الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف الخلق والمرسلين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت يا حي يا قيوم تجعل الحزن إذا شئت سهلا، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل اللهم جنبنا الفتوى بغير علم. أما بعد،
روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة]، وكذلك روى ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [لا تجتمع أمتي على ضلالة فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم]، وقال صلى الله عليه وسلم [من شذَّ شذَّ إلى النار]، فهناك شبه ألقاها المنحرف الشاذ المدعو عبد الرحمن محمد سعيد دمشقية فيها قال إن الاستغاثة بغير الله لا تجوز واعتبرها من الشرك والضلال، فقال في شريط له في أستراليا، "إن الذي يقول يا محمد أو يا رفاعي أو يا جيلاني وقع في نوع من أنواع الشرك".
أولا نقول يوجد في كتاب للإمام السيوطي سماه الخصائص الكبرى في ج1/ص6 يذكر أن ءادم لما اقترف الخطيئة قال [اللهم بحقِ محمد إلا غفرت لي]، فنبي الله ءادم قال بحق محمد رواه السيوطي وغيره. فآدم عند الوهابية يكون أشرك بالله تعالى، وفي كتاب البداية والنهاية لابن كثير الذي تحبه الوهابية في المجلد الذي فيه الجزء السابع والثامن ص 104-105 يذكر فيه عن بلال ابن الحارث المزني الصحابي الذي قصد قبر النبي وطلب منه ما لم تجري به العادة وتوسل به، وفيه يقول [إن أهله طلبوا منه أن يذبح لهم شاة فقال ليس فيهِنَّ شيء فألحوا عليه فذبح الشاة فإذا عظمها حُمُرٌ فقال: "يا محمداه"]، ما كفر ولا كفره أحد من الصحابة، وقال الحافظ أبو بكر البيهقي في رواية أخرى عنه أنه جاء إلى قبر النبي في عام الرمادة فقال [يا رسول الله استسقي لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتاه الرسول في المنام، فقال: ائت عمر فأقرأه مني السلام وأخبره أنهم يسقون]، ثم يقول البيهقي: وهذا إسناد صحيح، ووافقه على تصحيحه ابن كثير.
وفي كتاب الجامع للعلل في معرفة الرجال، لعبد الله بن أحمد بن حنبل للمذهب الحنبلي المشهور الذي تنتسب إليه الوهابية زوراً وبهتانا، في المجلد الثاني ص 22 رقم المسألة 250 قال [سألته عن الرجل يمس منبر النبي ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل مثل ذلك أو نحو ذلك يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل، فقال الإمام أحمد: لا بأس بذلك]، والوهابية تكفر من فعل ذلك، فكفروا الصحابة وكفروا بلال بن الحارث المزني وكفروا أيضا الإمام أحمد والعياذ بالله تعالى. وفي كتاب الأدب المفرد للبخاري وليس عليه تحقيق كمال يوسف الحوت كما زعم عبد الرحمن دمشقية ص207 حديث رقم 438 يذكر السند ثم يقول [عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد]، وفي كتاب الأذكار للإمام النووي ص271 باب ما يقوله إذا خدرت رجله يذكر السند ثم يقول [خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد، فكأنما نشط من عقال]. والكتاب المسمى الكلم الطيب لزعيم الوهابية ومرجعهم ابن تيمية، الذي طبعه المكتب المسمى الإسلامي لزهير الشاويش تأليف ابن تيمية تحقيق محمد ناصر الدين الألباني الذي هو من زعماء الوهابية في هذه الأيام، رقم الفصل 54 رقم الحديث 235 يقول [عن الهيثم بن حنش قال: كنا عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد، فكأنما نشط من عقال]، وهذا التناقض عند الوهابية، الكتاب المذكور لابن تيمية سماه الكلم الطيب أي استحسن ما فيه وذكره ليقوله للناس، وما قال إنه ضعيف، أما هؤلاء يقولون إنه ضعيف، فلو سلمنا معهم أنه ضعيف، فهل يكون على زعمهم ابن تيمية وضع حديثاً ضعيفاً لتعليم الناس الشرك والكفر ومع ذلك يسمونه شيخ الإسلام، فما هذا التناقض وما هذا التذبذب في الاعتقاد، فإن ابن تيمية عند الوهابية مشرك كافر ومع ذلك يسمونه شيخ الإسلام هم لا يقولون عنه مشرك لكن حكما كفروه. وهذا زعيمهم الأول ابن تيمية يقر التوسل، ثم الألباني يقول في التحقيق [وقد أثبتنا هذه الرواية لأننا اطلعنا عليها في بعض النسخ المخطوطة].
وفي كتاب لمحمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية سماه أحكام تمني الموت توزيع المكتبة السعودية بالرياض، وعلق عليه المدعو عبد الله بن عبد الرحمن الجَبْرين وكتبوا عليه: يوزع مجانا ولا يباع. فيه جواز الاستغاثة بغير الله، في ص 60 قال محمد بن عبد الوهاب [ولابن أبي الدنيا عن زيد بن أسلم كان في بني إسرائيل رجل قد اعتزل الناس في كهف جبل وكان أهل زمانه إذا قحطوا استغاثوا به فدعا الله فسقاهم، فمات فأخذوا في جهازه، فبينما هم كذلك إذا هم بسرير يرفرف في عنان السماء حتى انتهى إليه، فقام رجل فأخذه فوضعه على السرير، فارتفع السرير والناس ينظرون إليه في الهواء حتى غاب عنهم]. فهم لا مع زعيمهم الأول ولا مع زعيمهم الثاني، فالأول روى حديث عن الاستغاثة والآخر روى مسألة في الاستغاثة، والوهابية يزعمون أنهم يدعون إلى التوحيد، وهم يدعون في الحقيقة إلى الشرك والكفر والضلال.
في كتابٍ للقاضي عياض المالكي ج2/ص85 يقول [والتبرك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يده وَمَوْطِئُ قدميه والعامود الذي كان يستند إليه وينْزل عليه جبريل بالوحي هناك، وبمن عمره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين، والاعتبار بذلك كله]، وفي بداية هذا الفصل ص 83 قال [وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنة من سنن المسلمين المجمع عليها وفضيلة مرغب بها]. وفي كتاب عدة الحصن الحصين في كلام سيد المرسلين للإمام شمس الدين الجَزَري ص 20 يتكلم عن الأماكن التي يستجاب الدعاء فيها قال [وعند قبور الأنبياء، ثم قال: وجربة استجابة الدعاء عند قبور الصالحين]، فكل هؤلاء عند الوهابية صاروا من الكفار والعياذ بالله تعالى.
وفي كتاب للإمام ابن حجر الهيتمي المسمى حاشية ابن حجر على الإيضاح ص 214-215 قال [ولا يُغْتَرّ بإنكار ابن تيمية لسنية زيارته صلى الله عليه وسلم، فإنه عبد أضله الله كما قال العز بن جماعة، وأطال في الرد عليه التقي السبكي]. فالوهابية تكفر الصحابة ومجموع الأمة الإسلامية، ثم هؤلاء العلماء الأوائل بينوا من هو ابن تيمية الذي تتبعه الوهابية، ففي كتاب إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين للإمام مرتضى الزبيدي ج2/ص173 يقول [قال الحافظ تقي الدين السبكي: "وكتاب العرش من أقبح كتب ابن تيمية، ولما وقف عليه الشيخ أبو حيان، ما زال يلعنه حتى مات]، العلماء كانوا يلعنون ابن تيمية وجعلوا ذلك وردا لهم، والوهابية يقولون عنه شيخ الإسلام.
وفي كتاب تفسير القرآن النهر الماد للإمام الأندلسي ج1/ص254 قال [قرأت في كتاب لأحمد بن تيمية هذا الذي عاصرنا وهو بخطه سماه كتاب العرش إن الله تعالى يجلس على كرسي وقد أخلى منه مكانا يقعد فيه معه رسول الله]، والعياذ بالله تعالى من الكفر والضلال. وفي كتاب للإمام أبو الهدى الصيادي الرواس واسمه بوارق الحقائق ص 33 يقول عن ابن تيمية [خُولِفَ بكثيرٍ من أقواله، ومخالفوه من أعيان علماء الدين وسادات المسلمين، ونحن مثلهم نخالفه في أقواله التي فيها تعصبه وقلة عقله وسوء تصرفه]. وكتاب الرحالة ابن بطوطة في ص 112-113 يقول [وكان في دمشق رجل من الحنابلة يسمى ابن تيمية حضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينْزل إلى السماء الدنيا كنُزولي هذا، ونزل درجة من درج المنبر]، والعياذ بالله تعالى. وفي كتاب شواهد الحق للاستغاثة بسيد الخلق للشيخ يوسف النبهاني ص 250 يقول فيه [إذا علمت ذلك أيها المسلم الشافعي أو الحنفي أو المالكي أو الحنبلي الصالح الموفق، تعلم أنه يجب عليك الحذر التام من كتب ابن تيمية ومن تبعه المتعلقة بالعقائد لأَنْ لا تهوى في مهوات الضلال ولا ينفعك الندم بعد ذلك بحال من الأحوال].
ثم هذا ابن تيمية له كفريات عجيبة منها ما ذكره في كتابه المسمى قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة في ص154-155 يجعل أن من توسل بنبي أو ولي حي أو ميت فهو مشرك كعُباّد الأوثان، بعد أن روى حديث ابن عمر الذي يقول فيه ابن عمر يا محمد. وفي كتاب آخر لابن تيمية سماه الأسماء والصفات ج1/ص81 يتكلم عن الآية {وأشرقتِ الأرضُ بِنورِ ربِّها}، ثم قال [وهذا دليل على أنه إذا جاءهم وجلس على كرسيه وأشرقت الأرضُ كلها بأنواره]، جعل الله سبحانه وتعالى مثل الشمس المرتفعة ينبثق منها النور لمن تحتها، وجعله يتنقل يأتي ويجلس على الكرسي والعياذ بالله تعالى من كفره. وفي كتابه المسمى شرح حديث النُّزول تحقيق محمد خميس ص 400 فقال باللفظ [فما جاءت به الآثار عن النبي من لفظِ القعودِ والجلوس في حق الله] ثم المعلق السخيف الجاهل يذكر على زعمه الحديث بأكمله فيقول [يوم يجلس الملك على الكرسي فيؤخذ للمظلوم من الظالم]، قال [إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد]، وفي ص 460 ينسب ابن تيمية إلى النبي كلاما لا يقبلُهُ العاقل. قال ابن تيمية [قال رسول الله: والذي نفسي بيده لو أنكم دليتم رجلاً بحبلٍ إلى الأرض السفلة لهبط على الله].
وللوهابية كتاب يكفرون فيه أهل مصر وأهل البلاد العربية قاطبة سموه فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، المتن لابن عبد الوهاب والشرح لحسن آل الشيخ وهو حفيد المذكور وتعليق عبد العزيز بن باز، طبع في دار الندوى الجديدة بيروت لبنان ص 191 يتكلم عن زيارة القبور قال [كما جرى لأهل مصر وغيرهم فإن أعظم آلهتهم أحمد البدوي، وكان أهل العراق ومن حولهم كأهل عمان يعتقدون في عبد القادر الجيلاني كما يعتقد أهل مصر في البدوي]، قال [وهكذا حال أهل الشرك مع من فتنوا بهم]، ثم قال [وأعظم من هذا عبادة أهل الشام لابن عربي،] ثم قال [وجرى في نجد مثل هذا وفي الحجاز واليمن وغيرهما من عبدة الطواغيت والأشجار والأحجار والقبور]، هذا هو معتقد الوهابية في الأمة الإسلامية، يكفرونهم قاطبة على الإطلاق، وهم يدَّعون أنهم يَدْعونَ إلى التوحيد. وفي الكتاب يقولون في ص 11 عند شرحهم للفظ الجلالة الله على زعمهم [فقال عيسى أتدري ما الله، الله إله الآلهة]، أي توحيد هذا الذي تزعمون أيها الضالون المضلون الأنجاس، الإله في حسب الأصل والشرع لا يطلق إلا على الله سبحانه وتعالى. وفي كتاب سموه مجموع الفتاوى المجلد الرابع ص 374 يقول ابن تيمية [إن محمداً رسول الله يجلِسُهُ ربه على العرش معه]، سبحانه وتعالى عما يقول ابن تيمية. هؤلاء هم الوثنية الذين يعلمون الناس الشرك والضلال، وشبهوا الله بخلقه فكفروا وخرجوا عن الإسلام ومع ذلك يدَّعون أنهم دعاة إلى التوحيد والإسلام، هؤلاء فتنة عظيمة وضلالهم كبير يكفرون المسلم إذا توسل بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ففي كتاب شفاء السقام في زيارة خير الأنام للإمام السبكي في ص 153 قال [اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي إلى ربه، وجواز ذلك وحُسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دينٍ المعروف من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين]، ثم قال [وأقول إن التوسل بالنبي جائز في كل حال، قبل خلقه وبعد خلقه وفي مدة حياته في الدنيا، وبعد موته في مدة البرزخ، وبعد البعث في عَرَصات القيامة]. هذا كلام العلماء في التوسل، وقد سمعتم ما قالت الوهابية في كتبهم والعياذ بالله تعالى.
ومما قاله المدعو عبد الرحمن دمشقية في المناظرة التي حصلت في أستراليا، أنكر أن يكون بعض الأولياء يخرجون من قبورهم ويقضوا حاجات بعض الناس، فزاد في كلامه وافترى علينا ما لم نقله فقال [إنكم تقولون إن الله يصرف الأولياء في الأكوان، فيتصرفون في الكون حتى يصيرون يقولون للشيء كن فيكون]، فهذا كذب علينا بهذه الألفاظ، ولا يوجد في كتاب من كتب شيخنا ولا لجمعيتنا ونحن نتحداه على أن يثبت ذلك ولا يستطيع. وأما اعتقادنا في هذه المسألة أن الأنبياء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآهم في ليلة الإسراء المعراج وصلّى بهم إماماً، ورأى عدد منهم في السموات، أي كانوا قد ماتوا ثم خرجوا من قبورهم وتصرفوا لما صلوا ولما قال موسى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ارجع واسأل ربك التخفيف، فهذا كله يقال له تصرف، ثم بعد ذلك رجعوا إلى قبورهم. فالأنبياء يقدرون على ذلك بإذن الله، أما الأولياء فنقول إن بعضاً منهم ممن لهم مرتبة عالية يعطيهم الله تعالى ذلك أي التصرف في بعض الأشياء، يخرجون من قبورهم ويتصرفون بمشيئة الله تعالى، ونقول له قبل أن تنكر علينا في هذه المسألة وتنسب إلينا كلاما محرفاً أننا نقول أن الأولياء يقولون للشيء كن فيكون، هذا لا نقوله. نقول له لِما لم تعترض على زعمائك الثلاثة، ففي كتاب ابن تيمية الذي يقال له اقتضاء الصراط المستقيم دار المعرفة ص 352 يقول ابن تيمية [ولقد علمت جماعة ممن سأل حاجة من بعض المقبورين من الأنبياء والصالحين فقضيت حاجته]، فهذه عبارة ابن تيمية الذي يتبعه عبد الرحمن دمشقية وغيره من الوهابية، وفي كتاب الروح لابن قيم الجوزية وهو الرئيس الثاني لهم ص 287 دار الكتاب العربي يقول [الثاني والتسعون ما ثبت عن سلمان الفارسي وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم أن أرواح المؤمنين في البرزخ تذهب حيث شاءت وأرواح الكفار في سجين] وفي ص 290 يقول [وفي كتاب المنامات لابن أبي الدنيا عن شيخ من قريش قال: رأيت رجل بالشام قد اسود نصف وجهه وهو يغطيه فسألته عن ذلك فقال: قد جعلت لله علي أن لا يسألني أحد ذلك إلا أخبرت به، كنت شديد الوقيعة في علي بن أبي طالب فبينما أنا ذات ليلة نائم، إذ أتاني آتٍ في منامي فقال لي، أنت صاحب الوقيعة فِيَّ فضرب شِقَّ وجهي فأصبحت وشق وجهي أسود كما ترى، ثم يقول أن الروح القوية كروح الصديق قد تحضر في جيش للمسلمين فتهزم جيشا بأكمله من الأعداء]، نقول لعبد الرحمن دمشقية، أليس هذا تصرفا أليس الإمام علي خرج من قبره وحصل ما حصل وذكره زعيمك ابن القيم الجوزية، نقول له قبل أن تعترض علينا لما لا تعترض على رؤسائك أولئك في كفرياتهم التي يعلمونها للناس. وفي كتاب لابن عبد الوهاب المسمى أحكام تمني الموت ص61-62 يتكلم عن خروج بعض الناس من قبورهم فقال [قال البيهقي والحديث أخرجه البخاري في الصحيح، وقال في آخره وهو يتكلم عن حديث ثم يقول عن إنسان أنه مات: وفي مغازي موسى ابن عقبة قال عَمْرُ بن الزبير: لم يوجد جسد عامر يرون أن الملائكة وارته، ويذكر أيضا عن ابن عساكر: أن أويس القرني كذا وكذا، وفي رواية مما لا ينسج بني ءادم، وذهب رجلان ليحفروا له قبراً فجاءا فقالا قد أصبنا قبراً محفوراً في صخرة كأنما رفعت الأيدي عنه الساعة، فكفنوه ودفنوه ثم التفتوا فلم يروا شيءً]، ويذكر كثيرا من هذه القصص، خروج بعض الناس من قبورهم.
وكذلك يعترض علينا لأننا نقول أن سلامُنا يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك، ويقول لو استغاث به كل الناس وهم في بيوتهم في وقت واحد، كيف يستطيع أن يسمع ذلك أو أن يعرف بهذا الأمر. نقول له روى البزار عن عمار بن ياسر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إنَّ اللهَ تَعَالى وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلَكًا أَعْطَاهُ أَسْمَاعَ الخَلائِق فَلا يُصَلِّي عَلَيَّ أحد إلى يومِ القيامَةِ إلا بَلَّغَني باسمِهِ واسم أبيهِ هذا فُلانُ بن فلان قَدْ صَلَّى عَلَيْك]، قال الحافظ المنذري رواه ابن الشيخ وابن حبان ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالى أَوْصَى بي مَلَكًا أعْطَاهُ أسْمَاعَ الخلائِقِ فهُوَ قائِمٌ علَى قبرِي إذا مت فَلَيْسَ أحد يُصَلِّي عَلَيَّ إلا قال: يا محمد صَلَّى عَلَيك فلان بن فلان، فَيُصَلِّ الربُ على ذلك الرجل بِكُلِّ واحدَة عَشَرَة]، وروى الطبراني في الكبير بنحو هذه الرواية وبرواية ثانية بلفظ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إن لله ملكاً أعطاهُ الله تعالى سَمع العبادِ فَلَيس أحد يصلي علي إلا بَلَّغَنِيهِ]. نقول له فعلى أي شيء تعترض، أليس عزرائيل هو الملك الموكل بقبض الأرواح، فإن مات ملايين من الناس في بلاد متفرقة في لحظة واحدة فإن عزرائيل يستطيع أن يقبض أرواحهم كلهم في لحظة واحدة، والملك ولي والنبي أفضل من الولي، فالذي أعطى هذا لعزرائيل قادر أن يعطي ذاك للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو ليس بعزيز على الله. النبي صلى الله عليه وسلم قال [من صلى عليَّ نائياً بُلِّغْتُهُ ومن صلى عليَّ عند قبري سمعتُهُ] رواه البيهقي وأبو داود،
يروي بعض العلماء عن شخص اسْمهُ عتبي قال [كنت قرب قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل للرسول فقال الرجل: السلام عليك يا رسول الله إني سَمعت قول الله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} سورة النساء/64، وإني يا رسول الله جِئْتُكَ مُسْتَغْفِراً لِذَنْبي مُسْتَشْفِعاً بِكَ إلى رَبِّي، ثم أنشد الرجل يقول:
يا خير من دُفِنَتْ بالقاعِ أعظُمُهُ
فطاب من طيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ
نفسي فداء لقبٍر أنت ساكِنُهُ
فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ
أنت الشفيعُ الذي تُرجى شفاعَتُهُ
عِندَ الصراطِ إذا ما زلَّت القدمُ
وصاحِباك لا أنساهما أبدا
مني السلامُ عليكُم ما جرى القلمُ
فهذا الرجل عُتبي قال نِمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: يا عتبي إلْحَق الرجل وقل له إن الله قد غفر له.
يقول عبد الرحمن دمشقية والوهابية أمثاله أن كل البدع سيئة منكرة، فنرد عليهم من كتاب زعيمهم محمد بن عبد الوهاب المسمى أحكام تمني الموت ص 75 يقول [يدعوا له من بعد موته والسنة الحسنة يُسِنّها الرجل فيُعْمَل بها بعد موته والمائة إذا شُفِعوا في الرجل شَفَعوا فيه]، ففي هذا الكتاب يثبت محمد بن عبد الوهاب أنه من السنة ما هو حسن وما لو عمل الناس بها بعد موت هذا الإنسان يكون له أجر ولهم أجر على ذلك. ومما أنكره الوهابية قراءة القرآن على الأموات أو في المقابر فقالوا أن هذا بدعة وكل بدعة عندهم كما ذكرنا سيئة، ففي الكتاب المذكور يقول ابن عبد الوهاب في نفس الصحيفة [وأخرج عبد العزيز صاحب الخلافة بسنده عن أنس مرفوعا قال: من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم وكان له بعدد من فيها حسنات، وقال عليه الصلاة والسلام: اقرءوا يس على أمواتكم] رواه البيهقي وأبو داود".
وكذلك زعم المدعو دمشقية والوهابية الذين ينتسب إليهم أن الله في السماء، يريد بذلك كما صرح في كتبه أن الله بذاته في السماء وكما صرحت الوهابية في الكتب المذكورة آنفا. كذلك نرد عليهم من كتاب شيخهم المسمى كتاب أصول الإيمان، يقول في هذا الكتاب [إن أهل السماء هم الملائكة، حيث قال: وعن أبي ذر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجدٌ لله] رواه الحاكم في المستدرك. وكذلك يزعمون أن الله فوق العرش بذاته، يقولون فوق العرش لا مكان، ففي نفس الكتاب ص 9 يقول [وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي] رواه البخاري، ومعنى عنده أي في المكان المشرف عنده، وليس معناه أن الله فوق العرش، وهذا دليل على أن فوق العرش مكان وليس كما تزعم الوهابية، وفي كتيب لهم سموه فتاوى وأذكار لإتحاف الأخيار ص 38 يقول [حكم حلق اللحية، حلق اللحية محرم لأنه معصية للرسول، ويقول لأنه خروج عن هدي المرسلين إلى هدي المجوس وأخذ شيء منها داخل في المعصية أيضا]، هؤلاء يحرمون على الإنسان أن يهذب لحيته ويقولون إن أخذ شيء من طولها أو عرضها يكون آثما، وهم على تناقض واختلاف حتى مع زعمائهم وليس مع أهل السنة فقط.
وأيضا مما افتراه وألفه من نسج خياله أنه طالب بالمباهلة وقال [ندعوا على أنفسنا بسوء الخاتمة]، وهذا تحريف للفظ معنى المباهلة، لأنه لا يوجد في الآية والحديث ولا في كتب الفقهاء أن ندعوا على أنفسنا بسوء الخاتمة. نحن لما نحذر الناس من الوهابية وحزب الإخوان وغيرهم أمثالهم إنما نفعل هذا من باب الوجوب، لأنه إذا صدر من شخص ما منكر يلزم النهي، فإن لم ينتهي نحذر الناس من أن يقعوا في مثل الذي هو فيه وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم [حتى متى ترعون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس] رواه البيهقي.
أبو علي الدقاق قال [الساكت عن الحق شيطان أخرس]، نحن إذا سكتنا على هؤلاء وأمثالهم نكون شياطين خُرس، وهذا ليس من الغيبة المحرمة بل هي واجبة لأن خطرهم على المسلمين أشد من خطر الكفار المعلنين، وخطرهم أشد من خطر قطاع الطريق، وهؤلاء ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم [أناسٌ من جِلْدَتِنا يَتَكَلَّمونَ بألسِنَتِنا تعرفُ منهم وتُنْكِر، دُعاتٌ على أبوابِ جهنَّم من استجاب لهم قذفوهُ فيها]. الله تعالى أمرنا بعبادته فقال {وَمَا خَلَقْت الجِنَّ والإنْسَ إلا لِيَعْبُدُون}، وأمرنا أن نأمر بالمعروف من تعليم الدين وغير ذلك، وأمرنا بالنهي عن المنكر، فهذا الأمر والتبيان هو من الأمر الواجب هو من النهي عن المنكر.
والله سبحانه أعلم وأحكم
|