بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين له النعمة و له الفضل و له الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم و الملائكة المقربين على سيدنا محمدٍ أشرف المرسلين و على ءاله الطيبين الطاهرين و سلام الله عليهم أجمعين أما بعد
فإن من أفضل القربات و أوجب الواجبات وجود أناس في المسلمين يستطيعون أن يقيموا الأدلة لنصرة أهل السنة ضد مخالفيهم، مخالفوا أهل السنة ممن يدعون الإسلام كثيرٌ نحو اثنتين و سبعين فرقة، فيما مضى ظهروا أما اليوم لم يبقى منهم إلا نحو خمسة ثم كل هؤلاء بالنسبة لأهل السنة عددهم قليل أهل السنة دائماً أكثر و أول فرقةٍ مخالفةٍ لأهل السنة ظهرت هم الخوارج ثم فرقة أخرى ثم المعتزلة ثم المرجئة ثم الجبرية ثم النجارية ثم الضرارية ثم المشبهة و أكثر هؤلاء تفرقاً المعتزلة فقد بلغ عددهم عشرين فرقةً و الخوارج كذلك بلغ عددهم عشرين فرقة و فرقة أخرى كذلك بلغ عددهم عشرين فرقة ثم لم يبقى من كل هؤلاء إلا عدد قليل أكثر الفرق إنقرضت.
الوهابية المشبهة يضللون الاشاعرة
اليوم المشبهة هم نفاة التوسل في هذا الزمن لأنهم شبهوا الله بخلقه فقالوا إنه جسم قاعد متحيز فوق العرش ثم المشبهة أقسام منهم من قالوا الله بقدر العرش و منهم من قالوا من جهة التحت بقدر العرش أما من سائر الجهات أوسع من العرش و قسمٌ منهم قالوا نورٌ يتلألأ و قسمٌ منهم قالوا بصورة البشر و منهم فرقٌ أخرى من المشبهة. اليومَ الموجود من المشبهة فرقة نفاة التوسل الذين يقولون الله له أعضاءٌ و إنه قاعدٌ على العرش و لما أقيم عليهم الحجة بفساد قولهم " قاعدٌ على العرش" لأن القعود من صفة الإنسان و البهائم قال بعضهم هو ليس قاعداً إنما هو في هواء العرش حيث لا مكان قالوا فوق العرش حيث لا مكان حتى يروجوا على بعض الناس أن مذهبهم مذهب أهل السنة القائلين أن الله موجودٌ بلا مكان، نحن أهل السنة نقول الله موجود بلا مكان بمعنى أنه ليس متحيزاً في أي جهة من الجهاتِ و لا هو متحيز في جميع الجهات. و أما المرجئة فلم يبقى منها أحدٌ انقرضوا كلهم كانوا يقولون لا يضر مع الإيمان ذنبٌ كما لا ينفع مع الكفر حسنة هؤلاء كفارٌ و المعتزلة يقولون الله يخلق أفعاله بقدرةٍ خلقها الله فيه يقولون هو يخلق نطقه و نظره و مشيه و حركته و سكونه و تفكيره يقولون ما كان من فعل العبد خيراً أو شراً فالإنسان هو يخلقه و بعضهم يقول الخير الله شاء حصوله و هو يخلقه أما الشر فالعبد يخلقه بدون إرادة الله يقولون الله ما شاء وجود الشر إلا وجود الخير أما العباد قسمٌ منهم أطاعوه و قسمٌ منهم خالفوه. فيجب أن يوجد في المسلمين أناسٌ يستطيعون الرد على هؤلاء كلهم و على سائر الملحدين كالشيوعيين صيانةً لعقيدة أهل السنة و لدفع فتنة المشككين عنهم. أليس نفاة التوسل يشككون الناس حتى يدخلونهم إلى عقيدتهم يكلمونهم بكلامٍ يوهم الناس أنهم على الحق كذلك المعتزلة و المرجئة و غيرهم. في كل زمنٍ لا يخلوا وجود من يقوم بالرد على المخالفين على كل من يخالف أهل السنة بالأدلة النقلية و العقلية أما في هذا الزمن قلّوا جداً .
ثم أكثر هؤلاء تأثيراً للتشويش على أهل السنة هم المشبهة لأنهم يوردون ءاياتٍ و أحاديث ظواهرها أن الله جسمٌ و أن له أعضاءً و أن له حركةً و سكوناً و نزولاً و صعوداً يحتجون بهذه الآيات فيوهمون من ليس له فهمٌ صحيح أن ما يقولونه حقٌ و أن القرءان يوافق ذلك. الله تعالى ما أنزل القرءان ليهتدي به كل إنسان بل أنزله ليهتدي به بعض خلقه و ليضل به بعض خلقه و على هذا تدل هذه الآية {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً}.
الله قيض الاشاعرة لحفظ هذا الدين
في القرن الثالث الهجري كثر هؤلاء الفرق الشاذة ثم قيض الله تبارك و تعالى في أواخر ذلك العصر إمامين أحدهما عربيٌ و الأخر أعجمي، العربي هو ابو الحسن الأشعري و هو من ذرية أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان الرسول معجباً بحسن صوته بالقرءان قال في حقه [لقد أوتي عبد الله ابن قيس مزماراً من مزامير ءال داود] يعني بالمزمار الصوت الحسن لا يعني هذا المزمار الذي ينفخ فيه، فقوله عليه الصلاة و السلام [لقد أوتي عبد الله ابن قيس مزماراً من مزامير ءال داود] أي أقل من داود عليه السلام. داود عليه السلام كان لما يسبح الله الطيور تطرب فترد معه من شدة طربها، من صوت داود الجبال أيضاً كانت تسبح معه نعم الجبال لأن الله إذا شاء أن يصير في الجماد شعورٌ يصير فيه شعور الحجر و غير ذلك و قد حكى رجلٌ من أهل عرسال عن أمه قال: أمي كانت تمسي في الكرم أي كرم العنب، لأن تلك البلدة كرم العنب فيها كثير، قال ذات ليلةٍ سمعت الكرم يقول الله الله. و كذلك جبل الطور الذي كان موسى عنده الله خلق فيه الإدراك فرأى الجبل الله فاندكَّ نزل الجبل فصار سواءً مع الأرض من الهيبة من هيبة الله صار أرضاً و أما موسى عليه السلام طلب من الله أن يريه ذاته المقدس فلم يعطه لكن أعطى الجبل الجبل رأى الله فاندك. داود عليه السلام نبيٌ من أنبياء الله و ما كان يستعمل المزمار إنما صوته في غاية الحسن لذلك قال عليه الصلاة و السلام [لقد أوتي عبد الله ابن قيس مزماراً من مزامير ءال داود]، قال الله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}.
فمن ذرية أبي موسى الأشعري طلع أبو الحسن الأشعري و أما الأخر فيقال له أبو منصور الماتريدي. ابو الحسن الأشعري كان في بغداد و اما أبو منصور الماتريدي كان في بلاد فارس. هذان الإمامان قررا عقائد أهل السنة و أوضحاها إيضاحاً تاماً مع الرد على المخالفين من معتزلةٍ و مشبهةٍ و غيرهم فصار كل أهل السنة بعد هذين الإمامين ينسبون إلى هذين الإمامين فيقال لبعض أهل السنة الاشاعرة و لبعضهم الماتريدية. هؤلاء يسمون الاشاعرة و هؤلاء الماتريدية. و كلا الفريقين الاشاعرة و الماتريدية من أهل السنة ليس بينهما إختلافٌ في أصول العقائد و إنما بينهما إختلافٌ في بعض فروع العقائد و هذا لا يعابان به لأن الإختلاف في فروع العقائد حصل من بعض الصحابة و ذلك أن بعض الصحابة نفوا رؤية النبي لله ليلة المعراج فقالوا ما رءاه و بعضٌ من الصحابة قال الرسول عليه الصلاة و السلام رأى ربه ليلة المعراج فمن المثبتين رؤية النبي ربه ليلة المعراج عبد الله ابن عباسٍ رضي الله عنهما و أنس ابن مالكٍ و أبو ذرٍ الغفاري لكن أبا ذرٍ قال رءاه بفؤاده و لم يره بعينه أما الذين نفوا رؤية النبي لربه تلك الليلة عبد الله ابن مسعودٍ و عائشة رضي الله عنهما هذان قالا لم يرى ربه، فنحن من قال ما رأى ربه لا نقول عنه خالف أهل السنة و من قال رأى ربه كذلك لا نقول إنهم ليسوا من أهل السنة بل نقول كلا الفريقين من أهل السنة لأن هذا الإختلاف في فروع العقيدة و ليس في أصول العقيدة .
أصول العقيدة - والتي عليها الاشاعرة والماتريدية - إعتقاد أن الله موجودٌ لا يشبه غيره بالمرة و لا بوجهٍ من الوجوه و أنه ليس متحيز في جهة و مكان و أنه له صفاتٍ أزليةً أبديةً كما أن ذاته أزليٌ أبدي، علم الله أزليٌ أبديٌ و قدرته و إرادته أزليتان أبديتان و سمعه و بصره أزليان أبديان و كلامه أزليٌ ابديٌ ليس حرفاً و لا صوتاً و أن له بقاءً لا يلحقه فناءٌ كما لم يسبقه عدم و أن له حياةً ليست كحياة غيره أزليةً أبدية و كذلك من أصول العقيدة إعتقاد أن الله واحدٌ و أنه لا يشبه شيئاً و أنه مستغنٍ عن كل شىء و أنه أزليٌ لا ابتداء لوجوده هؤلاء الصفات الثلاثة عشرة هي أصول العقيدة. فهذان الإمامان و أتباعهما لا خلاف بينهم في هذه الصفات الثلاث عشرة أما رؤية النبي لربه ليلة المعراج فمن أثبتها فليس عليه حرجٌ و من نفاها فليس عليه حرج أما رؤية الله في الآخرة فهذه أهل السنة اتفقوا عليها و خالفت المعتزلة فقالوا كيف يُرى الشىء الذي يرى لا بد أن يكون جسماً كثيفاً أو لطيفاً قريباً أو بعيداً و الله لا يجوز عليه هذا فنفوا رؤية الله في الآخرة هؤلاء المعتزلة بإنكارهم لرؤية المؤمنين ربهم في الآخرة ضلوا. أهل السنة يردون على المعتزلة يقولون يُرى من غير أن يكون في مكان لا مانع من أن يُرى بلا مكان و لا جهةٍ و من غير مسافةٍ قريبةٍ أو بعيدةٍ يُرى لا كما يُرى الخلق هذا حجة أهل السنة.
فائدةٌ: إذا قيل ما ذات الله فالجواب أن يقال حقيقته الذي ليس حجماً كثيفاً و لا حجماً لطيفاً أما المخلوق إذا قيل ذاته فهو هذا الحجم اللطيف أو الكثيف ذات الإنسان حجمٌ كثيفٌ أما ذات النور حجمٌ لطيفٌ أما إذا قيل ذات الله فمعناه حيقيته الذي ليس حجماً لطيفاً و لا حجماً كثيفاً فمن قال إن ذات الله جسمٌ كثيفٌ أو لطيف فقد جعله كخلقه و سبحان الله و الحمد لله رب العالمين.
تاريخ الإضافة : | 29/12/2010 |
الزيارات : | 8397 |
رابط ذو صله : | http://www.sunnaonline.org |
الكاتب : | SunnaOnline | سنة اون لاين |
القسم : | الشيخ الجليل عبد الله الهرري |
التعليقات على الماده