زعموا أن الحبشي يشق عن قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويتابع الجهول كذبه ويقول إن الحبشي يشق عن قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الرد: هذا كذب ظاهر لا يمتري فيه اثنان، فقد قال المحدّث الهرري في كتابه بغية الطالب (ص346) [ومن الواجبات القلبية محبة الله ورسوله والصحابة والآل والصالحين] اهـ بحروفه.
وإنما المسئلة تنحصر في أمر: ما جرى بين الإمام عليّ وبين معاوية من قتال، وأن الحق كان في جانب عليّ رضي الله عنه. قال الله تعالى {يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [سورة النساء/59]. وروى البخارى وابن حبّان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار]. وهذا الحديث (ويح عمار تقتله الفئة الباغية) متواترٌ رواه أربعة وعشرون من الصحابة، ذكر ذلك السيوطي والمناوي وغيرهما.
وروى الحافظ البيهقي في سننه (ج8/174) وابن أبي شيبة في مصنفه (ج15/290) أن الصحابي الجليل عمّار بن ياسر رضي الله عنهما قال [لا تقولوا كفر أهل الشام (أي الذين قاتلوا عليًا في صفّين) ولكن قولوا فسقوا أو ظلموا]. وروى الحافظ البيهقي في كتاب: "الاعتقاد والهداية لسبيل الرشاد" (ص248) أن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال [وكل من نازع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في إمارته فهو باغٍ] اهـ. ونقل الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتابه "الإمامة" إجماع أهل السنّة والجماعة على أنّ عليًّا رضي الله عنه كان مصيبًا في قتاله وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم. وقال ابن كثير في البداية والنهاية (ج7/276) ما نصه [وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قتله أهل الشام وبان وظهر بذلك سر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه تقتله الفئة الباغية، وبان بذلك أن عليا محق وأن معاوية باغ وما في ذلك من دلائل النبوة] اهـ. نقول: والعجيب من هؤلاء الذين لا يعجبهم ما قرره الأئمة الأعلام في هذه المسئلة أنهم يعترفون ويدرّسون أنه لا يجوز الخروج على وليّ الأمر كأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم، فهذا من جملة تناقضاتهم.
وأما اعتراض الكاتب على ما في كتاب صريح البيان ص102 وص105 فهو اعتراض في الحقيقة على الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنهما والتابعي الجليل مسروق رضي الله عنه والإمام المجتهد ابن جرير الطبري رضي الله عنه. فقد نقل المحدّث الهرري رحمه الله في كتابه "صريح البيان" (ص201) وص 55 طبعة رابعة ج2 أن الحافظ المفسّر ابن جرير الطبري ذكر في "تاريخ الأمم والملوك" (ج3/98) أن الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنهما وكان في جيش الإمام علىّ رضي الله عنه شجّع من معه على القتال ووصف من كانوا ضدّ عليّ في هذه المعركة أن خشية الله لم تتمكّن من قلوبهم وأنّهم خدعوا أتباعهم بقولهم "إمامنا قتل مظلومًا ليكونوا بذلك جبابرةً ملوكًا" اهـ.
ونقل المحدّث الشيخ الهرري في كتابه صريح البيان (ص105) وص58 طبعة رابعة ج2 أن الإمام المفسر ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310هـ روى فى تهذيب الآثار في مسند علي (ص241) عن الإمام التابعى الجليل مسروق رضي الله عنه أنه مرت عليه سفينة فيها أصنام ذهب وفضة بعث بها معاوية إلى الهند تباع فقال مسروق: "لو أعلم أنهم يقتلوني لغرقتها ولكني أخشى الفتنة" اهـ بحروفه عن تهذيب الآثار.
أخي المسلم: إنّ زعيمهم سيّد قطب هو الذي يكفر معاوية بن أبي سفيان في كتابه المسمى "العدالة الاجتماعية في الإسلام" طبع دار الكتاب العربي شارع فاروق بمصر (ص174) السطر الخامس فقال ما نصه [فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية فهو منه ومنهم برئ] اهـ. نعم وهروبًا من هذه الفتوى فقد حذف اتباعه هذه العبارة من الطبعة الجديدة. ويتابع سيّد قطب طعنه بأبي سفيان وعمرو بن العاص كما في الكتاب المذكور (ص174 و 189) وكذلك من قبله رأس بدعتهم ابن تيمية طعن بسيّدنا أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضى الله عنهم. فقد نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه الدرر الكامنة (ج/1ص154 و155) أن ابن تيمية خطّأ عمر في شىء وخطّأ عليًّا في سبعة عشر موضعًا وقال عن عليّ: إنّه مخذول أينما توجّه ويحبّ الرياسة وأن عثمان كان يحبّ المال وأن أبا بكر أسلم شيخًا لا يدري ما يقول وأن عليًّا أسلم صبيًّا والصبيّ لا يصحّ إسلامه على قول اهـ. حتى إنّهم يطعنون بسيّدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فيقولون في كتابهم المسمىّ: "إطلاق الأعنّة" (ص16) [أن الغبار الذي دخل في أنف فرس معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز بألف مرة] اهـ، وذكروا مثل ذلك في مجلّتهم المسمّاة بنداء الإسلام العدد الخامس جمادى الآخرة 1415 هـ والعياذ بالله تعالى من الضلال. انظر كيف يحقّرون الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول [حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الكعبة] رواه ابن حبّان.
التعليقات على الماده