم”. وأخبرنا أبو بكر الفارسي أنبأ أبو إسحاق الأصفهاني ثنا أبو أحمد بن فارس ثنا محمد بن إسماعيل قال قال لي بن أبي مريم ثنا نافع بن يزيد سمع سليمان بن أبي زينب وعمرو بن الحارث سمع سعيد بن سلمة سمع أباه سمع عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال : ”اجتنبوا أعداء الله في عيدهم”. وأخرج أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي (463 هـ) عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ قال: أعياد المشركين. اهـ وقال أبو الحسن الآمدي(631 هـ) : “لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود، نص عليه أحمد في رواية مهنا. واحتج بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ قال: الشعانين وأعيادهم”. وقال موسى الحجاوي (968هـ) صاحب كتاب ” الإقناع ” في المذهب الحنبلي : “ويـحرم شهود عيد اليهود والنصارى وبيعه لهم فيه، ومهاداتهم لعيدهم”. فالمسلم عليه أن يتلزم بالشرع ولا ينظر إلى كثرة الجاهلين الغافلين فقد قال السيد الجليل الفضيل بن عياض رضي الله عنه : “عليك بطريق الهدى وإن قلَّ السالكون واجتنب طريق الردى وإن كثر الهالكون”. اللهم ثبتنا على سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وارزقنا حسن الختام بجودك ومَنِّكَ وكرمك يا الله. الحمد لله رب العالمين
رابط ذو صله : | |
القسم : | مقالات وردود شرعية |
الزيارات : | 761 |
التاريخ : | 22/12/2023 |
|