في طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الْكُبْرَى لِلسُّبْكِيِّ (2/36) قَالَ الرَّبيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِنَّ الشَّافِعِيَّ رضيَ اللهُ عَنْهُ خَرَجَ إِلى مِصْرَ فَقَالَ لي: يَا رَبِيعُ خُذْ كِتَابي هَذَا فَامْضِ بِهِ وَسَلِّمْهُ إِلى أَبي عَبْدِ اللهِ -يَعْنِي الإمامَ أَحْمَدَ- وَائتِنِي بِالْجَوَابِ، قَالَ الرَّبيعُ: فدَخَلْتُ بَغْدَادَ وَمَعِي الْكِتَابُ فَصَادَفْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ في صَلاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا انْتَقَلَ مِنَ الْمِحْرَابِ سَلَّمْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ وَقُلْتُ هَذَا كِتَابُ أَخِيكَ الشَّافِعِيِّ مِنْ مِصْرَ فَقَالَ لي أَحْمَدُ: نَظَرْتَ فِيهِ؟ فَقُلْتُ: لا، فَكَسَرَ الْخَتْمَ وَقَرَأَهُ وَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْشٍ فِيهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ فَقَالَ: يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ إِلى أَبي عَبْدِ اللهِ وَاقرأ عَلَيْهِ السَّلامَ وَقُلْ لَهُ إِنَّكَ سَتُمْتَحَنُ فَلا تُجِبْهُمْ فَيَرْفَعُ اللهُ لَكَ عَلَمًا إِلى يَوْمَ الْقِيامَةِ. قَالَ الرَّبِيعُ: فَقُلْتُ لَهُ الْبِشَارَةَ يا أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَخَلَعَ أَحَدَ قَمِيصَيْهِ الَّذِي يَلِي جِلْدَهُ فَأَعْطَانِيهِ، فَأَخَذْتُ الْجَوَابَ وَخَرَجْتُ إِلى مِصْرَ وَسَلَّمْتُهُ إِلى الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فقالَ: أَيْشٍ الَّذِي أَعْطَاكَ؟ فَقُلْتُ: قَمِيصَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ نَفْجَعُكَ بِهِ وَلَكِنْ بُلَّهُ وادْفَعْ إِليّ الْمَاءَ لأَتَبَرَّكَ بِهِ" اهـ.
فَانْظُرْ أَيُّهَا الْقَارِئُ بِإِنْصَافٍ كَيْفَ كَانَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ كَالشَّافِعِيِّ يَرَوْنَ التَّبَرُّكَ بِمَا مَسَّهُ جِلْدُ صَالِحٍ فَمَا بَالُكَ بِمَا مَسَّهُ جِلْدُ أَفْضَلِ الْخَلْقِ أَوْ كَانَ جُزْأً مِنْهُ كَشَعَرِهِ؟ فَمَاذَا يَكُونُ بَعْدَ هَذَا كَلامُ مَنْ يَمْنَعُ التَّبَرُّكَ بِالصَّالِحِينَ أَوْ بِآثَارِهِمْ إِلا كَالْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ الَّذِي لا يُقَامُ لَهُ وَزْنٌ.
رابط ذو صله : | |
القسم : | مقالات وردود شرعية |
الزيارات : | 4634 |
التاريخ : | 5/9/2013 |
|