www.sunnaonline.org

رحمة الله واسعة

 

من أرادَ سلامةَ دينِهِ فليقلِّلِ الكلامَ، المصائبُ للمؤمنِ فائدةٌ كبيرةٌ أمَّا للكافرِ فليسَ لهُ فيها فائدةٌ، الكافرُ مهما تعذَّبَ في الدُّنيا فلا يخفَّفُ من ذنوبِهِ بهذهِ الـمُصيبةِ منْ مرضٍ وغيرِهِ ولا في الآخرةِ، أمَّا المسلِمُ على حسبِ ما يكثُرُ بلاؤُهُ يعظُمُ أجرُهُ عندَ اللهِ، أمَّا الـمُسلمُ الذي إذا أصابتْهُ مصائبُ يسخطُ على ربِّهِ فهذا خسِرَ الدُّنيا والآخرةَ. بعضُ النَّاسِ لَمَّا تنـزِلُ بهمْ ءالامٌ شديدةٌ يكفرونَ، هؤلاءِ خسِرُوا الدُّنيا والآخرةَ، في الدُّنيا كُفرُهم هذا لا يدفعُ عنهمُ البلاءَ والمصائبَ، لا يدفَعُ عنهم. كمَثَلِ رجلٍ كانَ في العَربِ القدماءِ قبلَ الرسولِ بآلافٍ منَ السِّنينِ، كانَ مسلِمًا عاشَ في الإسلامِ أربعينَ سنةً، ثمَّ اللهُ تعالى ابتلاهُ بمصيبةٍ كبيرةٍ، أولادُهُ ذهبُوا للصَّيدِ فنـزلَتْ صاعقةٌ قتَلَتْهم فغضِبَ على اللهِ قالَ "لا أعبُدُهُ، إنَّهُ قتلَ أبنائِي"، ثم استمادَ على كفرِهِ وصارَ يقولُ للنَّاسِ الذينَ يأتونَ إلى بلدِهِ "اكفرُوا باللهِ وإلا قتلتُكم". ما مضتْ أيامٌ طويلةٌ أرسَلَ اللهُ النَّارَ على ناحيَتِهِ فأكلتِ النَّارُ الأشياءَ والنَّاسَ والبهائمَ منْ كانَ في ذلكَ الوادِي كلَّهم بما فيهِ هوَ، تلكَ الناحيةُ والبهائمُ والأشياءُ كلٌّ أكلتْهمُ النَّارُ، هذا خسِرَ الدُّنيا والآخرةَ، كُفْرُه ما نفعَهُ، ماذا نفَعَهُ؟ هذا سببُهُ أنَّه ما تحمَّلَ هذهِ المصيبةَ، أنَّ أولادَهُ كلَّهم ماتُوا فجأةً بالصَّاعقةِ فكفرَ كُفرًا شنيعًا. المصائبُ بعضُ النَّاسِ إمَّا أنْ يَكفُرُوا عندَ الـمُصيبةِ أو يَترُكُوا الفرائضَ، بعضُ النَّاسِ إذا مرِضُوا يتركونَ الصَّلواتِ، هذهِ خسارةٌ كبيرةٌ، ومنهم من يكفرُ، يقولُ لِمَ اللهُ تعالى يبتليني بهذا؟! يسخطُ على اللهِ. هذا الرَّجلُ مِن عادْ من قومِ عادْ، يقالُ لَهُ "حِمارُ بنُ مالكٍ"، العربُ كانُوا يُسمُّونَ أبناءَهم، بعضُ العربِ، بـ "حمار" وما أشبَهَ ذلك، حتَّى منَ الصَّحابةِ يوجدُ رجلٌ أبوه اسمُه "حمار". امرأةٌ كانت اسمُها "عاصية" لَمَّا كانَتْ كافرةً أهلُها سمَّوها "عاصية"، الرسولُ سـمَّاها "جميلة". العربُ كانُوا يسمُّونَ بالحمارِ والجحشِ والكلبِ، هذا الذي كفرَ هذهِ الكُفريَّةَ اسـمُهُ "حمارُ بنُ مالكٍ". عليكم بحفظِ اللِّسانِ والصَّبرِ على المصائبِ، يا صاحبَ الحجا، معناه يا عاقل يا ذا العقلِ يا منْ لهُ عقلٌ، احفظْ لسانَكَ أطِلِ السُّكوتَ، السكوتُ تقليلُ الكلامِ فيه حفظٌ للدِّينِ. الذي يُكثِرُ الكلامَ يقعُ في شىءٍ مُحرَّمٍ أو كفرٍ أو مكروهٍ لا بُدَّ، الذي يكثِرُ الكلامَ، كثيرٌ منَ النَّاسِ يقعونَ في الكُفرِ بسببِ كثرةِ الكلامِ. الكلامُ فيهِ ما هوَ حرامٌ، والنَّظرُ واللَّمسُ، الرَّسولُ عليه السلامُ قالَ: "زنَى العَينِ النَّظرُ وزنَى اليدِ اللَّمسُ وزنَى الرِّجليْنِ الخُطَى وزنَى اللِّسانِ المنطِقُ"، الكلامُ الذي يُكَلِّمُ بهِ الأجنبيةَ لِلَّذَةِ هذا زنى، زنى اللِّسانِ، منَ الصَّغائرِ ليسَ مِنَ الكبائِرِ، وقالَ عليه السَّلامُ: "وزنَى الفَمِ القُبَلُ"، القُبلةُ زنَى اللِّسانِ قُبلةُ الأجنبيةِ زنى منَ اللِّسانِ، لكنْ كلُّ هذهِ الأشياءِ منَ الصَّغائرِ، كذلكَ وزنَى النفسِ التَّمَنِّي "وزنَى النَّفسِ أن تتمنَّى وتشتهِي" هكذَا قالَ الرَّسولُ، زنَى القلبِ أن يتصوُّرُ أنَّهُ يُعانِقُ ويلتزِمُ تصوَّرَ معَ التَّلذُّذِ هذا حرامٌ هذا يسمَّى زنَى النَّفسِ، لكنْ أكثرهم وقوعُ زنَى العَينِ، لذلكَ الرَّسولُ عليه السلامُ قالَ: "وكُلُ عينٍ زانيةٌ" معناه أكثرُ البَشرِ ينظرونَ بشهوةٍ فيكونُ عليهم معصيَةٌ. لكن هذهِ الصَّغائِرُ كلُّها، هذهِ وغيرُها الصغائرُ تذهبُ بأيَّةِ حسنةٍ، إذا واحدٌ قالَ "لا إلهَ إلا اللهُ" ذهبَتْ، بنيَّةٍ حسنةٍ، وإذا قالَ "سبحانَ اللهِ" ذهبَتْ، إذا قالَ "اللهُ أكبرُ" أو قالَ "الحمدُ للهِ" بمعنَى على وجهِ الشُّكرِ للهِ من أجلِ تعظيمِ اللهِ تذهبُ، وإن توضَّأَ تذهبُ لَمَّا يتوضَّأُ وضوءًا شرعيًا بنيَّةٍ صحيحةٍ تقربًا إلى اللهِ، لَمَّا يغسِلُ وجهَهُ تنـزِلُ صغائرُ الذُّنوبِ التي فعَلَها بفمِهِ وعينِهِ معَ الماءِ، وإذا غسَلَ يدَيْهِ كذلكَ تذهبُ خطايا يديْهِ معَ الماءِ وإذا غسَلَ رجليْهِ كذلكَ تذهَبُ معَ الماءِ الذي ينـزِلُ منَ الرِّجلِ، رحمةُ اللهِ واسعةٌ.


تاريخ الإضافة : 20/5/2011
الزيارات : 5350
رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
الكاتب : SunnaOnline | سنة اون لاين
القسم : مختارات من دروس الهرري

التعليقات على الماده