خطبة الجمعة: التحذير من الاخوان والجماعة
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، الحمد لله الواحد الأحد، الذي تنزه عن الزوجة والشريك والولد، والصلاة والسلام على سيدنا أحمد المبعوث رحمة للعالمين، بعثه الله رحمة للعالمين، هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه سراجاً وهاجاً وقمراً منيراً، فهدى الله به الأمة، وكشف به عنها الغمة وبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا من أنبيائه.
وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، لا معبود بحق سواه، منزه عن الشبيه والمثيل، مستغن عن العالمين، وهو القاهر فوق عباده. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله بعثه الله رحمة للعالمين جاءنا بالشريعة الحنيفية السمحاء، دعا إلى الحق وحارب الباطل وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما
أما بعد، أيها الأحبة المسلمون أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العظيم، هذه التقوى من ثمرتها حفظ حقوق إخوانك المسلمين. هذه التقوى من ثمرتها ان تراعي حق المسلمين عليك، هذه التقوى من ثمرتها أن لا تجلب المضرة والذل والهوان لإخوانك. يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} الأحزاب/58 .
التدين لا يكون إلاّ بالتزام ما جاءنا به نبي الله صلى الله عليه وسلم. التدين لا يكون إلاّ بالتزام ما كان عليه أنبياء الله تعالى، ومنه ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". فالمسلم الكامل هو الذي كفّ جوارحه عمّا حرّم الله، ومنها: البطش والسرقة والسب والشتم واللعن الذي حرّمه الله تعالى. لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الخلق الكريم "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله اخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
كم هو عظيم أن يتحلى كل منا بوصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يحفظ لسانه ويده عن الغيبة والبطش والسرقة، أن يجتنب التباغض والتحاسد والتقاطع والشحناء بينه وبين إخوانه المسلمين. ثم من أراد أن يكون متدينا، من أراد أن يكون من (أهل الكمال، من أراد أن يكون حقا من الإسلاميين فلا يكتفى بإطلاق اللحية والتزام الطاقية على الرأس والتزام لبس الجلابية والتزام حمل السواك والتزام التردد إلى المساجد والتزام صلاة الجماعة. فليس لأحد أن يقتطع من الدين ما يراه هو، وأن يتمسك بجزء يراه هو، وأن يهمل بقية الأمور الفرائض التي فرضها الله علينا.
إلاّ أنّ هناك اناس شذوا عن فهم الآيات البينات وامعنوا في تحريف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واكتفوا بإطالة اللحية والتزام الطاقية والتحزب في المساجد وإطلاق التكفير على حكام المسلمين واستنفار الصبية ثم الشبيبة لقتالهم وتمزيق المجتمع الإسلامي وتفتيته في وضع نحن بأمس الحاجة إلى التضامن،الحماقة ليست من علامات التدين.
هذا إن اردنا أن نقول ان هؤلاء حمقى، لكن على ما يبدو أن هؤلاء امعنوا في تحريف الآيات والأحاديث النبوية واوقعوا في صفوف المسلمين تشريدا ودمارا وخرابا مما يدل على أن هذا التوقيت الذي أقتوه في مثل هذه الظروف الحرجة التي تمر بها أمتنا لا يدل على حسن نية ولا على مجرد حماقة. وقد قال حاتم الاصمّ رجل من الصالحين بعد التابعين "لا تغتر بكثرة العبادة فإن إبليس كان يعبد الله في الجنة ثم لمّا اعترض على الله طرده الله من الجنة".
والخوارج الذين كفّروا سيدنا عليا رضي الله عنه وابنيه الحسن والحسين وعائشة وغيرهم ممن رضي الله عنهم هؤلاء أيضا ضرّوا المسلمين ولطالما امعنوا في دولة المسلمين تفتيتا وتمزيقا وهدرا لدمائهم. وقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قتلهم فهو شهيد ومن قتلوه فهو شهيد". هؤلاء الخوارج الذين كانوا يتظاهرون بالتدين والعبادة بل وكثرة العبادة، هؤلاء قال فيهم رسول الله "من قتلهم فهو شهيد ومن قتلوه فهو شهيد هم شر الخلق والخليقة" فما كانت صفتهم مع انهم كان فريق منهم يقال لهم القراء يحفظون القرءان ويجودون ءاياته ويكثرون من تلاوته يقال لهم القراء، ومع ذلك قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "هم شرّ الخلق والخليقة".
اذا، نحن لا بد لنا من أن نتعلم الميزان الشرعي لنعرف ان كان هذا الملتحي أو المعمم، أو الذي يصف نفسه صفة الواعظ هل هو ممن يصون حدود الله أم ممن يتعدى حدود الله. ولا بد لذلك من تعلم شرع الله. لأن الله تعالى يقول {ومن يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه} الطلاق/1. هؤلاء والذين نحن بصدد الكلام عنهم هم أحفاد أولئك الخوارج، والذين كما تعرفون يعيثون في البلاد العربية فسادا منذ أن بدأ زعيمهم سيد قطب في مصر العربية تشريدا، منذ أن بدأ في مصر العربية محاولة لقتل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أين أولئك العلماء منذ تلك الأعوام البعيدة الذين كان يجب عليهم شرعا أن يحذروا النّاس من دعواهم الفارغة. نموا، تمدد أخطبوطهم في البلاد. من كان عمره حينذاك سنة، اليوم جاوز الأربعين ونشأ على هذه السيرة العاطلة من التشدد والإفراط والتفريط حينا في دين الله تعالى كل ذلك باسم التدين كذبا وزورا. ويا ليت الحكومات العربية حركت العلماء فقط أن يتكلموا في المسلمين على فساد منهجهم من مؤلفاتهم من كتبهم من فتاويهم من جلساتهم كما هو حصل مؤخرا، وقد تأخر أن قام أحد الشوقيين العضو البارز في مصر يكشف حقائقهم على التلفزيون المصري ولكن بعد مضي أكثر من أربعين سنة من الكسل. من الإختباء وراء الستار.
أين أولئك الجهابذة العلماء الذين حق الله عليهم وحق المسلمين عليهم أن يعلموهم دينهم الحق وأن يحذروهم من الفئات المشعوذة والفئات المشوشة التي بدأت بإسم إخوان المسلمين وانتهت إلى مسميات متعددة جماعة التكفير والهجرة، جماعة الجهاد الإسلامي وغير ذلك الجماعة الإسلامية وغير ذلك. لم بدأ الإعلام الآن فقط يستخرج من بينهم قادة باسم التوبة. لقد تأخروا، ولكن مع ذلك ليس من التدين ما فعل هؤلاء الذين اعترفوا بأن الواحد منهم لو سجل أولاده في مدرسة الدولة مدرسة حكومية فهو كافر. حلال الدم وزوجته مرتدة يأخذونها منه ويزوجونها لآخر.
احصلوا على هذا الشريط من التلفزيون المصري لتعرفوا فساد منهج حزب الإخوان. ثم في خلال اليومين المنصرمين بدأوا متأخرين يفضحون مقالات سيد قطب ولكنه بعد مضي أكثر من أربعين عاما من أمعانه في الإفساد، وبعد لأن زرع الفساد والتضليل والإنحراف في الشباب والشابات والفتيات. ما هذا التأخر. كثيرون من النّاس بسطاء يظنون أنّ الدولة تحارب الإسلام في الأصل. لقد تأخرت هذه الدول في فضح هؤلاء الذين يخدمون العدو ولا يخدمون الإسلام. ما معنى حديث رسول الله "انصر أخاك ظالما أو مظلوما". لئن كان ظالما تمنعه من الظلم ولئن كان مظلوما فأعنه حتى يستعيد حقه. لكنّا نقول نحن نحمد الله تعالى، أنّ جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية التي مضى عليها أعوام وأعوام تفضح سيد قطب من كتبهم، ومنذ أكثر من عشرين عاما نحن نقول منهجهم باطل فاسد يكفرون الحكام المسلمين لمجرد أنهم يطبقون القانون ويكفرون الرعية بحجة أنهم سكتوا عن الحكام بالقانون فلما سكتت الدول عنهم ولم يفضحهم العلماء ولا الخطباء ولا الوعاظ، كثيرون من الأمهات والآباء لما سمحوا لأبنائهم أن يدخلوا إلى المساجد إستغلهم أولئك أو افترسوهم وأدخلوهم في ما سمي اليوم الأصولية المنحرفة والإرهابيين المتطرفيين.
ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر". أنت أيها الأب أنت تعلم لنفسك ثم علّم أولادك من المصدر الصحيح. إن هذا الفيلم الذي يسمى الإرهابي أو ان غيره من المسرحيات أو الافلام ولئن كنا لم نطلع عليه فلئن كان فيه إظهار بعض ما يفعله هؤلاء فلقد سبقناهم على المنابر وفي المساجد وفي الإحتفالات العامة ليحذر العامة والخاصة هذا المنهج الذي يوافق منهج الخوارج في تكفير المسلمين وإباحة أموالهم ونسائهم. نحن نطالب الدول والحكومات أن تستخرج من بطون كتب هؤلاء الطامات وتفضحهم على وسائل الإعلام لأننا نحن كمسلمين لا نرضى أن يقال في الإسلام أنه فيه عيب أو فيه نقص أو أنه دين إجرامي أو ما شابه ذلك.
الإسلام كله محاسن الاّ أنّ هؤلاء لما اخذوا بفكر سيد قطب الذي حاول إغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله لم يتحرك، لم يتحرك العلماء كما ينبغي وكما يجب فلو كانوا تحركوا قبل أربعين عاما لما وصلت مصر ولا الجزائر ولا غيرهما إلى ما وصلنا إليه من التفتيت لأن التوعية الإسلامية تجنب أفراد المجتمع الإسلامي من أن يستغل. فإن من لم يعرف الشرّ يقع فيه. فلذلك نحضكم ونحثكم على تعلم ضروريات علم الدين حتى لا تفاجأ يوما بأن أحد أولادك أعضاء عضو في ما يسمى الجماعة الإسلامية والتي في السجون هم ست فرق كل فرقة يكفر بعضها بعضا ولا تصلي كل فرقة وراء الفرقة الباقية وهكذا تطلع الشمس ولا يكون الجميع قد أدوا صلاة الفجر في غرفة السجن. هكذا التدين؟ هل هذا هو دين الله تعالى؟رفقا بأنفسكم، شفقة على أنفسكم وأولادكم والمجتمع الإسلامي، احرصوا على أن تتعلموا الدين الحق وعلى أن تنبذوا هذه الفئة المتطرفة التي لها اطلاع وضلوع فيما يجري من خراب وتدمير في بلادنا العربية، ألا ساء ما يفعلون.
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.
الحمد لله ربّ العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين وأشهد أن لا ءاله الا الله الملك الحق المبين، وأشهد أنّ محمدا رسول الله الصادق الوعد الأمين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
من أراد أن يدعو إلى الله تعالى فليلتزم قول الله عزّ وجل {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}. وقال تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.
أيها الأحبة المسلمون لا تفوتوا فرصة عمركم وفراغكم عن انشغالكم، لا تفوتوها من غير أن تتعلموا ما ينفعكم في أمور دينكم ويصونكم ويحفظكم وأولادكم من أن تنجرفوا أو أن ينجرفوا في أحوال فاسدة وأن يدخلوا في متاهات حزبية باطلة تحت ستار الإسلام.
واعلمو بأن الله أمركم بأمر عظيم. أمركم بالصلاة على نبيه الكريم فقال {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}. اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وكفّر عنا سيئاتنا وتوفنا مؤمنين برحمتك يا ربّ العالمين. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا ربّ العالمين وزدنا علما يا أرحم الراحمين. اللهم ارزقنا عينين تبكيان من خشيتك وارزقنا قلبا خاشعا يا ربّ العالمين ولسانا ذاكرا يا أرحم الراحمين وتوفنا مؤمنين واغفر اللهم للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
عباد الله إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجا. وأقم الصلاة.