في يوم الخميس 31 ءاب 1995 امتدت يد الغدر والإجرام والعمالة لتطال أحد رموز وعلماء الدين الإسلامي، ألا وهو سماحة الشيخ نزار حلبي رحمه الله، فأفرغوا من أفواه بنادقهم المأجورة رصاصات حقدهم الأعمى للإسلام والمسلمين.
ستة عشر عاماً مضت على استشهاد القائد المربي سماحة الشيخ نزار حلبي رضوان الله عليه. تلك السنون خلت والجراح تحفر في القلوب وتدمع منها العيون، أيها القائد الشهيد، يا نزار السعد لا تُبالِ، فالراية خفاقة والمدرسة لم ولن تغلق أبوابها، وكتابك المفتوح يرقم فيه خَلَفُكَ القائد الحسام، ونحن تحت قيادته سائرون كالجسد الواحد، نهج واضح وعقيدة ثابتة وخطاب موحّد، وهو خلفك الهمام حسام المجد، فكن قرير العين يا شهيد الاعتدال والوطنية والعروبة، يا شهيد لبنان والأمّة. من هو سماحة الشيخ نزار حلبي هو الشيخ الشهيد نزار بن رشيد الحلبي شهرة البيروتي موطنـًا المولود سنة 1372 هـ = 1952 م في عائلة بيروتية نشأت على حب العلم والعلماء. ويتصل نسبه إلى الشيخ ابن النفيس الحلبي.تعرف على العلامة المحدث عبد الله الهرري الحبشي منذ نعومة أظافره فتربى على يديه، وتخلق بأخلاقه وسار على نهجه، وتلقى منه الدروس والمعارف ودرس عليه في كتاب "الخريدة البهية" للشيخ أحمد الدردير المالكي، وكتاب "الجواهر الكلامية" للشيخ طاهر الجزائري، وكتاب "الدليل القويم على الصراط المستقيم" وكتاب "المختصر" وكتاب "الصراط المستقيم" و "زبد ابن رسلان" في الفقه الشافعي وغيرها من المؤلفات. كما أجازه محدث الديار المغربية فضيلة الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري إجازة عامة بكل مروياته ومؤلفاته. تلقى علومه المدرسية في ابتدائية أبي بكر الصديق ثم ثانوية عمر بن الخطاب ثم دخل إلى أزهر بيروت حيث نال الشهادة الأزهرية ثم رحل في طلب العلم إلى الأزهر الشريف في مصر وتخرج من كلية الشريعة والقانون سنة 1975 م، ثم عاد إلى بيروت وتولى مناصب عديدة منها الإمامة والخطابة والتدريس في مسجد برج أبي حيدر في بيروت وتدريس الفقه والتوحيد في عدد من المدارس اللبنانية وعضوية اتحاد العلماء في لبنان، وهو الرئيس السابق لرابطة الشباب المسلم في لبنان وممثل دار الفتوى اللبنانية في بعثة الحج الرسمية في موسم 1403 هـ = 1983 م. وفي سنة 1983 م تولى رئاسة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية التي عمل على إعادة تنظيمها والانطلاق بها لتحقق ما أنشئت لأجله. امتدت إليه يد الغدر يوم 31 ءاب 1995 فقضى في سبيل الله شهيدًا سعيدًا إن شاء الله. من مواقفه لقد تمكن سماحة الشيخ نزار الحلبي بإخلاصه وحكمته وحسن تدبيره أن يؤسس منهجًا واضح المعالم في القيادة والرعاية وها هي كلماته ومواقفه تظهر هذا المنهج وتؤكد أنه عمل على بناء مؤسسات تخدم الوطن وتبقى للأجيال وتنير دربه. ومن هذه الكلمات:
ـ بصلاح الفرد تبنى المجتمعات وترتقي المؤسسات وتبتر الجريمة ويرتاح الوطن ـ كم من أناس انحرفوا عن جادة الإسلام يتسترون بالدين ويثيرون القلاقل في البلاد العربية تحت شعار تطبيق الشريعة الإسلامية، بدل أن يدعموا الأمة ضد العدو الصهيوني ، وكم من أناس فتنهم المال فصاروا ألعوبة بيد هذا العدو وأدواته ـ ما أعظم أن نلتزم جميعًا الإسلام دين الأنبياء ونقف عند حدود الشريعة المحمدية السمحاء، فتسمو النفوس وتطهر القلوب ـ إن الاعتدال هو العمل بمقتضى شريعة الله تعالى، وأهل الاعتدال هم الفرقة الناجية... وأما أهل التطرف فهم أهل الغلو الذي عواقبه وخيمة ـ إن بناء الأوطان يرتفع بتقوى النفوس وطهارة الفلوس والغاية النبيلة. وكم هو حري بالمؤسسات العاملة بحقل الخير والشأن العام أن تتضافر جهودها وتتكاتف وتتعاون على البر والتقوى ـ لا مانع عندنا من التعاون مع كل مخلص في كل عمل بنـّاء تعود منفعته على الوطن والمواطنين وإننا نرى أن هذا التفاعل الإيجابي ركن مهم في مسيرة الوطن نحو الأمن والأمان والبناء والازدهار ـ كونوا مع الشرع في ءادابكم كلها ظاهرًا وباطنـًا، فإن من كان مع الشرع ظاهرًا وباطنـًا كانت الجنة حظه ونصيبه، ومن كانت الجنة حظه ونصيبه كان من أهل مقعد صدق عند مليك مقتدر ـ عظموا شأن العلم وقفوا عند حدود الاستقامة ، وتحروا الحلال واتركوا الطمع في الدنيا. وإياكم والاشتغال بالقيل والقال فإنه مفسد ومضر.
من ثوابت سماحة الشيخ نزار حلبي رحمه الله
من المبادئ الثابتة التي نادى بها وضحّى من اجلها سماحة الشيخ نزار حلبي رحمه الله بل وكانت سببا في اغتياله:
- تعليم العقيدة الاسلامية السليمة والدعوة الى التوحيد - نشر المفاهيم الاسلامية الصحيحة - العودة الى ما كان عليه الرسول والصحابة من التعاليم الدينية الصحيحة - محاربة الغلو والتطرف والتحذير من الارهاب والعنف باسم الدين - ضرورة اعداد البرامج التربوية والثقافية والتوجيهية للحد من خط التطرف - مجابهة الفساد والظلم - الدعوة الى الوطنية وحب الوطن - قوة الجيش ضمانة للوطن - الحفاظ على هوية لبنان العربية - مواجهة الخط الصهيوني ومخططاته المشبوهة لزعزة الصف العربي والاسلامي - التزام الامانة الشرعية في تحمل المسؤوليات - نصرة المظلوم وقضاء حوائج الناس - ضرورة بناء المؤسسات التي بها تبنى الاوطان - اهمية تربية البشر قبل بناء الحجر - العمل على اصلاح الفرد في سبيل اصلاح المجتمع - التحذير من الحركات الهدامة التي تتستر بالدين وتشوه صورته - الحفاظ على معالم المسلمين واوقافهم وحمايتها,وقد بقي حتى الرمق الاخير ينادي باسترجاع مقبرة السنطية الى الوقف الاسلامي - لبنان بلد متعدد الطوائف فلا بد من صيغة عيش حسنة - التزام الخط المعتدل في القول والممارسات - الدعوة الى تحصين المجتمع ضد الصهاينة واعوانهم الذين يعتمدون الى تعطيل الوفاق الوطني - الوقوف عند مراتب الامور - الاخلاص لله سبب في نجاح العمل - دعم مسيرة الامن والاستقرار في لبنان والدول العربية من خلال مواصلة التحذير من الحركات المتطرفة المتسترة بالدين.
بعض من اقوله ومواقفه التي كانت سببا في اغتياله
" كم من أناس انحرفوا عن جادة الاسلام يتسترون بالدين ويثيرون القلاقل في البلاد العربية تحت شعار تطبيق الشريعة الاسلامية,بدل ان يدعموا الامة ضد العدو الصهيوني,وكم من اناس فتنهم المال فصاروا العوبة بيد هذا العدو وادواته "
" ان الاعتدال هو العمل بمقتضى شريعة الله تعالى واهل الاعتدال هم الفرقة الناجية,واما اهل التطرف فهم اهل الغلو الذي عواقبه وخيمة"
" عظموا شأن العلم وقفوا عند حدود الاستقامة,وتحروا الحلال واتركوا الطمع في الدنيا واياكم والاشتغال بالقيل والقال فانه مفسد ومضر" " من يريد للمسلمين ان يتحولوا الى وثنيين لن نسكت لهم من يريد للمسلمين ان يتحولوا الى عقيدة ابن تيمية ومحمد ابن عبدالوهاب وابن باز عقيدة اليهود احبابهم لن نسكت لهم ولو على جثثنا والله العظيم فإن السلف الصالح ومنهم مصباح التوحيد الامام علي رضي الله عنه قال:"من زعم ان إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود"
القسم : سيرة الشيخ الشهيد - الزيارات : 10752 - التاريخ : 19/8/2011 - الكاتب :