بيان أنَّ الجنوب قِبلة أهل الشَّمال
مُقدِّمة في اتِّجاه القِبلة في أميركا الشَّماليَّة
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله وبعدُ فإنَّ المُسلمين في أميركا الشَّماليَّة كانوا يتَّجهون إلى جهة الجنوب الشَّرقيِّ في صلواتهم وهُو الاتجاه الصَّحيح المُوافق للقواعد الشَّرعيَّة؛ وكانت كُلُّ المُصليَّات والمساجد في كندا والولايات المُتَّحدة مِن غير استثناء تتوجَّه محاريبها إلى الجنوب الشَّرقيِّ بناء على فتاوى عُلماء بلاد الإسلام. ويشهد على ما ذكرناه آنفًا مقابر المُسلمين القديمة؛ كمقبرة (سكرامنتو) كليفورنيا القديمة الَّتي يرجع دفن مَوْتى المُسلمين فيها إلى ما قبل عام 1937ر ومقبرة (تورو) في مُقاطعة نوفاسكوتيَا الكنديَّة الَّتي يرجع دفنهم فيها إلى ما قبل خمسين سنة؛ كُلُّها كانت إلى جهة القِبلة الصَّحيحة.
واستمرَّ الوضع على ذلك حتَّى قام بعض المُعاصرين مُنذ نحو خمسين عامًا وبالتَّحديد بَين سنتَي 1973ر و1974ر بنشر كتاب يذكُر فيه أنَّ جهة القِبلة هي الشَّمال الشَّرقيُّ في كُلٍّ مِن الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة وكندَا؛ وحمل النَّاس على هذا القَوْل الباطل فأفسد عليهم والعياذ بالله. وقد تمسَّك المُتصولحة الجَهَلَة بهذا القول الباطل حتَّى غلا أحدهم غُلُوًّا حين عَلِمَ أخيرًا أنَّ الشَّمس تُشرق مِن الشَّرق الشَّماليِّ يوم تعامُد الشَّمس فوق الكعبة: "إنَّه قد ثبت عندَه (بالعَين المُجرَّدة) أنَّها اتِّجاه الكعبة"! وقوله مِن أجهل الجهل فإنَّه لم يرَ الكعبة المُشرَّفة ليدَّعي ذلك، ولكنَّه الغُلُوُّ. ونحن في هذه السِّلسلة مِن المقالات المُباركة بإذن الله؛ نردُّ ما افترَاه الجَهَلَة أهل الفتنة في دين الله؛ بالدَّليل والحُجَّة والبُرهان لأنَّ عُلماء المُسلمين مُجمعون على أنَّ قِبلة أهل الشَّمال إلى الجنوب ولهذا فإنَّ القول الصَّحيح هُو أنَّ قِبلة المُسلمين في أميركا الشَّماليَّة هي إلى الجنوب الشَّرقيِّ. انتهى.
فتاوى شَيخ الأزهر وجامعة الأزهر ومجمع البُحوث الإسلاميَّة
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
الفتوى الأُولى: قال شيخ الأزهر في 1414هـ عن اتِّجاه القِبلة في أميركا الشَّماليَّة: <الاتِّجاه الصَّحيح للقِبلة في هذا الموضوع هُو اتِّجاه الجنوب الشَّرقيِّ فإنَّه الامتداد الصَّحيح لخطِّ القِبلة مِن الموقع الَّذي فيه المسجد؛ فأمَّا قصر خطِّ الشَّمال الشَّرقيِّ فذلك يُستخدم في السَّير إليها لا في اتِّخاذه قِبلة> إلخ..
الفتوى الثَّانية: وأصدرت جامعة الأزهر بيانًا جاء فيه: <وعلى ذلك يكون اتِّجاه القِبلة في مدينة مُونتريال هُو بزاوية قدرُها 180 يُطرح منها 58 أي 122 مِن اتِّجاه الشَّمال وهُو الجنوب الشَّرقيُّ. وتفضَّلوا بقَبول وافر التَّحيَّة والسَّلام عليكُم> إلخ.. بتوقيع رئيس جامعة الأزهر أ. د. عبدالفتَّاح حُسيني الشَّيخ.
الفتوى الثَّالثة: وفي فتوى مجمع البُحوث الإسلاميَّة - لجنة الفتوى مُؤرَّخة بـ2/7/2015ر جاء التَّالي: <وجهة الكعبة المُعتبَرة هي أقرب طريق مُوصل مِن مكانِ وُقوف المُصلِّي إلى البيت الحرام على اعتبار عدم الموانع الجُغرافيَّة والطَّبيعيَّة وهُو في مسألتنا هذه هُو اتِّجاه الجنوب الشَّرقيِّ> إلخ. وهذه الفتوى غير مُتناقضة كما توهَّم البعض ولو انتبه المُتسرِّع إلى الحُروف التَّالية: <على اعتبار عدم الموانع الجُغرافيَّة والطَّبيعيَّة> لكفانَا مُؤنة البيان لأنَّ عدم اعتبار الموانع الجُغرافيَّة والطَّبيعيَّة مُؤدَّاه اعتبار الجنوب الشَّرقيِّ هُو الاتِّجاه الصَّحيح ولو كُنَّا لا نطير ولا نسير في بطن الأرض.
ملاحظة 1: اعترض أحد الإخوة -حفظه الله- أمسِ على إنكاري على مَن قال: "إنَّه ثبت عندَه القِبلة بالعَيْن المُجرَّدة" فقال: "هُو قال اتِّجاه الكعبة وليس الكعبة" انتهى. وفات أخانَا أنَّ معرفة الاتِّجاه بهذه الطَّريقة -على فرض صحَّتها- اجتهاديَّة ولا يُعبَّر عن الاجتهاد -وهُو فِكر- أنَّه بالعَيْن المُجرَّدة.
ملاحظة 2: ذكرنا في المقال السَّابق مقابر المُسلمين القديمة في أميركا الشَّماليَّة شهادةً على قولنا: <المُسلمون كانوا يعتبرون القِبلة إلى الجنوب الشَّرقيِّ في أميركا قبل أنْ يتحوَّل بعضهم عنها نتيحة فتاوى فاسدة>، ولم أقُل إنَّها دليل على جهة القِبلة فاقتضى التَّوضيح لأنَّ بعض الإخوة توهَّم خلاف المُراد.
مُلاحظة 3: وسأل الأخُ الكريم عن القِبلة في ألاسكَا -ولاية أميركيَّة في أقصى شمال غرب كندَا-؛ ورُبَّما ساءه أنِّي طلبتُ عدم الانتقال عن مادَّة المقال درءًا للتَّشويش على القُرَّاء.. ولكن؛ وخروجًا عن مادَّة المقال سأُجيبه باختصار عن شيء رُبَّما يُساعده في تدبُّر جواب ما سأل عنه بنفسه. لكي تعرف اتِّجاه القِبلة في بلد؛ ينبغي معرفة هل هذا البلد إلى الشَّمال مِن مكَّة أم إلى الجنوب؟ وألاسكا إلى الشَّمال مِن مكَّة وعليه فلا شكَّ أنَّ القِبلة فيها إلى الجنوب؛ وفيما يأتي مِن المقالات بيان القاعدة التي تُعرف بها البلاد مِن مكَّة هل إلى الشَّمال أم الجنوب وإلى الشَّرق أم الغرب. وأنا أدري أنَّك -يا أخانا الكريم- تُتابع هذه المسألة مُنذ سنوات كثيرة وأنا أرجو أنَّ أفكارك ستزداد ترتيبًا فيما لو تابعتَ سلسلة المقالات هذه إنْ شاء الله تعالى لأنَّه لن يكون في وُسعك إلَّا التَّوقُّف عند القواعد الشَّرعيَّة الَّتي حدَّدت طُرُق الاجتهاد في تحديد القِبلة.. والله مِن وراء القصد.
لا يصحُّ الاجتهاد إلَّا بأدلَّة القِبلة وأقواها القُطب
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله. وبعد قال تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} وفسَّر الشَّافعيُّ العلامات بالجبال المعروفة والشَّمس والقمر والنُّجوم؛ وفي الحديث: <إنَّ خِيارَ عباد الله الَّذين يُراعون الشَّمسَ والقمرَ والنُّجومَ والأظلَّةَ لذكرِ الله> رواه الطَّبرانيُّ. والمُراد بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: <لذكر الله> أي للصَّلاة. ولهذا فقد أجمع الصَّحابة رضوان الله عليهم كما هُو معروف عند وضعهم للمحاريب على النَّظر في جهة البلد بالنِّسبة لمكَّة المُكرَّمة. فإنْ كان البلد شمال مكَّة وجَّهوا المحراب جنوبًا، وإنْ كان جنوبَها وجَّهوا المحراب شمالًا، وإنْ كان شرقها وجَّهوا المحراب إلى الغرب منها وبالعكس. وهذه هي أدلَّة القِبلة في الشَّرع فلا يجوز الاجتهاد بغيرها ولهذا قال النَّوويُّ في [المجموع]: <ولا يصحُّ الاجتهاد إلَّا بأدلَّة القِبلة وهي كثيرة وفيها كُتُب مُصنَّفة وأضعفها الرِّياح لاختلافها وأقواها القُطب وهُو نجم صغير في بنات نعش الصُّغرى بين الفرقدَين والجَدي> ومثله قال الحصنيُّ. وفي [حاشية] ابن عابدين الحنفيِّ تعليقًا على قول المتن: "فُتبصَرُ وتُعرَف بالدَّليل، وهُو في القُرى والأمصار محاريب الصَّحابة والتَّابعين وفي المفاوز والبحار النُّجوم كالقُطب" ما نصُّه: <قوله: "كالقُطب" هُو أقوى الأدلَّة> انتهى وفي [الحاشية]: <ولا يخفى أنَّ أقوى الأدلَّة النُّجوم> انتهى.
فإذَا ثبتَ هذا؛ وثبتَ به أنَّ أميركا الشَّماليَّة إلى الشَّمال مِن مكَّة المُكرَّمة بدلالة أقوى الأدلَّة وهُو النَّجم القُطبيُّ فلا بُدَّ أنْ تكون القِبلة فيها إلى الجنوب، خلافًا لمَن جعلها إلى الشَّمال باعتبار أقصر الطُّرُق إذ لم يرد ذلك في القُرآن الكريم ولا في الحديث الشَّريف ولا فيما أجمع عليه الصَّحابة. فمَن قال بخلاف ما تقدَّم بيانه يكون قد أبطل دلالة النَّجم القُطبيِّ وأخذ بما لا يقوم به الدَّليل الشَّرعيُّ في الاجتهاد في معرفة اتِّجاه القِبلة لأنَّه ومع تَيَقُّنِهِ بأنَّه إلى الشَّمال مِن مكَّة المُكرَّمة فإنَّه لم يتَّجه جنوبًا وقد علم أنَّ إجماع المُسلمين على أنَّ الجنوب قِبلة أهل الشَّمال. لا يجوز جعل الآلات حاكمة على دليل الشَّرع الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله. وبعد فقد جاء في كتاب [المعيار المُعرب والجامع المُغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمَغرب] لأبي العبَّاس الونشريسيِّ: <وأمَّا الاستدلال بالآلات فلم يرد عن السَّلف الصَّالح رضي الله عنهُم فلا يلزم الرُّجوع إليها ولا يجوز أنْ تُجعل حاكمة على الأدلَّة الشَّرعيَّة.. إلخ> انتهى. وفيه: <وقوله: (لمَّا أراد الحَكَم بن عبدالرَّحمن تحويل قِبلة المسجد.. إلخ) هُو حُجَّة عليه لأنَّ اتِّفاق أهل الحساب لا عبرة بهم لعدم وُرود الشَّريعة المُحمَّديَّة بطريقتهم في استخراج القِبلة> انتهى وهو كاف في بيان أنَّ الفُقهاء لا يُوافقون على أنْ تُجعَل الآلات حاكمة على الدَّليل الشَّرعيِّ. فإذَا تبيَّن لك هذا علمتَ أنَّ دليل الشَّرع مُقدَّم على ما سواه؛ فإذَا دلَّ دليل الشَّرع على ما يختلف عن كلام أهل الحساب يُقدَّم ما دلَّ عليه الشَّرع؛
وقد دلَّ الشَّرع أنَّ الجنوب هُو قِبلة أهل الشَّمال فلا يصحُّ الانتقال إلى غيره وإلَّا كان ذلك مُخالفًا للقُرآن والحديث وما أجمع الصَّحابة عليه. العبرة بصحَّة الاتِّجاه لا بأقرب الطُّرق وبعدُ قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: <المشرق قِبلة أهل المغرب، والمغرب قِبلة أهل المشرق، والشَّمال قبلة أهل الجنوب، والجنوب قِبلة أهل الشَّمال> انتهى. ونقله الزَّيلعيُّ في [تبيين الحقائق] وذكر مثله في [الفتاوى الخيريَّة]؛ فتبيَّن فساد قول مَن قال إنَّ قِبلة أهل الشَّمال إلى الشَّمال. وهذا القول لأبي حنيفة رضي الله عنه كافٍ في بيان أنَّ العبرة بصحَّة الاتِّجاه إلى الكعبة المُشرَّفة لا بأقصر الطُّرُق إليها؛ فإنَّه إمامٌ عظيم بلغ رُتبة الاجتهاد المُطلق مع الورع والتَّقوى الشَّهيرَين ولا يُدانيه هؤلاء المُتحذلقون المُخالفون له المُتَفَيهِقُون في عُشر مِعشار علمه وورعه.
ونقل ابنُ نُجَيم مِن الحنفيَّة الإجماع على أنَّ <الواجب في حقِّ الغائب هُو الجهة> انتهى. وقال أبو حيَّان في [البحر المُحيط]: <القِبلة الجهة الَّتي يستقبلها الإنسان> انتهى. وقال أبو إسحق الشِّيرازيُّ الشَّافعيُّ في [المُهذَّب]: <فإنْ كان غائبًا عن مكَّة اجتهد في طلب القِبلة> إلخ. وقال ابنُ قُدامةَ في [المُغني]: <وأوثق أدلَّتها النُّجوم> وقال: <وآكَدُها القُطب الشَّماليُّ> انتهى. ومثلُه ذكرَ البُهوتيُّ الحنبليُّ في [كشَّاف القناع]. وقال ابن ميارة المالكيُّ عمَّن ليس في مكَّة أو المدينة: <عليه أنْ يستدلَّ على القِبلة بالنُّجوم وما يجري بمجراها> وقال: <ولا خلاف في ذلك> أي هُو إجماع. فإذَا علمتَ أنَّ أئمَّة المُسلمين مِن المذاهب الأربعة صرَّحوا بأنَّ المطلوب الجهة إلى الكعبة وبسطوا الكلام في أدلَّة القِبلة ولم يذكروا فيها قِصَرَ الطَّريق إلى مكَّة؛ تبيَّن لك أنَّهم لا يعتبرون قِصَرَ الطَّريق في تحديد القِبلة؛ فمَن خالف فقد خالف إجماع المُسلمين وشذَّ عن طريقتهم. وأنتَ ترى بأنَّه لم يُذكَر في أيِّ نصٍّ أنَّه يُعتمد لذلك أقصرُ طريق كما يَلهَج به المُتحَذلقون أو عبارة حساب الرِّياضة أو المُثلَّثات الكُرويَّة، بل أجمعوا في محاريب المساجد على النَّظر في جهة البلد مِن مكَّة بالاستعانة بالنَّجم وما شابه. وعلى ذلك جاءت نُصوص الفُقهاء وعباراتهم قديمًا وحديثًا.
الاجتهاد لا يعني بذل الجهد كيف كان
وبعدُ فإنَّ الاجتهاد لا يعني بذل الجُهد كيف كان بل يُشترط فيه أنْ يقوم على الأدلَّة الشَّرعيَّة المنصوبة على معرفة اتِّجاه القِبلة؛ فمَن اجتهد بغيرها فليس بمُجتهد؛ ومَن اعتمد على قول أهل الحساب ممَّا يُخالف الدَّليل الشَّرعيَّ فقد خرج عن طريقة أهل الشَّرع إلى ما يُخالفها والعياذ بالله. وقد بيَّن بعض العُلماء أنَّ أدلَّة القِبلة لا تتعارض كما قد تتعارض أدلَّة غيرها مِن الأحكام لأنَّها أُمور محسوسة فالمُصيب فيها واحد ليس إلَّا؛ ولذلك قالوا مَن عَلِمَ جُملتها كمَن عَلِمَ واحدًا مِن أدلَّتها؛ ولهذا فإنَّه لا يختلف عالمانِ في أدلَّة القِبلة فإذَا رأيتَ اختلافًا فاعرف جهل أحدهما. قال شهاب الدِّين القرافيُّ رحمه الله في [الذَّخيرة] في باب الاجتهاد في القِبلة: <لَيْسَ الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْجُهْدِ كَيْفَ كَانَ بَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى الْكَعْبَةِ فَمَنِ اجْتَهَدَ فِي غَيْرِهَا فَلَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ كَمَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِغَيْرِ أَدِلَّتِهَا الْمَنْصُوبَةِ عَلَيْهَا لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ> انتهى. وقال: <تَنْبِيهٌ إِذَا قُلْنَا إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُمكن القَوْل بِهِ هَهُنَا لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا -وَفِيهَا الْعَامُّ وَالْمُخَصَّصُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ فَقَدْ يَطَّلِعُ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الْعَامِّ دُونَ الْمُخَصَّصِ وَيَطَّلِعُ الْآخَرُ عَلَى الْمُخَصَّصِ فَيَخْتَلِفَانِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَقْسَامِ- وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا فَمَنْ عَلِمَ جُمْلَتَهَا كَمَنْ عَلِمَ وَاحِدًا مِنْهَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهَا إِلَّا بَيْنَ جَاهِلٍ وَعَالِمٍ وَلَا يَقَعُ بَيْنَ عَالِمَيْنِ أَبَدًا لِأَنَّهَا أُمُورٌ مَحْسُوسَةٌ فَالْمُصِيبُ فِيهَا وَاحِدٌ لَيْسَ إِلَّا> انتهى. فإذَا علمتَ أنَّ الإجماع مُنعقد على أنَّ قِبلة أهل الشَّمال إلى الجنوب؛ ولكنَّك خرجتَ بعمل أهل الحساب عن الاتِّجاه إليها جنوبًا؛ فخالفتَ واتَّجهتَ شمالًا؛ فأنتَ لست بمُجتهد وعملك باطل فاسد قدَّمتَ فيه عمل أهل الحساب على دليل الشَّرع وهُو ما أبطله الفُقهاء والعُلماء كما ترى.
لا يجب اتِّباع الإسطرلاب ولا الطُّرُق الهندسيَّة
وبعدُ فقد نصَّ الفُقهاء أنَّه لا يجب اتِّباع الإسطرلاب ولا الطُّرُق الهندسيَّة في معرفة القِبلة؛ ولكن تُستعمل في تأكيد ما دلَّت عليه الأدلَّة الشَّرعيَّة؛ قال القرافيُّ في المرجع السَّابق: <وَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُ الإِسْطِرْلَابِ وَلَا الطُّرُقِ الهندسيَّة بل إِنْ حصلت فَهِيَ حسن لِأَنَّهَا مُؤَكِّدَة للحقِّ لَا مُبطلة لَهُ> انتهى. وقال: <يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام: (مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ قِبْلَةٌ) خَاصًّا بِبَعْضِ الأَقْطَارِ فَإِنَّ اتِّبَاعَ ظَاهِرِهِ يُوجِبُ كَوْنَ الجَنُوبِ وَالشَّمَالِ قِبْلَةً لِكُلِّ أحد وَهُوَ خلاف الإِجْمَاع وَبِأَن المَشْرِقَ وَالمَغْرِبَ لَيْسَا قِبْلَةً لِأَحَدٍ وَهُوَ خِلَافُ الإِجْمَاعِ> انتهى ويُستفاد منه ردُّ ما خالف الإجماع. فانتبه كيف ردَّ القرافيُّ ما أَوهم خلاف الإجماع القائل بأنَّ المشرق قِبلة أهل المغرب؛ والمغرب قِبلة أهل المشرق؛ والشَّمال قبلة أهل الجنوب؛ والجنوب قِبلة أهل الشَّمال؛ كما قال أبو حنيفة رضي الله عنه وهذا كافٍ في الرَّدِّ على مَن أنكر الإجماع بدعوى العمل بالحساب والآلة. وقال القرافيُّ: <بَلْ هُوَ [أي الحديث المذكور آنفًا] مَحْمُولٌ عَلَى المَدِينَةِ وَالشَّامِ وَنَحْوِهِمَا فِي جِهَةِ الجَنُوبِ وَعَلَى اليَمَنِ وَنَحْوِهِ فِي جِهَة الشمَال فَإِنَّ هَذِه الأقطار البَيْتُ مِنْهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ> انتهى،
فلا تُبالِ بمَن أنكر الإجماع لتقديمه -العمل بالحساب ولو خالف دليل الشَّرع-. وقد نصَّ الفُقهاء على أنَّ النُّجوم أقوى الأدلَّة وأنَّ أكثرَها تأكيدًا النَّجم القُطبيُّ؛ وهُو فوق كندَا والولايات المُتَّحدة أعلى ممَّا هُو فوق مكَّة؛ فتبيَّن بمَا لا يدعُ مجالًا للشَّكِّ أنَّهُما إلى الشَّمال مِن مكَّة المُكرَّمة، فلا يصحُّ العمل بالهندسة هُنا لأنَّها خالفت -دلالة النَّجم القُطبيِّ وهُو دليل شرعيٌّ-. فالعمل بطريقة الهندسة -وإنْ أفاد معرفة الجهات- لا اعتبار له شرعًا إنْ خالفت نتيجته نتيجة العمل بطريقة الشَّرع لأنَّ طريقة الشَّرع منصوبة على أدلَّة وجَّه إليها القُرآن والحديث والإجماع؛ أمَّا مَن قدَّم الآلة على دلالة النَّجم القُطبيِّ فقد خالف كُلَّ ذلك ولم يكن معه منه شيء.. فتأمَّل!
ملاحظة 1: تسرَّع المدعو سامر الغم حيث اتَّهمنا بالتَّدليس واقتطاع كلام القرافيِّ بحيث يتغيَّر معناه؛ وهُو بُهتان لا يخلو الرَّجُل منه ليل نهار والعياذ بالله تعالى؛ وقول القرافيِّ المذكور -أعلاه- بيان كاف إلى جُرأة ثرثار أهل الفتنة على الكذب والافتراء على أهل السُّنَّة والجماعة.. فاحذروه.
ملاحظة 2: نشر رأس الفتنة تخطئةً لفتوى شيخ الأزهر مُعتمدًا على كاتب مجهول في صفحة إلكترونيَّة مع أنَّنا نشرنَا صُورة فتوى شيخ الأزهر وبيانًا صادرًا عن مجمع البُحوث الإسلاميَّة وبيانًا صادرًا عن جامعة الأزهر الشَّريف فكم مِن المُؤسَّسات سيعمَد أهل الفتنة إلى تكذيبها وتخطئتها بعدُ!؟
كُلُّ بلد عرضه أكثر مِن مكَّة هُو إلى الشَّمال منها
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله. وبعدُ فاعلم أنَّ أهل الهيئة لا يُنكرون أنَّ البلد -إنْ كان عرضه أكثر مِن عرض مكَّة- فإنَّ مكَّة تقع إلى الجنوب منه وإنَّه إلى الشَّمال منها؛ وهذا منهُم إقرار بأنَّ كندَا والولايات المُتَّحدة إلى الشَّمال مِن مكَّة لأنَّ كُلَّ مدينة في كندَا والولايات المُتَّحدة عرضها أكثر مِن عرض مكَّة. فعرض مكَّة بالنِّسبة إلى المُدُن في أميركا الشَّماليَّة دلالة أُخرى تُضاف إلى دلالة النَّجم القُطبيِّ على كون تلك البلاد إلى الشَّمال مِن مكَّة؛ وهذا مبلغ عَمَل أهل الحساب، فإذَا شرعتَ في العبادة فلا يسعك الخُروج عن الإجماع القائل بأنَّ كُلَّ بلد يقع إلى الشَّمال مِن مكَّة فإنَّ قبلته إلى الجنوب. قال العُلماء: المُعتمَد أنَّ البلد إنْ كان طوله أكثر مِن مكَّة فهُو إلى الشَّرق منها وقِبلتُه الغرب؛ وإنْ كان طوله أقلَّ منها فهُو إلى الغرب وقِبلتُه الشَّرق؛ وإنْ كان عرضه أكثر مِن عرض مكَّة فهُو إلى الشَّمال منها وقِبلتُه الجنوب؛ وإنْ كان عرضُه أقلَّ منها فهُو إلى الجنوب وقِبلتُه الشَّمال. وقد سبق بيان الفُقهاء بأنَّ الإسطرلاب وآلات الهندسة لا يجب العَمَل بها؛ فمَن نظر في البلد الَّذي هُو فيه وتبيَّن له أنَّه إلى الشَّمال مِن مكَّة فاتَّجه في قِبلته جنوبًا فقد وافق عملُه ما أجمع عليه الصَّحابة رضوان الله عليهم في عملهم المحاريب وفي معرفتهم اتِّجاه القِبلة الصَّحيح.
ملاحظة 1: إنَّ حزب الإخوان والوهَّابيَّة هُم أوَّل مَن عَمَد إلى تحريف القِبلة في أميركا الشَّماليَّة على عادتهم في الأخذ بكُلِّ قول شاذٍّ بعد أنْ كان المُسلمون في صلاتهم يقصدون الاتِّجاه الصَّحيح؛ فلا تلتفت إلى مَن أنكر ذلك بدعوى أنَّ إسقاط بعض أقوال الفلكيِّين على تلك البلاد يُوافق ذلك. أهل الفتنة وقطعة البطاطا: إصرار بعض أهل الفتنة ي.م على استعمال نموذج غير تامِّ التَّكوُّر لقطعة (البطاطا) يكشف عن بلادة أذهانهم؛ ولا أدري ماذَا يفعل أولئك لو تغيَّر شكل قطعة (البطاطا) في البرامج الَّتي بين أيديهم إلى شكل تامِّ التَّكوُّر.. فهل سينادون وقتها بأنَّ الأرض تشبه قطعة (البطاطا)! حول افتراء أهل الفتنة علينا بالتَّدليس الصَّواب تقديم عمل الصَّحابة على عمل الآلة وبعدُ فقد افترى علينا أهل الفتنة بالتَّدليس وورَّط بعضهم بعضًا في الوُقوع بهذه الفرية وهذا شأن مَن همُّه الانتصار للنَّفس لا الانتصار للشَّرع فزعم أحدهم أنَّنا اقتطعنا مِن كلام القرافيِّ ما يُغيِّر معنى كلامه وهيهاتَ بل هي خيانة منهُم للمُسلمين بقصد الخديعة والعياذ بالله. فقد أثبتنا كامل كلام القرافيِّ كما في المقال السَّابع ونصُّه التَّالي: (((قال القرافيُّ في المرجع السَّابق: <وَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُ الإِسْطِرْلَابِ وَلَا الطُّرُقِ الهندسيَّة بل إِنْ حصلت فَهِيَ حسن لِأَنَّهَا مُؤَكِّدَة للحقِّ لَا مُبطلة لَهُ> انتهى))) وتجد أخي القارئ صُورة ذلك في المُداخلة الأُولى في هذا الموضوع. وهكذا يتبيَّن لك أخي القارئ الخائن مِن غيره؛ وقد نسأل مَن هُو الخائن المُدلِّس: أهُو الَّذي يضع مِن النُّقول ما يُؤكِّد به على تقديم أدلَّة الشَّرع أم مَن وضع غيرها دون أنْ يُبيِّن للنَّاس أنَّ كلام أهل الهيئة بل واتِّفاقهم على الحُكم لا عبرة به ما لم يتَّفق مع الأدلَّة الشَّرعيَّة!؟ وقال بعضهم -استكمالًا للافتراء- إنَّنا لا نُفرِّق بَين (لا يجبُ أنْ) وبين (يجبُ أنْ لا)؛ وهذا ذرٌّ للرَّماد في العُيون يُريد به إيهام النَّاس أنَّنا نمنع استعمال الإسطرلاب مُطلقًا وهذا بُهتان؛ والحقُّ أنَّنا لا نمنع استعماله ولكن لو حكم بغير ما حكم به دليل الشَّرع فإنَّنا نُقدِّم عليه دليل الشَّرع. ولو كان أهل الفتنة يُسلِّمون بأنَّ العبرة في الشَّرع لا تكون بقول كُلِّ قائل لَمَا خاضوا فيما خالفوا فيه؛ ولأقرُّوا أنَّ الصَّواب تقديم عمل الصَّحابة على عمل الآلة؛ فمَا كانت الآلة فيه مُؤِّكدة للحقِّ لا مُبطلة له أخذنا به وإلَّا حَكَمْنَا بصحَّة ما أجمع الصَّحابة عليه وأبطلنا ما ناقضه. الشَّرع غير مبنيٍّ على العمل بالآلة والحساب وبعدُ فاعلم أخي القارئ أنَّ الشَّرع -في معرفة اتِّجاه القِبلة- غير مبنيٍّ على العمل بالآلات وحساب المُثلَّثات الكُرويَّة، فلا تلتفت إلى مَن تمسَّك بالعمل بهما إلَّا لو كانَا مُؤكِّدَيْن لدليل الشَّرع غيرَ مُبطلَيْن له، فإنَّه لم يقُل أحد مِن العُلماء المُعتبَرين بتقديم عمل الآلة والحساب على دليل الشَّرع. قال الغزاليُّ في [الإحياء]: <فأمَّا مُقابلة العَيْن فإنَّها تُعرف بمعرفة مقدار عرض مكَّة عن خطِّ الاستواء ومقدار درجات طُولها وهُو بُعدُها عن أوَّل عمارة في المشرق ثُمَّ يُعرف ذلك أيضًا في موقف المُصلِّي ثُمَّ يُقابل أحدُهما بالآخَر ويُحتاج فيه إلى آلات وأسباب طويلة والشَّرع غير مبنيٍّ عليها قطعًا> انتهى. ولاحظ قوله: <والشَّرع غير مبنيٍّ عليها قطعًا> لتعلم أنَّه لو ساقك الحساب إلى توهُّم القِبلة إلى الشَّمال؛ ودلَّك النَّجم القُطبيُّ أنَّ اتِّجاه القِبلة إلى الجنوب؛ لصار عليك تقديم ما دلَّك عليه النَّجم القُطبيُّ لأنَّه دليل شرعيٌّ مُعتبَر بُنِيَ وقام عليه أمر الشَّرع في الاتِّجاه إلى القِبلة ولم يقُم على الحساب. وقال في [الإحياء]: <وأمَّا القياس فهُو أنَّ الحاجة تَمَسُّ إلى الاستقبال وبناء المساجد في جميع أقطار الأرض ولا يُمكن مُقابلة العَين إلَّا بعلوم هندسيَّة لم يرد الشَّرع بالنَّظر فيها بل رُبَّما يزجُر عن التَّعمُّق في علمها فكيف ينبني أمر الشَّرع عليها! فيجب الاكتفاء بالجهة للضَّرورة> انتهى. فهل يرى أهلُ الفتنة أنَّ الإمام الغزاليَّ كان مخطئًا في هذا!؟ وما ردُّهم على الكلام المنسوب له في كتابه المُسمَّى بـ[إحياء عُلوم الدِّين] وهُو يُؤكِّد أنَّ الشَّرع لم يرد بالنَّظر في الهندسة لمعرفة اتِّجاه القِبلة ويقول ما يُفيد النَّهي عن التعمُّق فيها في هذا المقام ويُؤكِّد أنَّ أمر الشَّرع لا ينبني عليها. واعلم أنَّ العُلماء قرَّروا أنَّ النَّجم القُطبيَّ أقوى الأدلَّة وآكثرُها تأكيدًا فيصحُّ البناء عليه ولا يصحُّ البناء على اعتبار أقصر الطُّرق في حساب المُثلَّثات الكُرويَّة؛ فلا تنخدع بعاميٍّ جاهل ينقل عن كُتُب الفُقهاء بحسب فهمه فإنَّهم لم يقولوا بتقديم العمل بالحساب على العمل بأدلَّة القِبلة. النَّجم القُطبيُّ أقوى الأدلَّة في معرفة القِبلة يُستدلُّ به في جميع الأماكن لمُلازمته مكانه وبعدُ فاعلم أنَّ النَّجم القُطبيَّ هُو أقوى الأدلَّة في معرفة اتِّجاه القِبلة ولذلك فإنَّ كثيرًا مِن العُلماء يقولون في تعريفه إنَّه: <نَجمٌ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الجَديُ قَرِيبٌ مِنَ القُطبِ تُعرَفُ بِهِ القِبلَةُ> فدائمًا يقرنون تعريفه بأنَّه تُعرَف به القِبلة لشُهرته ولكَوْنه أقوى الأدلَّة في معرفة اتِّجاه القِبلة. وفي [حاشيتَي قليوبي وعميرة]: <وَمِنْهَا الْكَوْكَبُ الْمُسَمَّى بِالْجَدْيِ بِالتَّصْغِيرِ وَبِالْقُطْبِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَبِالْوَتَدِ وَبِفَاسِ الرَّحَى، وَهُوَ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ وَأَعَمُّهَا لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ لِمُلَازَمَتِهِ مَكَانَهُ، فَيُجْعَلُ فِي الْيَمَنِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ، وَفِي نَحْوِ الشَّامِ خَلْفَ الظَّهْرِ، وَفِي نَحْوِ الْعِرَاقِ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُمْنَى، وَفِي نَحْوِ مِصْرَ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُسْرَى، وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ نَظْمًا: (مَن وَاجَهَ القُطبَ بِأَرضِ اليَمَنِ * وَعَكسُهُ الشَّامُ بِخَلفِ الأُذُنِ) (عِرَاقٌ اليُمنَى ويُسرَى مِصْرِ * قَد صُحِّحَ استِقبَالُهُ فِي العُمْرِ)> انتهى. فإذَا علمتَ أخي القارئ أنَّ الفُقهاء لم يقبلوا بمَا خالف أدلَّة القِبلة في الشَّرع وأنَّهم صرَّحوا أنَّه لا عبرة بها وأنَّه لا يُعتمد عليها؛ علمتَ أنَّه في كُلِّ البلاد الَّتي تقع إلى الشَّمال مِن مكَّة لا بُدَّ فيها مِن التَّوجُّه جنوبًا؛ ويُستدلُّ بالنَّجم القُطبيِّ لمعرفة كون البلاد واقعةً إلى الشَّمال مِن مكَّة المُكرَّمة. هذا وأنت ترى ما نقلناه لك مِن أقوال عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة الَّتي تُؤكِّد تقديم أدلَّة الشَّرع على الحساب والهندسة وعمل الآلة بينما عجز المُخالف على الإفادة بنقل واحد عن عالِم مُعتبَر يقول بخلاف ما قدَّمناه؛ وعبثًا يحاول العُثور على قول مُعتبَر بتقديم الهندسة على أدلَّة الشَّرع. نهاية المقال. ملاحظة 1: ينقل بعض المُشوَّشين كلامَنَا مُحرَّفًا فيقول إنَّنا نمنع العمل بالآلة مُطلقًا والصَّواب أنَّنا نمنع اعتماد العمل بها لو خالفت أدلَّةَ القِبلة في الشَّرع فالعُلماء اعتبروا النَّجم القُطبيَّ في معرفة اتِّجاه القِبلة فمَا خالف ذلك أبطلناه ولم نُبطل كون البوصلة تُساعد في معرفة الجهات الأربع!
ملاحظة 2: فرق بين الاستكثار مِن أدلَّة القائلين بالجهة وبين الاستكثار مِن ردِّ ما فيه تقديم الهندسة على أدلَّة الشَّرع؛ وإصابة عين الكعبة للبعيد عن مكَّة المُكرَّمة يكون بالبناء على أدلَّة الشَّرع فيما يُفيد غلبة الظَّنِّ لا بالبناء على ما يُخالف دلالة النَّجم القُطبيِّ الَّذي هُو أقوى الأدلَّة في معرفة القِبلة.
ملاحظة 3: ثُمَّ ما نقلناه مِن الإجماع على أنَّ الجنوب قِبلة أهل الشَّمال لا يكون ردُّه بقول كُلِّ قائل كما يُحاول بعضهم أنْ يُموِّه على النَّاس؛ وليس قول كُلِّ قائل مُعتبَرًا كما يتوهَّم غافلًا وإلَّا كان ردُّه دعوى الإجماع ردًّا على مَن قال ونقل ذلك مِن العُلماء لا علينا وحسب. فلا حَول ولا قُوَّة إلَّا بالله.
ملاحظة 4: ولعلَّنا لو كرَّرنا كلامَنا يكون مُفيدًا له فنقول مرَّة أُخرى إنَّنا نأخذ بهذه الأدوات الحديثة وغيرها مِن الطُّرُق الهندسيَّة ما لم يُخالف منها شيئًا مِن الأدلَّة الشَّرعيَّة الَّتي ذكر الفُقهاء أنَّها المُعتمدة والمُعتبَرة في معرفة القِبلة، أمَّا ما خالف الأدلَّة الشَّرعيَّة مِن عمل الآلات فلا يكون دلالة مُعتبَرة.
ملاحظة 5: ثُمَّ اعجب كُلَّ العَجَب مِن جاهل أقحم أنفه فيما لا فهم له به فزعُم أنَّ البُوصلة إنْ وافقَت رأيَنا اعتمدناها وإنْ أعطت خلاف ذلك قُلنا لا عبرة بها؛ بينما نقول إنَّها تدُلُّ على الجهات الأربع لكن دلالتها على جهة القِبلة لا تُعتبَر إنْ خالفت دليل الشَّرع في ذلك؛ لقد أسمعت لو ناديت حيًّا!؟
ملاحظة 6: وهذا الجاهل لم يفهم كيف أنَّ بعض العُلماء قالوا بوُجوب إصابة عين الكعبة مع عدم إيجابهم العمل بالهندسة ونحوها رُغم تقريرهم أنَّ إصابة ذلك لا يتأتَّى إلَّا مِن خلال الهندسة وأسباب يطول شرحها؛ ولو تأمَّل لفهم أنَّ البناء على دليل الشَّرع مقصوده إفادة غلبة الظَّنِّ.. ولكنَّه الجهل.
ملاحظة 7: وتضاحك الجاهل لأنِّي قيَّدتُ ذكر كتاب [إحياء عُلُوم الدِّين] بقولي <المُسمَّى بـ> مُتوهِّمًا أنَّني أعتقد كفُر مَن لم يُقيِّد بأداة حكاية لاحتوائه على كُفر؛ فهُو جاهل في تضاحكه الغبيِّ وأكثر جهلًا فيما توهَّمه لا سيَّما وأنَّه صاحب وسوسة قديمة طحن فيها الأخضر واليابس!
ملاحظة 8: وليعلم الجاهل أنَّني لا أُثبت على الغزاليِّ ما في كُتُبِه مِن الكُفر، فنحن لسنا ممَّن يُثبتون الكُفر على العُلماء بدون بيِّنة شرعيَّة كما يفعل هُو وأصحابه مِن أهل الفتنة ثُمَّ يُقرِّرون إسلام وإيمان مَن نطق بالكُفر الصَّريح أو كَتَبَه دون أنْ يخشوُا الله سُبحانه وتعالى فيما يقولون ويكتبون.
ملاحظة 9: والجاهل لم يعرف لماذَا حذَّر العُلماء كابن الجوزيِّ وعياض مِن الكُفر الَّذي دُسَّ في كُتُب الغزاليِّ وأنَّ ممَّا فيه ما نقله عن أبي تُراب التَّخشبيِّ ونصُّه: <لو رأيتَ أبا يزيد مرَّة واحدة كان أنفع لك مِن أنْ ترى الله سبعين مرَّة>! أم يُعجبه أنْ ينتشر بين المُسلمين مثل هذا الكُفر والعياذ بالله!؟
ملاحظة 10: ولعله يتفكَّر لماذَا قال عياض: <والشَّيخ أبو حامد ذو الأنباء الشَّنيعة>.. وقال ابن الجوزيِّ: <فصنَّف لهم كتاب [الإحياء] على طريقة القوم، وملأه بالأحاديث الباطلة>.. وقال الطرطوشيُّ: <فسقط على أُمِّ رأسه>.. إلى آخر كلامه ولا أحب نسخه لأنِّي لا أُوافق على ثُبوت ذلك على الغزاليِّ.
ملاحظة 11: أمَّا ثالث الجُهلاء فإنَّه لم يُدرك أنَّنا نستدلُّ في الرَّدِّ عليهم بما يُقدِّسونه فإنَّهم يأخذون بقول كُلِّ قائل أكان مُعتبَرًا أو لا طالمَا أنَّ قوله مخطوط دون معرفة هل ثبت إلى المُصنِّف أم لم يثبُت وهل وقع بالبيِّنة الشَّرعيَّة أم لم يقع بمثل ذلك.. وهذا دأب مَن لم يجعل الشرع حاكما على أقواله.
لا بُدَّ في معرفة القِبلة مِن مُراعاة موضع القُطب
وبعدُ فإذَا تبيَّن المرء موضعه مِن النَّجم القُطبيِّ فلا يسعُه أنْ يُخالف ما وجَّه إليه الفُقهاء في اعتباره والتَّعويل على دلالته في معرفة اتِّجاه القِبلة فإنْ كان في بلد يقع إلى الشَّمال مِن مكَّة فقِبلتُه الجنوب وإنْ كان في بلد يقع إلى الشَّمال الغربيِّ مِن مكَّة فقِبلتُه إلى الجنوب الشَّرقيِّ وهكذا.. قال الإمام الغزاليُّ في [الإحياء]: <فعليه أنْ يُراعي موضع القُطب وهُو الكوكب الَّذي يُقال له الجدي فإنَّه كوكب كالثَّابت لا تظهر حركتُه عن موضعه وذلك إمَّا أنْ يكون على قفَا المُستقبِل أو على منكِبه الأيمن مِن ظهره أو منكِبه الأيسر في البلاد الشَّماليَّة مِن مكَّة> انتهى. وقال رحمه الله: <فينبغي أنْ يسأل أهل البصيرة أو يُراقب هذه الكواكب وهُو مُستقبلٌ محرابَ جامع البلد حتَّى يتَّضح له ذلك فمهمَا تعلَّم هذه الأدلَّة فله أنْ يُعوِّل عليها فإنْ بان له أنَّه أخطأ مِن جهة القِبلة إلى جهة أُخرى مِن الجهات الأربع فينبغي أنْ يقضي> انتهى وهُو بَيِّنٌ واضح. فمَن كان في أميركا الشَّماليَّة فإنَّه يقطع بكونه في بلد يقع إلى الشَّمال الغربيِّ مِن مكَّة المُكرَّمة بدلالة النَّجم القُطبيِّ وعليه فإنَّ قِبلتَه إلى الجنوب الشَّرقيِّ بخلاف مَن أخطأ فتوجَّه إلى الشَّمال فإنَّه يكون ترك اعتبار موضعه مِن النَّجم القُطبيِّ فخرج عن الدِّلالة المُعتبرة بحسب الفُقهاء.
إيجاب العمل بالأدلَّة الهندسيَّة باطل
وبعدُ فإنَّه لم يذهب أحد مِن العُلماء المُعتبرين إلى القول بإيجاب النَّظر في الأدلَّة الهندسيَّة في معرفة القِبلة وقد سبق في كلام الونشريسيِّ بيان النَّهي عن جعل الآلات حاكمة على الأدلَّة الشَّرعيَّة وسبق في كلام الغزاليِّ بيان أنَّه رُبَّما يُزجر عن التَّعمق في العلوم الهندسيَّة في هذا الباب. ومهما اقترح المُخالفون مِن أفكار فتبقى أدلَّة الشَّرع كافية؛ ومِن هُنا يُعلم أنَّ كُلَّ تصوُّر في معرفة القِبلة مُؤدَّاه القول بوُجوب النَّظر في الأدلَّة الهندسيَّة هُو تصوٌّر ظاهر البُطلان لأنَّه مِن قبيل إيجاب ما لم يجب إجماعًا وليس لهُم في هذا الإيجاب سلف؛ بل السَّلف ومَن تبعهُم على خلاف هذا. وبكُلِّ حال فالأدلَّة الهندسيَّة تُفيد أنَّه -باعتبار المسير على سطح الأرض- فإنَّ أقصر الطُّرُق مِن أميركا الشَّماليَّة إلى مكَّة المُكرَّمة تمُرُّ مِن الشَّمال الشَّرقيِّ وأطول منها طريق تمُرُّ مِن الجنوب الشَّرقيِّ؛ فيُنظر في الطَّريقَين: أيُّهما المُعتبر بحسب أدلَّة القِبلة في الشَّرع فيُعتمد. فلمَّا علمتَ أنَّ أحدًا مِن الفُقهاء لم يُصرِّح أنَّ المُعتمد أقصر الطُّرُق باعتبار المسير على سطح الأرض؛ وعلمتَ أنَّ الكُلَّ مُجمعون على اعتبار دلالة النَّجم القُطبيِّ شرعًا؛ علمتَ أنَّ الطَّريق مِن الجنوب الشَّرقيِّ هي الصَّحيحة في اتِّجاه القِبلة لكونها مبنيَّة على ما يعتبره الشَّرع.
أدلَّة القِبلة لا تضارُب بينها تعامد الشَّمس ليس حُجَّة في البلاد البعيدة
وبعدُ فقد توهَّم بعض المُخالفين أنَّ تعامُد الشَّمس فوق الكعبة المُشرَّفة يصلُح للاحتجاج به في معرفة اتِّجاه القِبلة وذلك أنَّهم نظروا إلى الخريطة مِن جهة القُطب الشَّماليِّ فقاسوا عليها وكأنَّها خريطة مُسطَّحة ليس فيها تكوُّر بالمرَّة وليست الأرض كذلك ولكنَّها الغفلة والعياذ بالله تعالى. ويصلُح الاحتجاج بتعامُد الشَّمس فوق الكعبة المُشرَّفة في معرفة اتِّجاه القِبلة في البلاد القريبة مِن مكَّة دون البعيدة عنها وذلك لأنَّ تكوُّر شكل الأرض في البلاد القريبة لا يتسبَّب بما وقع به المُخالفون مِن قياس فاسد؛ ولو كانت الأرض مُسطَّحة دون أدنى تكوُّر لصحَّ القياس على التَّعامُد. وكذلك مِن فساد مذهب المُخالفين في الاحتجاج بتعامُد الشَّمس فوق الكعبة المُشرَّفة في معرفة اتِّجاه القِبلة أنَّ مذهبهم مُؤدَّاه تضارُب أدلَّة القِبلة وهُو ما ليس لهُم فيه سَنَد مُعتبَر؛ وقد فرح جاهلُهُم بما دلَّت عليه الشَّمس بحسب قياسه الفاسد وغفل عن أنَّ ذلك ناقض دلالة النَّجم القُطبيِّ. وقد علمتَ أخي القارئ أنَّ أدلَّة القِبلة لا تضارُب بينها؛ فمَن عَلِمَ جُملتها كمَن عَلِمَ بعضها، وقد سبق نقلنا أقوال الفُقهاء في الباب ومنهُمُ القرافيُّ حيث قال في [الذَّخيرة] في باب [الاجتهاد في القِبلة]: <وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا فَمَنْ عَلِمَ جُمْلَتَهَا كَمَنْ عَلِمَ وَاحِدًا مِنْهَا> انتهى. فلو صحَّ قياس المُخالفين على تعامُد الشَّمس فوق الكعبة لتضاربَتْ أدلَّة القِبلة ولكان كلام الفُقهاء في بيان هذه المسألة حشو لا طائل فيه ولا مزيَّة؛ وهذا البيان العلميُّ ممَّا لا جواب للمُخالفين عليه إلَّا العناد! فنسأل الله العظيم لهُمُ الهداية والرَّشاد.. والله المُستعان أوَّلًا وآخرًا.
العبرة بالجهة دُون الحاجة إلى الانحراف لتعديل المسار
وبعدُ فقد تبيَّن بما لا يدع مجالًا للشَّكِّ أنَّ الأدلَّة المُعتبَرة في الشَّرع تدُلُّ أنَّ اتِّجاه القِبلة في أميركَا الشَّماليَّة إلى الجنوب الشَّرقيِّ؛ فلا اعتبار لِمَا ناقض أدلَّة الشَّرع في كلام بعض مَن اشتغلوا بالهندسة فتوهَّموا الخطأ صوابًا أو بنَوا على ما لا ينبغي أنْ يُبتنى الحُكم الشَّرعي عليه. وقد أخطأ مَن استدلَّ برسم دوائر حول الكعبة لتحديد اتِّجاه القِبلة لأنَّ هذه الطَّريقة تصحُّ فيما لو كانت الأرض مُسطَّحة لا تكوُّر فيها بالمرَّة؛ ولكنَّها في الحقيقة تُشبه الكُرة وهذا يعني أنَّ لكُلِّ دائرة منها مركز مُستقل عن الآخر تقع جميعُها على خطٍّ مُستقيم واحد يمرُّ خلال الأرض. فيُعلم أنَّ مَن خالف إجماع عُلماء أهل السُّنَّة (في أنَّ الجنوب قِبلة أهل الشَّمال) وزعم أنَّ الاتِّجاه الصَّحيح مِن أميركا إلى مكَّة المُكرَّمة هُو الشَّمال الشَّرقيُّ فقد جعل مكَّة إلى شمال شرق أميركَا وجعل أميركَا إلى شمال غرب مكَّة! وهذا تناقُض عجيب لا يقبله صاحب عقل سليم. وسبب خلط أولئك أنَّهم أخذوا بمَا قرأوا في الكُتُب دُون تمييز الصَّحيح عن غيره وما في الكُتُب ممَّا يُخالف الصَّواب صادر عن بعض مَن قلَّد كلام الفلاسفة الكُفَّار أو عن بعض مَن تكلَّموا وَفق ذلك بدون أنْ يكونوا عاشوا في تلك النَّاحية البعيدة مِن شمال الأرض (كندَا وأميركَا). فلم يفهم المُخالفون أنَّ طريقتهُم في اتِّباع خطِّ الدَّائرة لا يستقيم في أميركَا وكندَا ومَن تكلَّم فيمَا يُوهم ذلك مِن العُلماء لم ينصُّوا صراحة على أنَّ الاتِّجاه الصَّحيح للقِبلة هُناك إلى الشَّمال وإنَّما كلامُهم مبنيٌّ على وُجودهم في بلاد لا يفصلها تكوُّر الأرض عن مكَّة كما يفصل أميركَا وكندَا. فالعبرة بالجهة دُون الحاجة إلى الانحراف لتعديل المسار، وليس بقِصَر المسافة، فمَن نصَّ على اتِّباع خطِّ الدَّائرة الكُبرى كلامه محمول على قُرب بلاده مِن مكَّة المُكرَّمة واتِّحاد الدَّائرة الكُبرى مع الخطِّ الثَّابت الزَّاوية وليس كمَا توهَّم أولئك المُخالفِين هداهُمُ الله إلى الصَّواب.
وقد تكلَّم بعضهُم في أنَّه لو قُدِّر وُجود نفق بين مُونتريال ومكَّة المُكرَّمة فإنَّه سيكون مُتَّجهًا إلى الشَّمال الشَّرقيِّ وهذه غفلة عظيمة فحتَّى الهندسة لا تقول ذلك إلَّا بالقياس إلى محور الأرض بينما المطلوب أنْ يكون القياس في الجهة الأصليَّة المستدل عليها بالنَّجم القُطبيِّ على سبيل المثال. فالنَّجم القُطبيُّ يظهر في تلك البلاد عاليًا واتِّجاه النَّفق المذكور كُلَّما اتَّجه إلى مكَّة المُكرَّمة فإنَّه يزداد بُعدًا عن القُطب الشَّماليِّ وهذه الحُروف على قلَّتها كافية في بيان أنَّ النَّفق المذكور يتَّجه مِن مُونتريال جنوب شرق إلى مكَّة المُكرَّمة ممَّا يُثبت أنَّ اتِّجاهه إلى الجنوب الشَّرقيِّ. وقد تعلم أخي القارئ أنَّ الهندسة لا تمنع الوُصول في مسار فوق الأرض إلى أيٍّ مِن الطَّريقَين ولكنَّ المُعوَّل عليه في أمر القِبلة هُو الدَّليل الشَّرعيُّ وقد سبق بيان أنَّ أدلَّة القِبلة لا تتضارب فلا يبقى لأُولئك المُخالفين شيء للاحتجاج به في هذا الحُكم الشَّرعيِّ والحمدلله ربِّ العالمين.
وقد تعلم أنَّ تكليف العامِّيِّ بتلك الحسابات الهندسيَّة حرج؛ والله تعالى لم يجعل ذلك في دينِنا كما قال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} فالهندسة فضلًا عن كونها تُثبت تعدُّد الطُّرُق في المسار فإنَّه لا يُطيقها كُلُّ أحد بينما تجب الصَّلاة على كُلِّ مُسلم بالغ عاقل طاهر. وفي ختام هذه السِّلسلة أدعو المُسلمين إلى التَّوجُّه إلى القِبلة في كندَا والولايات المُتَّحدة الأميركيَّة إلى الجنوب الشَّرقيِّ فإنَّه الاتِّجاه الصَّحيح المُوافق للأدلَّة الَّتي وضعها الشَّرع لمعرفة اتِّجاه القِبلة واللهُ مِن وراء القصد هُو يهدي السَّبيل وآخِر الكلام الحمدلله ربِّ العالمين.
نهاية هذه السِّلسلة مِن المقالات المُباركة بإذن الله تعالى.
|