النبي لا ينتحر ولا يهم بالإنتحار
مِمَّا يجبُ التحذيرُ منه قولُ بعضِ الناس [إنَّ الرسولَ لمَّا انقطع الوحيُ عنه مُدَّةً أراد الانتحار].. ونسبةُ هذا إلى نبيٍّ من الأنبياءِ كُفْرٌ صريح، فإنَّ الأنبياءَ معصومون من الوقوع في الكفر وكبائرِ الذنوبِ وصغائرِ الذنوبِ التي فيها خِسَّةٌ ودناءةٌ ومحفوظون من الهَمِّ بذلك.. ولقد ورد في[(صحيح البخاريِّ)/كتاب التعبير/باب أوَّل ما بُدِئَ به رسولُ الله من الوحي الرؤيا الصالحة] أنَّه لمَّا فتَر الوحيُ عن رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو في مَكَّةَ المكرَّمة قبل الهجرةِ كان يَتَرَدَّدُ إلى رؤوسِ شواهقِ الجبالِ فكلَّما أَوْفَى بذُرْوَةِ جبلٍ لكي يُلْقِيَ منه نفسَه تَبَدَّى له جبريلُ فقال [يا مُحَمَّدُ إنَّك رسولُ الله حقًّا].. فهذا معناه أنَّ الرسولَ كان يظنُّ أنَّه لا يتأذَّى لو فعل ذلك.. فلْيُعْلَمْ أنَّ همَّه بذلك لم يكن إلّا لتخفيفِ شِدَّةِ الضِّيقِ الذي حصل له من إبطاءِ الوحي عليه ولم يكن يقصِد الانتحار.. فمَن حمَل ما ورد من هذه القِصَّةِ على أنَّ الرسولَ أراد أن ينتحر فقد كفر، لأنَّ الانتحارَ من أكبر الجرائمِ بعد الكفر وذلك مستحيلٌ على الأنبياءِ فعلُه والهمُّ به.. كما أنَّ يُونُسَ بنَ متَّى حين ألقَى نفسَه في البحر كان يعتقد أنَّه لا ينضرُّ وليس في ذلك معصية..