www.sunnaonline.org

18- عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب - بصوت الشيخ جيل صادق الأشعري

 

 

 

شُرُوطُ الطَّهَارَةِ

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَصْلٌ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ هَذَا فَصْلٌ مَعْقُودٌ لِبَيَانِ شُرُوطِ الطَّهَارَةِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: شُرُوطُ الطَّهَارَةِ الإِسْلامُ وَالتَّمْيِيزُ وَعَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى الْمَغْسُولِ وَالسَّيَلانُ وَأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُطَهِّرًا بِأَنْ لا يُسْلَبَ اسْمَهُ بِمُخَالَطَةِ طَاهِرٍ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ وَأَنْ لا يَتَغَيَّرَ بِنَجِسٍ وَلَوْ تَغَيُّرًا يَسِيرًا. وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ اشْتُرِطَ أَنْ لا يُلاقِيَهُ نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَأَنْ لا يَكُونَ اسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ إِزَالَةِ نَجِسٍ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الطَّهَارَةِ عَنِ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ وَالأَكْبَرِ الإِسْلامَ فَالْكَافِرُ لا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ مِنَ الْحَدَثَيْنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّتِهِ وَالتَّمْيِيزَ فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ. وَيُسْتَثْنَى مِنِ اشْتِرَاطِ الإِسْلامِ لِلطَّهَارَةِ غُسْلُ الزَّوْجَةِ الْكَافِرَةِ بِلا نِيَّةٍ لِتَحِلَّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مِنْ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ بِلا نِيَّةٍ مِنْهَا فَالْكِتَابِيَّةُ عِنْدَمَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْحَيْضِ لِتَحِلَّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ لا تَنْوِي شَيْئًا ثُمَّ لَوْ أَسْلَمَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا إِعَادَةُ ذَلِكَ الْغُسْلِ. وَكَذَلِكَ غُسْلُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِلطَّوَافِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَذَا يُوَضِئُهُ وَلِيُّهُ لِلطَّوَافِ وَتَقُومُ نِيَّةُ الْوَلِيِّ مَقَامَ نِيَّةِ الطِّفْلِ.

 

وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ أَوِ الْمَمْسُوحِ كَالشَّحْمِ اللَّاصِقِ بِالْجِلْدِ الَّذِي يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إِلَيْهِ وَكَالَّذِي تَضَعُهُ النِّسَاءُ عَلَى أَظَافِيرِهِنَّ الْمُسَمَّى بِالْمَنَكِيرِ. وَأَمَّا الْوَسَخُ الَّذِي يَكُونُ تَحْتَ الأَظْفَارِ فَقَد اخْتُلِفَ هَلْ يَمْنَعُ صِحَّةَ الطَّهَارَةِ أَوْ لا وَقَدْ تَقَدَّمَ. أَمَّا مَا يَسْتُرُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ وَلا يَمْنَعُ الْمَاءَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْجِلْدِ فَلا يَضُرُّ كَالْحِبْرِ وَمَا يُسَمَّى بِالدَّوَاءِ الأَحْمَرِ وَالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهَا. وَيُشْتَرَطُ السَّيَلانُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ جَارِيًا عَلَى الْجِلْدِ بِطَبْعِهِ وَلا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَاطُرُ الْمَاءِ فَلَوْ جَرَى الْمَاءُ عَلَى الْجِلْدِ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ إِمْرَارِ الْيَدِ أَجْزَأَ فَلا يُجْزِئُ مُجَرَّدُ الْمَسْحِ الَّذِي لا يُسَمَّى غَسْلًا.

 

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُطَهِّرًا مُطْلَقًا يُطْلَقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِلا قَيْدٍ فَمَا لا يُسَمَّى إِلَّا مَاءَ الزَّهْرِ مَثَلًا لا يَكُونُ مُطَهِّرًا فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ هُوَ مَا يَصِحُّ إِطْلاقُ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِلا قَيْدٍ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَمَاءِ الْبَرَدِ وَالثَّلْجِ بَعْدَ أَنْ يَذُوبَا. وَمَا تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ مُخَالِطٍ أَيْ لا يَنْفَصِلُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ عَنْهُ بَعْدَ مُخَالَطَتِهِ مِمَّا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ فَلَيْسَ بِطَهُورٍ صَالِحٍ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ إِنْ كَانَ تَغيُّرُهُ بِهِ بِحَيْثُ يَسْلُبُ اسْمَ الْمَاءِ عَنْهُ أَيْ خَالَطَهُ طَاهِرٌ بِحَيْثُ غَيَّرَ لَوْنَهُ كَالْحِبْرِ أَوْ طَعْمَهُ كَالْعَسْلِ أَوْ ريِحَهُ كَمَاءِ الْوَرْدِ تَغْيِيرًا كَثِيرًا فَلَيْسَ مُطَهِرًا بِخِلافِ مَا لَوْ غَيَّرَهُ قَلِيلًا فَإِنَّهُ لا يُؤَثِّرُ أَيْ إِنْ كَانَ تَغَيُّرُهُ بِهِ بِحَيْثُ لا يَسْلُبُ عَنْهُ اسْمَ الْمَاءِ فَهُوَ طَهُورٌ تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ. وَلَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا بِمَا لا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ أَيْ يَشُقُّ أَوْ يَعْسُرُ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ كَالْمَاءِ الَّذِي مَقَرُّهُ فِيهِ مَعْدِنٌ مِنَ الْمَعَادِنِ كَالْكِبْرِيتِ فَمَهْمَا تَغَيَّرَ هَذَا الْمَاءُ بِهِ فَلا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُطَهِّرًا. وَكَذَلِكَ لا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِمَا لا يُخَالِطُ الْمَاءَ بَلْ يُجَاوِرُهُ كَالْمَاءِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ رَائِحَتُهُ بِالْعُودِ الصُّلْبِ الَّذِي لا يَتَحَلَّلُ فِي الْمَاءِ لِأَنَّ هَذَا الْعُودَ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ إِذَا وُضِعَ فِي الْمَاءِ لا يَنْحَلُّ مِنْهُ شَىْءٌ فِي الْمَاءِ فَإِذَا صَارَتْ رَائِحَةُ الْمَاءِ عَطِرَةً جَازَتِ الطَّهَارَةُ بِذَلِكَ الْمَاءِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ إِنْ كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ أَنْ لا يُلاقِيَهُ نَجِسٌ فَالْمَاءُ الَّذِي لاقَاهُ نَجِسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ كَالْبَوْلِ لَيْسَ بِطَاهِرٍ إِنْ كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ غَيَّرَهُ النَّجَسُ أَوْ لَمْ يُغَيِّرْهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلا يَضُرُّ مُلاقَاةُ النَّجَاسَةِ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِهَا أَيْ بِأَنْ يَظْهَرَ فِيهِ طَعْمُ النَّجَاسَةِ أَوْ لَوْنُهَا أَوْ ريِحُهَا. وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتُعْمِلَ مَاءٌ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ إِزَالَةِ نَجِسٍ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَانَ أَوْ لا فَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ لِلطَّهَارَةِ بِخِلافِ الْمَاءِ الَّذِي يَبْلُغُ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ طَهُورًا بِاسْتِعْمَالِهِ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ إِزَالَةِ نَجِسٍ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ أَيْ أَنَّهُ يَبْقَى طَهُورًا مُطَهِّرًا وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ. وَالْقُلَّتَانِ بِالْمُرَبَّعِ مَا تَسَعَهُ حُفْرَةٌ طُولُهَا ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ وَكَذَلِكَ عَرْضُهَا وَعُمْقُهَا وَبِالْمُدَوَّرِ مَا تَسَعَهُ حُفْرَةٌ عَرْضُهَا ذِرَاعٌ وَعُمْقُهَا ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ بِالذِّرَاعِ الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ نَحْوُ عَشْرِ صَفَائِحَ مِنَ الْمَاءِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَوْ كَانَ يَضُرُّهُ الْمَاءُ تَيَمَّمَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَزَوَالِ النَّجَاسَةِ الَّتِي لا يُعْفَى عَنْهَا.

 

الشَّرْحُ: مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ بِأَنْ فَقَدَهُ حِسًّا أَوْ مَعْنًى يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ. أَمَّا الْفَقْدُ الْحِسِّيُّ فَهُوَ أَنْ لا يَجِدَ الْمَاءَ مَعَهُ وَلا مَعَ رُفْقَتِهِ وَلا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَجِبُ الطَّلَبُ فِيهِ مِنَ الْمِسَاحَةِ وَهُوَ حَدُّ الْقُرْبِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي مَسَافَةٍ تَبْعُدُ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ فَإِنَّهُ لا يَجِبُ طَلَبُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَحَدُّ الْقُرْبِ قُدِّرَ بِنَحْوِ نِصْفِ فَرْسَخٍ فَمَنْ عَلِمَ وُجُودَهُ أَيْ عَلِمَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ وَاجِدًا لِلْمَاءِ فَلا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ. وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَتَأَكَّدْ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ بَلْ كَانَ عِنْدَهُ احْتِمَالٌ فَقَطْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي حَدِّ الْغَوْثِ وَهُوَ الْمَسَافَةُ الَّتِي يُسْمِعُ فِيهَا رُفَقَاءَهُ لَوْ نَادَى وَقُدِّرَتْ هَذِهِ الْمَسَافَةُ بِثَلاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ أَيِ الذِّرَاعُ مِقْدَارُ شِبْرَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَهَذَا يُعَدُّ فَاقِدًا لَهُ. وَأَمَّا الْفَقْدُ الْمَعْنَوِيُّ فَهُوَ كَأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ سَبُعٌ أَوْ عَدُوٌّ وَكَأَنْ يَحْتَاجَ الْمَاءَ لِشُرْبِهِ أَوْ لِشُرْبِ حَيَوَانِهِ الْمُحْتَرَمِ فَيَصِحُّ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ.

 

وَمَنْ تَيَمَّمَ بِدُونِ طَلَبٍ فَلا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [سُورَةَ الْمَائِدَةِ/6] وَأَمَّا الضَّرَرُ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَهُوَ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَنْ يَضُرَّهُ فِي جِسْمِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ طُولَ مَرَضِهِ أَمَّا مُجَرَّدُ الأَلَمِ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ فَلَيْسَ عُذْرًا إِذَا كَانَ لا يُعَقِّبُ ضَرَرًا. وَلا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَوْ تَيَمَّمَ لِلظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ إِنْ كَانَتْ بِبَدَنِهِ فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ. فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِسَبَبِ فَقْدِ الْمَاءِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: بِتُرَابٍ خَالِصٍ طَهُورٍ لَهُ غُبَارٌ.

 

الشَّرْحُ: التَّيَمُّمُ لا يَصِحُّ إِلَّا بِالتُّرَابِ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا مِنْ نَحْوِ الرَّمَادِ، وَأَنْ يَكُونَ طَهُورًا لا مُتَنَجِّسًا بِنَحْوِ بَوْلٍ وَلا مُسْتَعْمَلًا فِي تَيَمُّمٍ بِأَنْ يَكُونَ تَنَاثَرَ مِنَ الْعُضْوِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ فَإِنْ كَانَ اسْتُعِمَلَ لِلتَّيَمُّمِ بِأَنْ تَنَاثَرَ مِنَ الْوَجْهِ مَثَلًا فَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِلتَّيَمُّمِ مَرَّةً ثَانِيَةً. وَلا يُجْزِئُ الْحَجَرُ وَيُجْزِئُ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَفِي ذَلِكَ تَيْسِيرٌ وَفُسْحَةٌ فَيَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُقَلِّدَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ يُرَتِّبُهُمَا بِضَرْبَتَيْنِ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ فَرْضِ الصَّلاةِ مَعَ النَّقْلِ وَمَسْحِ أَوَّلِ الْوَجْهِ.

 

الشَّرْحُ: مَحَلُّ التَّيَمُّم ِالْوَجْهُ وَالْيَدَانِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ كَالْوُضُوءِ وَيُقَدِّمُ مَسْحَ الْوَجْهِ وُجُوبًا عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ. وَلا بُدَّ فِيهِ مِنَ النَّقْلِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّقْلُ إِلَى الْوَجْهِ بِنِيَّةٍ مُجْزِئَةٍ كَنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ فَرْضِ الصَّلاةِ. وَالنَّقْلُ مَعْنَاهُ تَحْوِيلُ التُّرَابِ إِلَى عُضْوِ التَّيَمُّمِ فَيَكُونُ مَرَّتَيْنِ عَلَى الأَقَلِّ. وَالَّذِي يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ ثَلاثَةُ أَشْيَاءَ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ وَرُؤْيَةُ الْمَاءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ وَالرِّدَّةُ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَصْلٌ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ هَذَا فَصْلٌ مَعْقُودٌ لِبَيَانِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالطَّوَافُ وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ وَمَسُّهُ وَيُمَكَّنُ مِنَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ لِلدِّرَاسَةِ.

 

الشَّرْحُ: الْحَدَثُ الأَصْغَرُ يُحَرِّمُ الصَّلاةَ وَلَوْ صَلاةَ جِنَازَةٍ. وَيُحَرِّمُ الْحَدَثُ أَيْضًا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إِنْ كَانَ طَوَافَ الْفَرْضِ أَوْ طَوَافَ التَّطَوُّعِ. وَيُحَرِّمُ أَيْضًا حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَكَذَلِكَ مَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْءَانِ لِلدِّرَاسَةِ وَلا يَحْرُمُ مَا كُتِبَ لِحِرْزٍ. وَكَذَلِكَ يُحَرِّمُ الْحَدَثُ مَسَّ الْمُصْحَفِ أَيْ وَرَقِهِ وَجِلْدِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَحَوَاشِيهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِ تَنَجُّسِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ مَسِّهِ وَحَمْلِهِ مَعَ الْحَدَثِ لِغَرَضِ الدِّرَاسَةِ وَالتَّعَلُّمِ فِيهِ لِمَشَقَّةِ دَوَامِ طُهْرِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا فَلا يُمَكَّنُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْ ذَلِكَ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ هَذِهِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ.

 

الشَّرْحُ: الْجُنُبُ يَزِيدُ عَلَى الْمُحْدِثِ حُرْمَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ وَلَوْ حَرْفًا مِنْهُ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا فَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ جَازَ لَهُ. وَيَزِيدُ أَيْضًا حُرْمَةَ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ أَوِ التَّرَدُّدِ فِيهِ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنِّي لا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلا جُنُبٍ» وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ. وَيُخَصُّ مِنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْجَنَابَةِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَعَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ هَذِهِ وَالصَّوْمُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ وَتَمْكِينُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَقِيلَ لا يَحْرُمُ إِلَّا الْجِمَاعُ.

 

الشَّرْحُ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَتَزِيدَانِ تَحْريِمَ الصَّوْمِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ أَمَّا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ فَيَحِلُّ لَهُمَا وَلَوْ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَتَحْريِمَ تَمْكِينِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ أَيْ سَيِّدِ الأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِلا حَائِلٍ أَمَّا بِحَائِلٍ فَيَجُوزُ. وَأَمَّا الْمُرُورُ فِي الْمَسْجِدِ كَأَنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ بَابَانِ يُدْخَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُخْرَجُ مِنَ الآخَرِ مِنْ دُونِ تَوَقُّفٍ وَلا تَرَدُّدٍ فَيَجُوزُ إِلَّا أَنْ تَخَافَا تَلْوِيثَهُ بِالدَّمِ، فَإِنْ أَمِنَتَا التَّلْوِيثَ كُرِهَ الْمُرُورُ.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب
الزيارات : 3035
التاريخ : 13/2/2014