مَعنى هَذا البَيتِ أَنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالى مَن هَداهُ سُبُلَ الخَيرِ أَي مَن شاءَ في الأَزَلِ أَن يَكونَ مُهتَدِيًا فَلا بُدَّ أَن يَهتَدِيَ، أَي مَن شاءَ اللهُ لَهُ في الأَزَلِ أَن يَكونَ مُهتَديًا، أَي على دينِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى وعلى تَقواهُ اهتَدى أَي صارَ مُهتَدِيًا تَقِيًّا ناعِمَ البالِ أَي مُطمَئِنَ البالِ للإِيمانِ بِاللهِ تَعالى وبما جاءَ عَن رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، "وَمَن شاءَ أَضَلَّ" أَي أَنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالى مَن شَاءَ في الأَزَلِ أَن يَكونَ ضالاًّ أَضَلَّهُ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى أَي خَلَقَ فيهِ الضَّلالَ، هذِهِ مِن أُصولِ عَقائِدِ أَهلِ التَّنْزيهِ، أَهلِ التَّوحيدِ، أَهلِ السُنَّةِ والجماعَةِ الّذينَ هُم على ما كانَ عَلَيهِ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ وَأَصحابُهُ وَمَن تَبِعَهُم بِإِحسانٍ، هُم على هذا الاعتِقادِ أَنَّ مَن شاءَ اللهُ تَعالى لَهُ في الأَزَلِ أَن يَكونَ مُهتَديًا لا بُدَّ أَن يَهتَدِيَ بِاختِيارِهِ.
اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى يُلهِمُهُ الإِيمانَ والتُّقى، مَن شاءَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى في الأَزَلِ أَن يَكونَ على سَبيلِ الهُدى اهتَدى بِاختِيارِهِ لا مجبورًا وأمّا مَن شاءَ اللهُ تَعالى في الأَزَلِ أَن يَكونَ على خِلافِ ذَلِكَ أَي أَن يَكونَ ضالاًّ كافِرًا أَضَلَّهُ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى أَي جَعَلَهُ كافِرًا فَيَختارُ هذا العَبدُ الكُفرَ وَكُلٌّ مِنَ الفَريقَينِ كُلٌّ مِنَ الطّائِفَتَينِ الطّائِفَةِ الّذينَ شاءَ اللهُ لهم في الأَزَلِ الإِيمانَ أَن يَكونوا مُهتَدينَ يختارونَ الهُدى أَي الإِسلامَ والتَّقوى ومَن شاءَ اللهُ لهم في الأَزَلِ أَن يَكونوا كافِرينَ باختِيارِهِم أَضَلَّهُم اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى أَي خَلَقَ فيهم الضَّلالَ.
فِالإِيمانُ بخَلقِ اللهِ تَعالى في العَبدِ والكُفرُ بخَلقِ اللهِ تَعالى في العَبدِ وكِلا الطّائِفَتَينِ يَكونُ لَهُ اختيارٌ هذا يختارُ الإِيمانَ لأَنَّ اللهَ شاءَ في الأَزَلِ أَن يَكونَ مُؤمِنًا مُهتَدِيًا باختِيارِهِ وهذا يختارُ الكُفرَ لأَنَّ اللهَ تَعالى شاءَ في الأَزَلِ أَن يَكونَ كافِرًا ضَالاًّ فَلِما في هذِهِ الأَبياتِ مِنَ التَّوحيدِ الخالِصِ كانَ يُعجَبُ بهنَّ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فاحفَظوهُنَّ فَإِنهُنَّ مِن جواهِرِ العِلمِ في أُصولِ العَقيدِةِ.
| تاريخ الإضافة : | 7/1/2011 |
| الزيارات : | 5859 |
| رابط ذو صله : | http://www.sunnaonline.org |
| الكاتب : | SunnaOnline | سنة اون لاين |
| القسم : | مختارات من دروس الهرري |
التعليقات على الماده