www.sunnaonline.org

الرد على من يسمون القرءانيين

الحمد لله الموجود أزلا وأبدا بلا مكان المنزه عن الحدود والجسم والشكل مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الاتقياء.

 

فليعلم أن الحرام ما حرمه الله في كتابه، أو حرمه رسول الله عليه الصلاة وسلم في سنته، كما أن الواجب ما أوجبه الله أو أوجبه رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن زعم الإكتفاء بالقرآن الكريم والإستغناء به عن السنة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان في زعمه للإسلام واكتفائه بالقرءآن كاذباً. فقد أمر الله تعالى الأمة أن تتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به من عند الله، يقول الله في كتابه (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا) [النساء : 80]. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لو أن موسى بن عمران كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني". 

 

فالسنة النبوية الشريفة شارحة للقرءآن مبينة له، وقد تأتي منشئة للأحكام، لأنها وحي من الله تعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) [النجم:3، 4] فمن زعم الإكتفاء بالقرءآن لم يمكنه أداء الصلاة ولا إخراج الزكاة ولا الحج ولا كثير من العبادات التي ورد تفصيلها في السنة، فأين يجد المسلم في القرآن أن صلاة الصبح ركعتان، وأن الظهر والعصر والعشاء أربع، والمغرب ثلاث؟ وهل يجد في القرآن كيفية أداء هذه الصلوات، وبيان مواقيتها؟.. وهل يجد في القرآن أنصبة الذهب والفضة وبهيمة الأنعام والخارج من الأرض، وهل يجد بيان القدر الواجب إخراجه في ذلك؟ وهل يجد المسلم تفاصيل أحكام الحج من الطواف سبعاً وصفته وصفة السعي، ورمي الجمار والمبيت بمنى؟ إلى غير ذلك من أحكام الحج. وبهذا يعلم قطعاً أنه لا يمكن لأحد أن يكتفي بالقرآن لوحده دون السنة الشريفة الصحيحة.

 

وكذلك فالسنة تستقل بإيجاب بعض العبادات كزكاة الفطر، والوضوء من النوم لمن لم يكن مُمكـّن مقعدته. أو إيجاب الغسل من التقاء الختانين ولو بلا إنزال، وإيجابه بإسلام الكافر، وكوجوب غسل نجاسة الكلب سبعاً عند من أوجبه، إلى غير ذلك مما أوجبته السنة استقلالاً. وإن السنة تستقل بتحريم بعض الأمور أيضاً، ومن ذلك تحريم لبس الرجل للذهب والحرير، وتحريم نكاح المتعة. وتحريم أكل الحمر الأهلية وتحريم أكل كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير، وتحريم بيع المسلم على بيع أخيه وخطبته على خطبة أخيه، وتحريم التفاضل في الأصناف الستة، والأمثلة على ذلك كثيرة لمن تتبع أبواب الفقه.

 

ومن أعظم ما أحتج به أئمتنا على بطلان هذا المذهب وفساده، ما أخرجه البيهقي بسنده ‏عن شعيب بن أبي فضالة المكي أن عمران بن حصين رضي الله عنه ذكر الشفاعة، فقال ‏رجل من القوم: يا أبا نجيد إنكم تحدثوننا بأحاديث لم نجد لها أصلاً في القرآن، فغضب ‏عمران رضي الله عنه وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: فهل وجدت فيه صلاة ‏العشاء أربعاً، ووجدت المغرب ثلاثاً، والغداة ركعتين، والظهر أربعاً، والعصر أربعاً قال: ‏لا. قال: فعن من أخذتم ذلك؟ أخذتموه وأخذناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ‏ذكر أشياء في أنصبة الزكاة، وتفاصيل الحج وغيرهما، وختم بقوله: أما سمعتم الله قال في ‏كتابه (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) قال عمران: فقد أخذنا عن ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء ليس لكم بها علم" ‏.

 

وفي سنن ابي داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا صُرَدُ بْنُ أَبِي الْمَنَازِلِ قَالَ سَمِعْتُ حَبِيبًا الْمَالِكِيَّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَنَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ أَوَجَدْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً شَاةٌ وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا وَكَذَا أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَا قَالَ فَعَنْ مَنْ أَخَذْتُمْ هَذَا أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا.

 

وفي المعجم الكبير للطبراني: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَأَحْمَدُ بن زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا صُرَدُ بن أَبِي الْمُبَارَكِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بن أَبِي فَضَالَةَ الْمَكِّيَّ، قَالَ: لَمَّا بنيَ هَذَا الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْجَامِعِ، قَالَ: وَعِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ جَالِسٌ فَذَكَرُوا عِنْدَهُ الشَّفَاعَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ , لَتُحَدِّثُونَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلا فِي الْقُرْآنِ، فَغَضِبَ عِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ، وَقَالَ لِرَجُلٍ:"قَرَأْتَ الْقُرْآنَ؟", قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَجَدْتَ فِيهِ صَلاةَ الْمَغْرِبِ ثَلاثًا، وَصَلاةَ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا، وَصَلاةَ الْغَدَاةِ رَكْعَتَيْنِ، وَالأُولَى أَرْبَعًا، وَالْعَصْرُ أَرْبَعًا؟ , قَالَ: لا، قَالَ: فَعَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا الشَّأْنَ؟ , أَلَسْتُمْ أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا، وَأَخَذْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوَجَدْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَفِي كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً، وَفِي كُلِّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا، أَوَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ؟ , قَالَ: لا، قَالَ: فَعَمَّنٍ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ أَخَذْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذْتُمُوهُ عَنَّا، قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" [الحج آية 29] وَجَدْتُمْ هَذَا طُوفُوا سَبْعًا، وَارْكَعُوا رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ، أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ؟ عَمَّنْ أَخَذْتُمُوهُ؟ أَلَسْتُمْ أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا، وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَوَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ لا جَلَبَ وَلا جَنَبَ وَلا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ "لا جَلَبَ وَلا جَنَبَ وَلا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ", أَسَمِعْتُمُ اللَّهَ، يَقُولُ لأَقْوَامٍ فِي كِتَابِهِ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرٍ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 43] حَتَّى بَلَغَ {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]، قَالَ حَبِيبٌ "أَنَا سَمِعْتُ يَقُولُ الشَّفَاعَةَ".

 

وفي المستدرك: فحدثناه أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي، ببغداد، ثنا محمد بن خليفة العاقولي عنبر، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا عقبة بن خالد الشني، ثنا الحسن، قال: بينما عمران بن حصين يحدث، عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال له رجل: يا أبا نجيد، حدثنا بالقرآن، فقال له عمران «أنت وأصحابك يقرءون القرآن ، أكنت محدثي عن الصلاة وما فيها وحدودها ؟ أكنت محدثي عن الزكاة في الذهب والإبل والبقر وأصناف المال؟ ولكن قد شهدت وغبت أنت»، ثم قال «فرض علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة كذا وكذا» وقال الرجل: أحييتني أحياك الله. قال الحسن: فما مات ذلك الرجل حتى صار من فقهاء المسلمين. عقبة بن خالد الشني من ثقات البصريين وعبادهم، وهو عزيز الحديث، يجمع حديثه فلا يبلغ تمام العشرة.

 

وفي الأخير ننبهه إلى خطأ وخطر تسمية منكري السنة بالقرآنيين!! فما هم ‏بقرآنيين، ولو كانوا كذلك لما أنكروا ما أوجب الله اتباعه، بل هم زنادقة وأهل زيغ وخـُسران، حفظنا الله من الزلل والزيغ والضلال. ءامين

رابط ذو صله :
القسم : مقالات وردود شرعية
الزيارات : 3744
التاريخ : 17/12/2013